تجمع حي السل

تجمع حي السل

الدولة : سوريا
المدينة : درعا

حي السل في درعا معاناة فلسطينية لا تنتهي

في قلب مدينة درعا، يتربع حي السل كشاهد صامت على سنوات من المعاناة، تحيط به أحياء الكاشف وشمال الخط ومخيم درعا، حيٌّ يحمل بين جنباته قصصاً من الدمار والصمود، حيث تتداخل مآسي الحرب مع إصرار الناس على الحياة، عند زيارتك لهذا الحي، يصدمك مشهد المباني المهدّمة، والجدران المتصدعة، والشوارع التي تحولت إلى ركام، لكن الأكثر إثارة للدهشة هو أن الحياة لا تزال مستمرة هنا، رغم كل شيء. 


في قلب مدينة درعا، يتربع حي السل كشاهد صامت على سنوات من المعاناة، تحيط به أحياء الكاشف وشمال الخط ومخيم درعا، حيٌّ يحمل بين جنباته قصصاً من الدمار والصمود، حيث تتداخل مآسي الحرب مع إصرار الناس على الحياة، عند زيارتك لهذا الحي، يصدمك مشهد المباني المهدّمة، والجدران المتصدعة، والشوارع التي تحولت إلى ركام، لكن الأكثر إثارة للدهشة هو أن الحياة لا تزال مستمرة هنا، رغم كل شيء. 


التسمية والنشأة 

سُمي الحي بـ "السل" نسبةً إلى المركز الصحي القديم الذي كان موجوداً فيه، وهو من الأحياء العريقة في درعا، لكن تاريخه الحديث ارتبط بالنزوح والمعاناة، خاصة بعد أن استقبل عدداً كبيراً من الفلسطينيين الذين خرجوا من مخيم درعا بسبب ظروف الحرب، ومن بين العائلات الفلسطينية التي سكنت الحي: عائلة الغزاوي، العجوري من غزة، زريقي، رستم، الطويل من حيفا، مشيلح من اجزم، الراشد، الندى، أبو رقطي من عين غزال، تهتموني، عقاب، بالإضافة إلى عائلات سورية نازحة من مناطق أخرى


يوميات 

كان حي السل أحد أكثر الأحياء تضرراً خلال الحرب السورية، نظراً لقربه من مخيم درعا الذي شهد معارك عنيفة، وقد تحول الحي إلى ساحة قتال بين الأطراف المتصارعة، فتعرض لقصف عنيف أدى إلى تدمير معظم بنيته التحتية، ولا تزال العديد من المباني غير صالحة للسكن حتى يومنا هذا، لكن الضغوط الاقتصادية والنزوح أجبرت العائلات على البقاء فيها، رغم خطر الانهيار الذي يهددها في أي لحظة، وقد اعتبر هذا الحي حتى لحظة التحرير مربعا أمنيا، ولعل حاجز "مراد" سيئ الصيت الذي يعرفه أبناء المحافظة خير دليل على ما عاناه قاطنوه من مشكلات، ولاسيما الاعتقال لأتفه الأسباب، ولعل حادثة اعتقال الشاب الفلسطيني "سامر عادل عمر" عام 2014 من قبل هذا الحاجز دون معرفة السبب الكامن وراء ذلك الاعتقال وخروجه من صيدنايا بعد سنين، لهو خير دليل لما كان يلقاه الفلسطينيون من قبل المليشيات المستوطنة هذا الحي ولاسيما الشباب، الأمر الذي جعل كثيراً من العوائل تهجر هذا الحي، واليوم مازال الفلسطينيون والسوريون في حي السل يعيشون لحظات التحرير التي أكدت على أنّ أصحاب الأرض هم الذي يبقون فيما يفنى الظالمون ولا يبقى لهم أثر سوى تلك الحواجز التي باتت اليوم عينا على أثر، هرب "مراد" ومن معه من مليشيات فيما يستعد كثير من الفلسطينين ومنهم "سامر" للعودة للحي بعد سنوات عجاف ليؤكدوا انهم أصحاب الحق .


انعدام الخدمات 

من أبرز المشكلات التي يعانيها سكان الحي هي أزمة المياه، حيث تعرضت شبكة التغذية لأضرار بالغة، واختلطت مياه الشرب بمياه الصرف الصحي، مما تسبب في حالات تسمم عديدة، وعلى رغم بعض المحاولات الإسعافية لإصلاح الشبكة، إلا أن الحلول ظلت مؤقتة، في حين أن الأهالي يطالبون باستبدال الشبكة بالكامل، ولكن لا حياة لمن تنادي، أما الكهرباء فهي شبه معدومة خصيصاٍ في هذا الحي، إذ تعاني المحولات من أعطال متكررة، مما يترك الحي في ظلام دائم.

"أبو دلال" ٣٥سنة أشار إلى أن المحولة الكهربائية في الحي انفجرت مراراً وتكراراٍ، معزياً السبب لكثرة التحميل، فيما تقف ورشات الإصلاح ومؤسسة الكهرباء عاجزة عن إيجاد حل جذري لهذه المشكلة التي جعلت الأهالي لا يجدون أمامهم من حل إلا اللجوء إلى ألواح الطاقات لتأمين الإنارة فيما لجؤوا لتأمين التدفئة والطبخ للحطب أو بوابير الكاز او المازوت، أما جرة الغاز فهي توضع للحلول الاضطرارية نتيجة لأسعارها المرتفعة جداً التي كانت قبل تحرير سوريا تصل إلى ما يقارب 700 ألف ليرة سورية اما اليوم فقد هبط سعرها إلى ما يقارب 250ألف، ويبقى هذا الرقم كبيراً في نظر كثير من العائلات الفلسطينية التي تسعى لإيجاد لقمة عيشها أولا وقبل كل شيء، فيما تتحول باقي الأشياء لكماليات يمكن العيش دونها .


الواقع التعليمي

 بالنسبة للتعليم، فإن المدرسة الوحيدة في الحي، تُدعى مدرسة زبيدة، وهي مدرسة حكومية، تعرضت للتدمير منذ بداية الثورة السورية، وخرجت عن الخدمة، مما اضطر الطلاب إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى مدارس في أحياء أخرى مثل الكاشف أو مدارس وكالة الأونروا التي نقلت مدارسها التي كانت في مخيم درعا إلى مناطق أخرى، مثل مدرسة طبرية في حي الكاشف، ورغم كل الظروف الصعبة فهناك طلبة جامعيون ومعلمون وأطباء ومهندسون، منهم الأستاذ علاء مشيلح من قرية اجزم بفلسطين، وهو مدرس انجليزي معروف بثقافته العالية ومهارته التدريسية التي يشهد لها أهل الحي، وكذلك المربية الفاضلة عصرية الندى التي تعمل مدرسة رياضة في مدارس الوكالة، ومن الموظفين الأستاذ فهد عقاب الذي يعمل مع زوجته في المركز الثقافي بدرعا، إضافة إلى عدد من المهندسين والأطباء والصيادلة، وهذا ما يؤكد على أن الفلسطينين لم يكونوا يوما عالة على البلدان التي لجؤوا إليها بل كانوا ولازالوا جزءا أصيلا وفاعلا في تلك الدول .

 فايز أبو عيد – مجموعة العمل 



تصدير المحتوى ك PDF

إضافة محتوى