تجمع اليادودة
هي قرية سورية تقع في سهل حوران جنوب محافظة درعا، تبعد عن مدينة درعا مسافة 5 كيلومتراتٍ إلى الغرب، تحدُّها من الجنوب ناحية مركز درعا، وتحدها من الشمال بلدة المزيريب، ومن الشرق بلدة عتمان، ومن الغرب قرية خراب الشحم والأردن.
يبلغ عدد سكَّانها حوالي 16000 نسمة، تعني التسمية معاني عدة منها الودود، الكثير الحب، أو المحبوب.
جذور متأصلة وعلاقات متشابكة
من خلال حوارنا مع عدد من الفلسطينيين والسوريين في قرية اليادودة، تبيّن لنا أن الوجود الفلسطيني في القرية يعود إلى ما قبل نكبة عام 1948، فقد استقرت في القرية عدة عائلات فلسطينية، معظمها يحمل اليوم الجنسية السورية، مثل عائلات الغانم، والغزاوي، والنابلسي، والخطيب.
تعود أصول عائلة الغانم إلى عائلة الشيخ غانم الكبيرة في فلسطين، والتي هاجرت من قرية قاقون في قضاء طولكرم، أما عائلة النابلسي، فتنحدر من قرية صرّة في نابلس، ومع ذلك، فإن هناك أمراً مثيراً للدهشة يتعلق بهذه العائلات، حيث ظلت بعض الأسر محتفظة بأصولها الفلسطينية، بينما حصلت عائلات أخرى على الجنسية السورية.
يقول محمد النابلسي (50 عاماً)، أحد أبناء فلسطينيي اليادودة: "أولاد عمي الذين يسكنون على يساري في البلدة ما زالوا فلسطينيين، بينما أصبح أولاد عمي المقيمين على يميني سوريين"، مضيفاً أن نسبة الفلسطينيين من عائلة النابلسي في اليادودة قليلة مقارنة بأقاربهم السوريين المنتمين لنفس العائلة.
وتشهد عائلة الغانم حالة مشابهة، حيث تضم خليطاً من السوريين والفلسطينيين، وصلت درجة القرابة بينهم إلى مستوى الأخوة، ومن العائلات الأخرى التي حافظت على أصولها الفلسطينية عائلة أبو ترابي (المكنّاة بالحسين)، وعائلة عقل الشلالدة التي تعود أصولها إلى بلدة سعير في الخليل، بالإضافة إلى عائلة اطرير، وكلتاهما من الفلسطينيين الأردنيين، كما يقيم داخل مخيم النازحين عدد من العوائل الفلسطينية، كعائلة عقلة وعائلة عثمان، وهناك عائلة عقاب والقرقطي.
ويبلغ عدد الفلسطينيين في اليادودة حوالي 200 فرد، وهو عدد قليل مقارنة بالتجمعات الفلسطينية الأخرى. ويرجع ذلك إلى موجات النزوح الكبيرة التي شهدتها القرية بسبب موقعها القريب من حواجز قوات النظام السوري، ومع تحرير المنطقة وعودة الأمل ببناء سورية حرة، يتطلع الفلسطينيون إلى عودة النازحين والمهجرين، مما قد يعيد الوجود الفلسطيني في القرية إلى سابق عهده.
الموقع والجغرافيا
هي قرية سورية تقع في سهل حوران جنوب محافظة درعا، تبعد عن مدينة درعا مسافة 5 كيلومتراتٍ إلى الغرب، تحدُّها من الجنوب ناحية مركز درعا، وتحدها من الشمال بلدة المزيريب، ومن الشرق بلدة عتمان، ومن الغرب قرية خراب الشحم والأردن.
يبلغ عدد سكَّانها حوالي 16000 نسمة، تعني التسمية معاني عدة منها الودود، الكثير الحب، أو المحبوب.
جذور متأصلة وعلاقات متشابكة
من خلال حوارنا مع عدد من الفلسطينيين والسوريين في قرية اليادودة، تبيّن لنا أن الوجود الفلسطيني في القرية يعود إلى ما قبل نكبة عام 1948، فقد استقرت في القرية عدة عائلات فلسطينية، معظمها يحمل اليوم الجنسية السورية، مثل عائلات الغانم، والغزاوي، والنابلسي، والخطيب.
تعود أصول عائلة الغانم إلى عائلة الشيخ غانم الكبيرة في فلسطين، والتي هاجرت من قرية قاقون في قضاء طولكرم، أما عائلة النابلسي، فتنحدر من قرية صرّة في نابلس، ومع ذلك، فإن هناك أمراً مثيراً للدهشة يتعلق بهذه العائلات، حيث ظلت بعض الأسر محتفظة بأصولها الفلسطينية، بينما حصلت عائلات أخرى على الجنسية السورية.
يقول محمد النابلسي (50 عاماً)، أحد أبناء فلسطينيي اليادودة: "أولاد عمي الذين يسكنون على يساري في البلدة ما زالوا فلسطينيين، بينما أصبح أولاد عمي المقيمين على يميني سوريين"، مضيفاً أن نسبة الفلسطينيين من عائلة النابلسي في اليادودة قليلة مقارنة بأقاربهم السوريين المنتمين لنفس العائلة.
وتشهد عائلة الغانم حالة مشابهة، حيث تضم خليطاً من السوريين والفلسطينيين، وصلت درجة القرابة بينهم إلى مستوى الأخوة، ومن العائلات الأخرى التي حافظت على أصولها الفلسطينية عائلة أبو ترابي (المكنّاة بالحسين)، وعائلة عقل الشلالدة التي تعود أصولها إلى بلدة سعير في الخليل، بالإضافة إلى عائلة اطرير، وكلتاهما من الفلسطينيين الأردنيين، كما يقيم داخل مخيم النازحين عدد من العوائل الفلسطينية، كعائلة عقلة وعائلة عثمان، وهناك عائلة عقاب والقرقطي.
الواقع السكاني
يبلغ عدد الفلسطينيين في اليادودة حوالي 200 فرد، وهو عدد قليل مقارنة بالتجمعات الفلسطينية الأخرى. ويرجع ذلك إلى موجات النزوح الكبيرة التي شهدتها القرية بسبب موقعها القريب من حواجز قوات النظام السوري، ومع تحرير المنطقة وعودة الأمل ببناء سورية حرة، يتطلع الفلسطينيون إلى عودة النازحين والمهجرين، مما قد يعيد الوجود الفلسطيني في القرية إلى سابق عهده.
تحديات
معاناة فلسطينيي اليادودة
خلال حوارنا مع خالد الغانم (45 عاماً)، أحد أبناء فلسطينيي اليادودة، أكد أن القرية تعاني من شحّ المياه، خاصة خلال فصل الصيف. وأوضح أن السكان يلجؤون إلى الصهاريج كبديل عن شبكة المياه، والتي تصل تكلفتها إلى 220 ألف ليرة سورية لكل صهريج، يتم تعبئة هذه الصهاريج من قرية نهج المجاورة، رغم وجود محطة ضخ مياه في اليادودة، إلا أن الواقع المائي للقرية ما يزال متردياً.
كما أن الكهرباء تُعدّ أحد أبرز التحديات التي تواجه السكان منذ بداية الثورة السورية عام 2011. ولا يزال أهالي القرية يعتمدون على الأساليب التقليدية للإضاءة، مثل مصابيح الغاز السائل، أو وحدات الطاقة الشمسية الصغيرة التي تُستخدم لتشغيل الأجهزة الأساسية مثل التلفاز. ومع ذلك، فإن ألواح الطاقة الشمسية تتطلب بطاريات باهظة الثمن، والتي غالباً ما تكون ذات جودة منخفضة ولا تتجاوز عمرها الافتراضي سنة واحدة، مما يضطر السكان إلى استبدالها مرات عديدة، مما يزيد من تكاليف المعيشة.
أما بالنسبة للخبز، فقد اشتكى أحد المواطنين من أن الخبز الذي كان يتم توزيعه عبر المندوب قبل سقوط نظام الأسد كان ذا جودة سيئة ووزن خفيف، أما اليوم، فقد تحسنت جودة الخبز، لكن البطاقة الذكية المخصصة للحصول عليه لا تعترف إلا بالزوج والزوجة من الفلسطينيين، فيما يُحرم الأبناء، مما يزيد من معاناة العائلات الفلسطينية.
التعليم
الواقع التعليمي
لا تحتوي قرية اليادودة على أي مدارس تابعة لوكالة "الأونروا"، حيث تقع أقرب مدرسة تابعة للوكالة في بلدة المزيريب، التي تبعد حوالي 4.5 كيلومترات لذلك، يلتحق الطلبة الفلسطينيون بالمدارس السورية في اليادودة، والتي تتوفر بكثرة، مما ساهم في ارتفاع نسبة المتعلمين والخريجين بين الفلسطينيين.
على سبيل المثال، تُعتبر عائلة عبد الفتاح الغانم نموذجاً للتفوق العلمي، حيث يحمل جميع أفرادها شهادات جامعية، ومنهم يوسف عبد الفتاح الغانم، الحاصل على دكتوراه في علم النطق من مصر، كما يُعد غسان أحمد الحسين خريج كلية العلوم، وإبراهيم أحمد الحسين خريج أدب إنجليزي، بالإضافة إلى عدد كبير من الخريجات اللواتي يُظهرن مدى الاهتمام الكبير بالتعليم لدى فلسطينيي اليادودة.
ويُضاف إلى ذلك وجود عدد من المعلمين الذين عملوا في مدارس وكالة "الأونروا"، مثل الأستاذ علاء عقل الشلالدة، الذي درّس الأدب العربي، والأستاذ فيصل عقاب، المعروف بـ "أبو بشير"، الذي شغل منصب مدير في إحدى مدارس الوكالة سابقاً، ويُدير اليوم روضة أطفال في اليادودة.
معلومات إضافية
حكاية النزوح والحرب ومحمود قرقطي
كانت قرية اليادودة من أوائل القرى التي انطلقت منها شرارة الثورة ضد نظام البعث، وقد دفع سكانها ثمناً باهظاً من دماء أبنائهم ودمار منازلهم ورحلة النزوح القسرية، حاول النظام البائد بكل الوسائل خلق انقسامات داخل المجتمع بين الفلسطينيين والسوريين وأهالي مخيم النازحين، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل، حيث حافظ المجتمع على تماسكه ووحدة نسيجه الاجتماعي.
تعرضت اليادودة لقصف عنيف بالبراميل المتفجرة والقذائف المتكررة، وبسبب قربها من مدينة درعا، حيث كانت قوات النظام تتمركز، اضطر العديد من الأهالي إلى النزوح إلى القرى المجاورة. كما أن إغلاق الطريق الوحيد الذي يربط اليادودة بدرعا لسنوات طويلة زاد من معاناة السكان، خاصة الطلبة الجامعيين الفلسطينيين، الذين كانوا يضطرون لسلوك طرق بديلة تستغرق ساعات طويلة بدلاً من عشر دقائق فقط.
أما حكاية الشهيد محمود قرقطي، فهي قصة مؤلمة تروي معاناة الشباب تحت حكم النظام، اعتقل محمود لأول مرة في اليادودة عام 2011، ثم أُطلق سراحه ليعاد اعتقاله عام 2014 في ضاحية اليرموك بدرعا، وكان سبب اعتقاله هذه المرة بسيطاً: الاحتفال مع أصدقائه بعد انتهاء امتحانات البكالوريا، حيث مرّ بهم أحد عناصر النظام المعروف بـ "أبو جعفر"، فقام باعتقالهم دون سبب سوى الفرحة التي كانت تعلو وجوههم.
استشهد محمود، لكن ذكراه بقيت حية في قلوب من عرفوه، يروي أحد المعتقلين الذين كانوا معه قصة طريفة عن محمود، حيث ذهب مرة لاستخراج هويته الشخصية، فرفض الموظف تسجيل لون عينيه بالأزرق، مدعياً أن العيون الزرقاء "مخصصة لبشار الأسد فقط"، وتم تسجيل لون عيني محمود بالأخضر بدلاً من ذلك.
وأخيرا نقول: هكذا كانت الحياة في سورية تحت حكم الأسد: نظام يتحكم بأنفاس الناس ويحرمهم من أبسط حقوقهم، حتى الفرحة كانت جريمة، أما اليوم، فقد أصبح بإمكان كل فلسطيني وسوري أن يرفع رأسه عالياً ويقول: "أنا حر"، وأن يحلم بمستقبل أفضل لأطفاله وأحفاده.
الوضع الصحي
الواقع الصحي
يوجد في اليادودة مركز صحي يقدم خدمات محدودة، تتركز في معظم الأحيان على برامج التلقيح، إلا أن هذا المركز، كغيره من المراكز الصحية والمستشفيات في مناطق المحافظة الريفية، يعاني من نقص حاد في المستلزمات الطبية الأساسية.
كما يفتقر المركز إلى سيارة إسعاف، مما يعيق نقل المرضى في الحالات الطارئة ويزيد من خطر الوفاة أو تفاقم المضاعفات الصحية بسبب التأخير في تلقي العلاج.
يعتمد فلسطينيو اليادودة بشكل رئيسي على المركز الصحي التابع لوكالة "الأونروا" في بلدة المزيريب، الذي يبعد حوالي 4.5 كيلومترات. وفي حالات أخرى، يضطر السكان للسفر إلى المدن الكبرى لتلقي الرعاية الصحية، وذلك في ظل ظروف معيشية صعبة، وقد طالب العديد من الفلسطينيين في القرية بتفعيل فرق طبية جوالة تابعة لـ "الأونروا"، مثل العيادات المتنقلة، لتقديم خدمات صحية مباشرة في القرية وتقييم الواقع الصحي للسكان.
حكاية النزوح والحرب ومحمود قرقطي
كانت قرية اليادودة من أوائل القرى التي انطلقت منها شرارة الثورة ضد نظام البعث، وقد دفع سكانها ثمناً باهظاً من دماء أبنائهم ودمار منازلهم ورحلة النزوح القسرية، حاول النظام البائد بكل الوسائل خلق انقسامات داخل المجتمع بين الفلسطينيين والسوريين وأهالي مخيم النازحين، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل، حيث حافظ المجتمع على تماسكه ووحدة نسيجه الاجتماعي.
تعرضت اليادودة لقصف عنيف بالبراميل المتفجرة والقذائف المتكررة، وبسبب قربها من مدينة درعا، حيث كانت قوات النظام تتمركز، اضطر العديد من الأهالي إلى النزوح إلى القرى المجاورة. كما أن إغلاق الطريق الوحيد الذي يربط اليادودة بدرعا لسنوات طويلة زاد من معاناة السكان، خاصة الطلبة الجامعيين الفلسطينيين، الذين كانوا يضطرون لسلوك طرق بديلة تستغرق ساعات طويلة بدلاً من عشر دقائق فقط.
أما حكاية الشهيد محمود قرقطي، فهي قصة مؤلمة تروي معاناة الشباب تحت حكم النظام، اعتقل محمود لأول مرة في اليادودة عام 2011، ثم أُطلق سراحه ليعاد اعتقاله عام 2014 في ضاحية اليرموك بدرعا، وكان سبب اعتقاله هذه المرة بسيطاً: الاحتفال مع أصدقائه بعد انتهاء امتحانات البكالوريا، حيث مرّ بهم أحد عناصر النظام المعروف بـ "أبو جعفر"، فقام باعتقالهم دون سبب سوى الفرحة التي كانت تعلو وجوههم.
استشهد محمود، لكن ذكراه بقيت حية في قلوب من عرفوه، يروي أحد المعتقلين الذين كانوا معه قصة طريفة عن محمود، حيث ذهب مرة لاستخراج هويته الشخصية، فرفض الموظف تسجيل لون عينيه بالأزرق، مدعياً أن العيون الزرقاء "مخصصة لبشار الأسد فقط"، وتم تسجيل لون عيني محمود بالأخضر بدلاً من ذلك.
وأخيرا نقول: هكذا كانت الحياة في سورية تحت حكم الأسد: نظام يتحكم بأنفاس الناس ويحرمهم من أبسط حقوقهم، حتى الفرحة كانت جريمة، أما اليوم، فقد أصبح بإمكان كل فلسطيني وسوري أن يرفع رأسه عالياً ويقول: "أنا حر"، وأن يحلم بمستقبل أفضل لأطفاله وأحفاده.
المصادر والتوثيق
فايز أبو عيد | مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا
تصدير المحتوى ك PDF