رواية من المخيم - مخيم الحصن / مخيم الشهيد عزمي المفتي


مذكرات السيد عبد القادر الشامي في مخيم الحصن الجزء 2

الماء 

كان اعتماد سكان المخيم في البداية على ماء الحنفيات ...اذ تم ايصال المياه الى حواري المخيم .. بواسطة شبكة مجمعة مكونة من 6 او 8 حنفيات تخدم كل حارة بحيث تغطي معظم حواري المخيم ، وكانت النساء تذهب في الصباح والمساء لتوفير المياه الى البيت عن طريق ملء زير المياه والسطول وكل ما يمكن ملئه لتلبية احتياجات البيت من طبخ وغسيل ونظافة .. الخ 

كان الماء يأتي كل يوم لمدة ساعة او أكثر في الصباح والمساء  من خزان الماء الرئيسي أعلى المخيم .. - كان هذا الخزان يعبأ من مياه السلطة ليتم تزويد المخيم منه كل يوم في الصباح والمساء خلال الأسبوع - ، ولك ان تتخيل المعاناة التي تعانيها النساء في جلب المياه كل يوم على رؤوسهن بالسطول والجرار لتملأ البراميل وزير الماء واباريق الفخار ، اذ كان الزير هو الثلاجة التي يشرب منها الناس الماء البارد .

في الصيف .. كانت معانة الماء تتضاعف نظرا لقلة المياه .. وكانت كل الحنفيات في المخيم تقطع ما عدا حنفيات الستة عشر ( 16 )  اسفل المخيم – بلوك 1 من جهة شارع اربد عمان والتي يتم تشغيلها في الظروف الطارئة في فصل الصيف حين تندر المياه بسبب كثرة الاستعمال نتيجة ارتفاع درجات الحرارة ، وكان الازدحام شديدا والناس كأسراب النمل تسير من ممر واحد نظرا لصعوبة الأرض فهي منحدر صخري .

كانت كل امرأة تحمل على رأسها جرة او تنكة يتبعها اولادها الصغار .. وكبير الحظ من يكن عنده حمار او بغل ينقل عليها الماء .. والصياح والصراخ تسمعه من بعيد ، واحيانا اصوات السطول فعندها تعلم ان حربا قد دار رحاها بين النساء على الدور ، وفي كثير من الأحيان يذهب الناس الى الحصن لشراء الماء ... بقي الأمر كذلك الى ان تم ربط المخيم بشبكة المياه الحكومية فأصبح الحال مريحا بكثير ..

وكان الزير ثلاجة اهل المخيم يعتمدون عليه في شرب المياه الباردة ، وكان أهالي المخيم يلفونه بأكياس الخيش كي يحافظ على برودة الماء فترة من الزمن وخاصة بشهر الصيف ، بالإضافة الى ابريق الفخار  

استمر الوضع لغاية  1980 ثم تم ربط المخيم في شبكة المياه الحكومية شبكة اليرموك، واصبحت المياه في كل منزل ، وبقي ابريق الفخار وكذا الشربة رفيقة المسافر والعامل في عمله والمزارع في مزرعته لا غنى عنها لكي يشرب ماء باردا .

والشربة كانت اصغر من ابريق الفخار وله رقبة اصغر من رقبة ابريق الفخار ؛ ولكنه بلا أنبوب وبلا مقبض،  يتم الشرب من باب الشربة مباشرة .

اما الاستحمام فكان امام الغرفة وعلى مرأى من المارة ، وكان حفلة واي حفلة فيه الصياح نتيجة الدعك بالليفة الخشنة والصابون النابلسي اذ لم  يكن في ذلك الوقت شامبو ، وكان الأمر اشبه بمعركة بين الطفل وأمه او اخته الكبيرة نتيجة شدة الدعك بالليفة الخشنة اصلا ..

كيف تدبر سكان المخيم امورهم ؟

في بداية تأسيس المخيم تم حصر سكان المخيم واعطاء كل عائلة كرت مؤن فيه كافة المعلومات عن كل عائلة ، يتم ابرازه عند كل مراجعة لأي خدمة من خدمات الوكالة ، بالإضافة الى رمزيته كإثبات حق في فلسطين ، وعليه فقد كانت الوكالة تقوم بصرف مواد غذائية لكل عائلة شهريا تتكون من مواد غذائية مختلفة ومعلبات من سكر ورز وسمنة – لم يكن الزيت النباتي معروفا- بالإضافة الى المعلبات المختلفة من سردين وتونة واللحمة البقرية البلوبيف ، مرة كل شهر .

كانت عملية استلام المؤن معاناة ليس بعدها معاناة ... تحتاج الى استنفار كل افراد العائلة في ذلك اليوم ..

استلام علب اللحمة – البلوبيف 

كان استلام المؤن يوما مشهودا في حياة الأهالي ، اذ يتوجب عليهم الذهاب باكرا الى مكان توزيع المؤن لتسليم الكرت والانتظار لحين المناداة على الأسماء ، وكان البعض من الأهالي يبيع ما يستلمه او يبيع جزء منه خاصة اذا كان لا يحبه اولاده .. واسوأ ما كان يتم توزيعه هو السمنة ..

كما كانت وكالة تشغيل اللاجئين الأونروا تساعد السكان من خلال تسليم ملابس – البقج – للأهالي بالإضافة الى تسليم المحروقات ، وكان تسليم البقج يوما مشهودا يحمل كل واحد بقجته الى البيت وهناك تكون المفاجأة اذ تكون محتوياتها لا تناسب اي فرد من افراد العائلة ، عندها يبدأ السكان بالتبادل مع بعضهم البعض ، واحيانا يتم التعديل عليها او عمل حقائب مدرسية  منها او تدويرها من خلال طحنها وعملها مخدات وفرشات او جنابي ...

لكن اهالي المخيم لم يقفوا مكتوفي الأيدي لتوفير سبل المعيشة لهم ولعوائلهم بل بدأ الكثير منهم  في البحث عن عمل لذلك ، كل حسب مهنته وما يعرف ، لكن نظرا لأن معظم اهالي المخيم لا يملكون شهادات والكثير ليس عنده مهنة اشتغل الكثير من اهالي المخيم في زراعة الخضروات الصيفية ، وذلك باستئجار اراضي زراعية من اصحابها من سكان الحصن ، وكانت الزراعة تشمل الفقوس والبطيخ والشمام والبامية واللوبيا واليقطين والكوسا والخيار ، وقد ساعدت خصوبة الأرض ووفرة الأمطار سكان المخيم في العمل بالزراعة  ..

ومن اشهر المحصولات التي اهتم بها السكان زراعة البصل ، فقد كانت بكميات تجارية تغطي نسبة كبيرة من السوق الاردني .

وفي فصل الربيع تنتشر النساء والأولاد لتلقيط العكوب والخبيزة واللوف والجعدة والخنيصرة والسنيرية والجلثون [1]من اراضي المخيم والحصن وكتم .، وكان العكوب مع الخبيزة اكلات رائجة يطلبها الجميع ولا زالت ،  وبالرغم من اني لم أكن احبها الا ان الجميع يتلذذ في اكلها بل ان سعر الكيلو منها قد يصل هذه الأيام احيانا الى خمسة دنانير .

ولغاية اليوم لا زالت امي والجارات يتحدثن عن قصص العكوب والسير مسافات طويلة للبحث عن العكوب ، ومن ثم بيعه او طبخة .

نبات العكوب الأكلة المشهورة

كما ذكرت كان الكثير من اهالي المخيم يشتغلون في الزراعة ومنهم والدي اذ كانت المهنة الاساسية للوالد ، ومنذ بداية سكن الأهالي في المخيم اخذوا يبحثون عن اصحاب الاراضي لضمانها اي زراعتها مقابل مبلغ من المال عن كل دونم ، وكان الدونم في بداية الأمر بنصف دينار ، ضمن الوالد قطعة من الأرض تبلغ ثلاثون دونما ، زرعناها مختلف المحاصيل الصيفية .

كانت الأرض خصبة والبركة موجودة والنفوس طيبة تساعد العوائل بعضها ، يتكاتفون في الزراعة والأفراح والاتراح ، وكنا نبيع المحاصيل اما على شارع اربد عمان او في حواري المخيم ، فبمجرد ما تبدأ الخضار بالإنتاج ويبدأ قطف الثمار كنا نبني خصا قريبا من الأرض نبيع فيه المحصول للمارة على طريق اربد عمان ، والحال موجودا لغاية الآن ففي فصل الصيف تكثر المعرشات على الشارع الرئيسي .

ومن حسن الحظ كنت انا واخواني ندرس في فترتين فمن يكن دراسته مساءً يذهب إلى الأرض صباحا وعندما يحين موعد دخوله المدرسة يذهب إلى المدرسة فتكون ملابسه وريحته كلها زراعة ، ثم يذهب من دراسته صباحا .

في سنة 1975 نجحت اختي في الثانوية العامة ، وكانت السعودية في ذلك الوقت تعيّن مدرسات من حملة الشهادة الثانوية  فذهب الوالد الى السعودية مرافقا لأختي، فاضطرت امي الى اخذ مساحات من الأرض اصغر من السابق ، واقرب الى المخيم ، فأخذت عشرة دونمات جنوب خط اربد عمان ، ولصغر مساحة الأرض فقد تفننت امي في تشكيل زراعتها من بطيخ وشمام وباميا الأكلة المفضلة ولوبيا وفقوس وكوسا ويقطين وذرة ونبات المكانس لعمل المكانس.

كانت امي توقظنا قبل صلاة الفجر للذهاب الى الأرض قبل بدء الدراسة لإنجاز بعض الأعمال من توضيب وكبرتة للمحصول خاصة اذا كان الندى غامرا ، ثم بعد ذلك يذهب الى المدرسة من يكن فترته صباحية ، حقا لقد كانت الزراعة شاقة وتحتاج الى جهد كبير .

يبدأ موسم الزراعة بتجهيز الأرض بحراثتها على التراكتور وتنظيفها من الأحجار وبقايا النبات من السنة الماضية ، ويتنظر المزارعين الى شهر 3 - اذار / مارس للبدء في حراثة الأرض مرة ثانية على التراكتور ، وهنا تبدأ قصص أخرى بين سائق التراكتور  واصحاب الأراضي ومنهم أمي ، فالكل يريد من الحراث ان يغرس سكة المحراث في الأرض لقلبها وتنعيمها ، حتى ان بعض المزارعين كان يجلس على المحراث فيبدأ سائق التراكتور بالصياح والتوقف للمفاهمة خاصة اذا كانت الأرض صخرية .

كنت اذهب مع امي الى منزل السيد عدنان عباسي ابن ابو عودة صاحب الأرض لضمانتها ودفع مبلغ الضمان قبل البدء بأي عمل في الأرض / وبعد ذلك يتم حراثة الأرض على التراكتور قبل موسم الشتاء كي تستقبل الأرض المطر وتخزنه لحين قدوم موسم الزراعة ، ثم الانتظار الى نهاية شهر 2 وبداية شهر 3 لحرثها مرة ثانية .

في منتصف شهر 3 يبدأ المزارعين بتقطيع الأرض وتجهيزها للزراعة ( تثليمها ) ،  وهذه تتم بواسطة الحراثة على الفرس او البغلة ، وكان في البداية باستخدام المحراث الخشبي قبل تطويره ليحل المحراث من الحديد محل محراث الخشب .

كان لعمي عبدالله الشامي ابو ابراهيم دكانة يبيع الحطب والفحم فيها لأهل المخيم  ، اذ كانت له دكان صغيرة على اطراف بلوك 2 من جهة بلوك 1 ، قريب من مركز توزيع المؤن .

كنا نصحى بين الفينة والفينة على صوت المهباش والوالد يحلو له استخدامه احيانا لطحن القهوة ، اذ كان كل يوم في الصباح لا بد له من عمل القهوة العربية يشغل بها وقته .

كان رحمه الله دائما يشتري القهوة حب من السوق ، واحيانا كان يوصي عليها من الخليج ، يصحى باكرا ويشعل النار تحت المحماسة يحمي القهوة عليها حتى تصبح شقراء او غامقة حسب نوع القهوة الصباحية  التي يريدها ..

وبعد ان يتغير لونها يحضر مطحنة القهوة اليدوية ويبدأ في طحنها على رواق كمن يتغزل بها .

ثم يقوم بعمل القهوة بالدلة على موقد الحطب الى ان تجهز ثم يسكبها في بكرج القهوة ، وكان لدى الوالد  العديد من بكارج القهوة القديمة والحديثة من البورسلان الازرق والأبيض ، والويل اذا جاء احد الأبناء واعطاه الفنجان بالشمال عندها تثور ثائرته ويعطي درسا في العادات والتقاليد ..

ولا يأتي الساعة السابعة صباحا حتى تكون القهوة جاهزة سواء أجاءه ضيوف ام لا  ، ولا يحلو له شرب القهوة الا بفناجين القهوة الصيني الموردة حاله حال جميع من هم في سنه، وكان لديه المهباش والذي يحلو له احيانا ان يدق عليه بدقات موسيقية مع التصفيق ابتهاجا بتلك الدقات والتي افتقدناها بعد ذهاب اكابرنا ، وعمل القهوة ليست ابتداعا من والدي بل ان معظم كبار بالسن من الأقارب والجيران كانوا يعملون القهوة .

 كما اعتمد قسم من اهالي المخيم على رعاية الأغنام وتربية الأبقار وبيع الحليب ؛ اذ كان كل عائلة ترسل أغنامها  الى اطراف المخيم من جهة الغرب لتلحق بالراعي حيث المراعي الخضراء ، وفي المساء يستقبل كل ذي صاحب غنم غنمه

 واشتغل بعض اهالي المخيم بصناعة المكانس وبيعها للجيران والمحلات ، وكان لها عزا في وقتها ، وكانت تزدهر هذه المهنة  في الصيف مع الزراعة الصيفية .

وبعضهم فتح محل كوي للملابس ثم انتشرت المحلات وتنوعت ، وبذل الآباء والأمهات كل ما يستطيعون لتأمين لقمة العيش لصغارهم كي يتابعوا تعليمهم ، ومن المخيم تخرج الدكتور والمهندس والأستاذ والمسّاح ، ومن الشباب من التحق بالمراكز المهنية وتعلّم صنعة له ... وكانت اداة الكوي وقتها من الحديد تحمى على البريموس .

وقد انخرط الكثير من الشباب في السلك العسكري والأمني بالإضافة الى سفر الكثير من ابناء المخيم الى بلدان العالم المختلفة كألمانيا والخليج والبرازيل .

وكان في المخيم سيارتين تنقل الركاب من اربد الى المخيم وبالعكس سيارة ابو ايمن شكول وابو قاسم وكانت سيارة ابو ايمن مرسيدس 190 وسيارة ابو قاسم اقدم منها لم اعد اذكر موديلها لكن كنا نسميها القرقعة ، بالإضافة الى باصين كبار باص ابو خالد وباص ابو درويش عليهم رحمة الله ، وكان الشركة التي تسيّر الباصين هي شركة باصات عرابة جنين ، ولكن لم يستمر الحال طويلا اذ دخلت على الخط الباصات الصغيرة الأهلية .

وكم كانت فرحة الجميع في المساء يتجمعون على الفانوس يتعشّون على قلة ، يتحدثون عن مغامراتهم واعمالهم ، والأولاد يلعبون في الحارة مع اقرانهم ، والأم ترسل من ينادي على الأولاد كي يتجمع الجميع على العشاء ، فلا أكل الا اذا تجمع الجميع ، واذا كان هناك هريسة او نمورة فلا يتم الأكل الا بحضور الجميع ، وكان ولله الحمد للأب هيبته ، وحصته تحفظ له ويقدّم له قبل أي فرد من العائلة ، واذا كان زوار او ضيوف للعائلة فلا تأكل النساء والأطفال الا بعد ان يأكل الرجال وينتهوا من أكلهم ، وما تبقى يأكله الأطفال والنساء ، رحم الله تلك الأيام .

كانت العائلة تجلس على صينية واحدة يأكلون منها لا صحون ولا خلافه ، فكانت البركة في الطعام يأكل الجميع ويحمدون الله  ، نعم صحن واحد يجمعنا نأكل منه فكانت القلوب على بعضها ، نغمس الخبز بالمرق ونأكل لا يعيب احد على الآخر ، ثم نجلس بعد ذلك نشرب الشاي من يدي أختي الكبيرة فيكون له طعم خاص لأنه يأت بعد يوم عمل ، وفي الشتاء يجمعنا الكانون نتدفأ عليه ونشرب الشاي ونتجاذب الحديث ، ومن عليه دراسة  او واجبات يخرج كتبه ويبدأ بالدراسة ، ومن يجد صعوبة يسأل حتى ابناء الجيران ، كان كل الأولاد يسألوني فأجيب هكذا كنا قلوبا متآلفة ، يساعد الجار جاره في المنشط والمكره.

وكان في المخيم البناء والدهان والكهربائي والسائق ، وكان بعض سكان المخيم عنده سيارة وبغلة يسوقها ويحضر عليها اغراضا من المدينة يبعها في المخيم .

هبت النار من عكا للطيرة

كمشة صغار ربيوا عالحصيرة

وهاي صاروا كبار وما نسيوش الديرة

ومين اللي ينسى فلسطين الجنة

 وكان من اهالي المخيم من عنده بغلة يحضر عليها الكاز في الشتاء للتدفئة ولازال الاسم يلاحقهم وينادونهم ابن ابو الكاز او ابنة ابو الكاز، وفي الصيف يحولها الى عربة يبيع عليها الخضار .

وكان من الأهالي من يملك حصانا  يحرث عليها في موسم الزراعة ، والذي يبدأ من شهر 3/ مارس الى شهر يوليو / 7 ، اذ كان الحصان ولا زال الوسيلة الرئيسة لتقطيع الأرض اي ما يسمى ( تثليمها اثلام ) لزراعة الخضار الصيفية المتنوعة .

وكان من عادة الأهالي طحن الحبوب التي يحصلوا عليها بعد الحصاد مثل العدس والقمح بواسطة المطحنة القديمة علما ان بعض الأهالي كانوا الى الحصن لطحنها على وابور الطحين .

وقبل الجرش كانت امي مع نساء الحي تغربل القمح حتى تنظّفه من الحذرب والزغب والقش

وبعضهم كان يمتهن عمل القفف لعمال البناء والزراعة

وكان جارنا ابو خالد الله يرحمه واولاده فتحوا محل لتأجير الدراجات الهوائية –  البسكليت – مقابل ( تعريفة ) وهي عملة تعادل نصف القرش اي 5 فلسات ، كون محلهم كان على الشارع مقابل النادي ومدرسة الأولاد ، ولا زلت اتذكر ام خالد وهي تدخن السيجارة على الجنب ، وكذا اولادها عبدالرحيم ومحمد وخالد وبناتها ، ولا زالت اختهم ام رامي تسكن في المخيم لغاية اليوم ، وكان التأجير على الوقت .

لم يكن الأمر يخلو من المشاكل اليومية من تأخر في تسليم البسكليت ، واحيانا كانت تحصل حوادث دهس لأطفال او يقع الطفل الذي يستأجر البسكليت والتي قد تتطور  حتى تصل الى الجهات الحكومية او الأمنية ، وقد تؤدي في احيان كثيرة الى مشاكل كبيرة بين العائلات ، ونتيجة لذلك انتشرت في المخيم ايضا محلات تصليح البسكليت وقطع غيارها .

وفي الصيف تستنفر جهود اهالي المخيم للعمل في موسم الحصيدة ، إذ كان معظم زارعي القمح يحصدون القمح والشعير ، ويقلعون العدس والحمص بالإعتماد على الأيدي العاملة من المخيم  ، فيعمل اهالي المخيم صغاراً وكباراً في الحصيدة ، خاصة وانه يأتي مع العطلة المدرسية ، وكنا نذهب في الصباح للحصيدة ولا نعود الا بعد الظهيرة نحمل القمح ويؤذينا الهسهس او الفسفس وكذا صراصير الصيف والجنادب.

وكانت امي كغيرها  من النساء تستعين على قضاء اشهر الشتوية بتنشيف الباميا في فصل الصيف ، فتشتري كميات من الباميا الصغيرة وتجففها ثم تربطها بالخيط  مع بعضها بواسطة الإبرة ثم يتم تعليقها في مكان مكشوف على جدار احد الغرف .

وكذلك كانت نساء المخيم  تنشف الملوخية، فتشتري في موسمها كميات كبيرة يشترك الجميع بتقطيف الورق عن العيدان ، ثم تفردها على السدر او على مفرش كبير حتى تجف ، وتقطيف الملوخية كان له شأن في اللعب وخاصة الصغار فتزعل امي وتصيح عليهم مهددة.

ثم تتركها حتى تجف  ..

وحين تجف تفركها ثم تحفظها في مرطبان زجاجي او من البلاستيك

وتعمل امي جاهدة ايضا على توفير انواع عديدة من الحبوب المتنوعة من قمح وفول وحمص وعدس مجروس وصحيح وفريكة ، ووضعها في مرطبانات بانتظار الشتاء .

 وتتخذ النساء من عمل مكبوس الزيتون ومكدوس الباذنجان والخيار وكذا الفقوس دلالة على المهارة في اعداده ، فهذه تتفاخر وتلك تشيد .

اما  البندورة فكانت نساء المخيم تعمل  منها على طريقتين الأولى التنشيف ، والثانية عمله صلصة البندورة او رب البندورة .

تبدأ امي بالتجهيز لعمل صلصة او رب البندورة منذ الصباح ، فتذهب الى السوق ومعها حشد من الأخوة والأخوات لشراء اكبر كمية من البندورة بأسعار رخيصة ، وتكون قبل ذلك قد اعدت لها عدة من الحطب والطناجر ، ثم تقوم بهرسها وتصفية الماء ثم وضعها على النار حتى تجمد ثم توضع في سدر كبير ثم في مرطبانات .

اما التجفيف فيتم تقطيع البندورة الى اربعة اجزاء او اكثر ثم توضع في الشمس مع الملح حتى تجف ثم توضع في مرطبان ايضا .

بالإضافة الى الأجبان بأنواعها المختلفة وخاصة الجبنة النابلسية ..