تجمع حي البسطة

تجمع حي البسطة

الدولة : لبنان
المدينة : بيروت

جنين القاضي

تجمع حي البسطة في بيروت يُعدّ من الأحياء التاريخية والمكتظة بالسكان، ويقع في قلب العاصمة اللبنانية.  يُعرف الحي بتنوعه السكاني، حيث يضم سكانًا من خلفيات لبنانية وفلسطينية.  بعد نكبة عام 1948، لجأ العديد من الفلسطينيين إلى لبنان واستقروا في مناطق مختلفة، بما في ذلك حي البسطة، حيث شكلوا جزءًا من النسيج الاجتماعي للمنطقة. 

يقع تجمع الفلسطينيين في حي البسطة داخل العاصمة بيروت، في منطقة شعبية تنقسم إلى قسمين: البسطة الفوقا والبسطة التحتا. يُعد هذا الحي من الأحياء التاريخية والعريقة في بيروت، ويتميز بكثافة عمرانية عالية وموقع مركزي يربطه بمناطق مثل المصيطبة، البربير، زقاق البلاط، والنويري. تمر فيه عدة طرق رئيسية، ما يسهل التنقل منه وإليه، لكنه في الوقت نفسه يعاني من الاكتظاظ والضغط الخدمي.

الوجود الفلسطيني في حي البسطة ليس ناتجًا عن إنشاء مخيم رسمي، بل بدأ منذ نكبة عام 1948، عندما لجأ آلاف الفلسطينيين إلى لبنان واستقر عدد منهم في أحياء بيروت. اختار بعضهم البسطة بسبب قربها من مركز المدينة وسهولة الوصول إلى مصادر الرزق. مع مرور الوقت، أصبح هذا التجمع شبه دائم، وتوسعت فيه العائلات الفلسطينية التي عجزت عن العودة أو الانتقال إلى مناطق أخرى.

الفلسطينيون في البسطة يعانون من واقع قانوني هش، فهم محرومون من التملك، ويواجهون قيودًا كبيرة في سوق العمل اللبناني، إذ يُمنع عليهم العمل في العديد من المهن التي تتطلب عضوية في النقابات. هذا الأمر يجعل معظمهم يعمل في مهن غير رسمية ذات دخل محدود وغير مستقر. كما يعيشون غالبًا في بيوت مستأجرة، قديمة ومتهالكة، ضمن بيئة سكنية مكتظة وبنية تحتية مهترئة.

حي البسطة لا يشهد حضورًا فعّالًا لمؤسسات الإغاثة مثل "الأونروا"، ما يعني أن الفلسطينيين هناك يعتمدون بشكل شبه كامل على الخدمات اللبنانية العامة، والتي تعاني هي نفسها من أزمات مزمنة. المدارس القريبة لا تستوعب الجميع، والمراكز الصحية محدودة أو مكلفة، ما يدفع الكثير من العائلات إلى تأجيل العلاج أو الاعتماد على الجمعيات الصغيرة والمبادرات الأهلية. الكهرباء والمياه تشهد انقطاعات متكررة، ولا توجد شبكات صرف صحي حديثة، مما يزيد من الأعباء الصحية والبيئية.

في شهر نوفمبر 2024، تعرضت منطقة البسطة الفوقا لغارة جوية إسرائيلية استهدفت مبنى سكنيًا، ما أدى إلى مقتل 11 شخصًا وإصابة 23 آخرين، من بينهم فلسطينيون. هذا الحدث شكّل صدمة كبيرة لسكان الحي، خصوصًا أن المنطقة لم تكن في السابق هدفًا مباشرًا للصراع. أدى القصف إلى تدمير واسع في البنية السكنية، ونزوح عدد من العائلات، وتدهور الأوضاع النفسية والمعيشية للسكان، خاصة في ظل غياب أي جهة رسمية توفر تعويضًا أو دعمًا طارئًا.

يمثل حي البسطة نموذجًا لتجمع فلسطيني غير رسمي في مدينة بيروت، حيث يعيش الفلسطينيون في ظل ظروف صعبة من الناحية القانونية، والخدمية، والمعيشية. وعلى الرغم من موقعه الحيوي في قلب العاصمة، فإن الفلسطينيين في هذا الحي يعيشون نوعًا من الإقصاء الصامت، بلا تمثيل قانوني، ولا رعاية كافية، وفي بيئة حضرية لا تعكس الاستقرار الذي يبحثون عنه منذ أكثر من سبعة عقود.



تصدير المحتوى ك PDF

إضافة محتوى