الشهيد شفيق إبراهيم طه العلي
الشهيد شفيق إبراهيم طه العلي
وُلد الشهيد شفيق إبراهيم طه العلي عام 1959 في مخيّم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، القريب من الحدود اللبنانية – الفلسطينية. في بيئة المخيم نشأ وترعرع، حيث تابع دراسته الابتدائية والثانوية، وتفتّحت مداركه الوطنية مبكرًا، متأثرًا بواقع اللجوء وقضية شعبه العادلة.
منذ طفولته، برز انتماؤه الوطني وحبّه لفلسطين، فالتحق في سنّ صغيرة بـ فصيل أشبال فلسطين، وكان مثالًا للالتزام والانضباط. تدرّج في العمل الكشفي حتى تولّى موقع مفوّض منطقة صور في جمعية الكشافة والمرشدات الفلسطينية، حيث أظهر صفات القيادة والاجتهاد. عُرف بتديّنه وأخلاقه الطيبة، الأمر الذي جعله قدوة لأقرانه وزملائه.
على المستوى الكشفي، مثّل الشهيد فلسطين في أكثر من مخيّم كشفي عربي وأوروبي، كان أبرزها في فنلندا والكويت وتونس وليبيا وقطر، وذلك قبل عام 1982. وخلال مسيرته الكشفية تعرّض لمحن صعبة، حيث أُسِر عام 1974 مع مجموعة كشفية أثناء توجههم بحرًا إلى ليبيا للمشاركة في مخيم كشفي. كما اعتُقل مجددًا عام 1975 خلال حرب الجبل على أيدي الجيش السوري، وبقي في الأسر مدة ستة أشهر مع مجموعة من أشبال فلسطين/فتح.
مع تطلّعه للعلم، التحق عام 1980 بـ الجامعة العربية في بيروت، حيث درس في كلية الهندسة المعمارية. في تلك الفترة، انخرط في النشاط الطلابي، منتسبًا إلى المكتب الطلابي في حركة فتح، جامعًا بين مسيرته العلمية ونضاله الوطني.
عند اجتياح العدو الإسرائيلي للبنان عام 1982، انخرط الشهيد شفيق في المواجهات البطولية، وكان في الصفوف الأمامية في منطقة الدامور، حيث سطّر أروع صور المقاومة. وفي تلك المعركة ارتقى شهيدًا بعد أن جسّد إيمانه الراسخ بقضية وطنه واستعداده للتضحية في سبيلها.
لكن الخبر لم يصل إلى عائلته مباشرة، إذ إن المجموعة التي عادت من المواجهة سالمة أخفت عن أهله خبر استشهاده، فبقيت والدته تعيش على أمل اللقاء به. راحت تبحث عنه في كل مكان محتمل؛ في المستشفيات والسجون والمعتقلات، علّها تجد أثرًا له. غير أن فقده ترك في قلبها صدمة كبيرة، أضعفت قواها وهزّت جسدها.
وبعد سنتين من استشهاده، جرى دفنه في مقبرة الشهداء في بيروت، لكن والدته لم تتمكن من حضور مراسم الدفن بسبب إقفال الطرقات من قبل أحزاب موالية للصهيونية آنذاك.
إلى جانب نضاله الوطني، عُرف الشهيد شفيق بحبّه للمساجد وارتباطه بالجانب الديني والروحي، كما كان من الذين ساهموا في تأسيس الأندية الرياضية ذات البعد الإسلامي التربوي والدعوي، جامعًا بين التربية الدينية والنشاط الشبابي والرياضي، في سبيل بناء جيلٍ مؤمنٍ وملتزمٍ بقضيته.
لقد رحل الشهيد شفيق العلي، لكن مسيرته بقيت شاهدة على جيل فلسطيني حمل الأمانة منذ الصغر، آمن بالوطن والقيم، وجسّدها بالعلم والعمل والكشافة والمقاومة، حتى قدّم روحه فداءً لفلسطين.
تصدير المحتوى ك PDF