رواية من المخيم - مخيم الحصن / مخيم الشهيد عزمي المفتي


مذكرات السيد عبد القادر الشامي في مخيم الحصن الجزء 3

التعليم

كان في المخيم بداية 4 مدارس اثنتين للذكور واثنتين للإناث من الابتدائي ولغاية الثالث الاعدادي او العاشر بلغة اليوم ، وكانت الدراسة على فترتين صباحية ومسائية للجميع ، نظرا للعدد الكبير من الطلبة ولغاية الآن .

التحقت بالمدرسة في الصف الأول الابتدائي في المخيم بالرغم إني درست الصف الأول في كريمة ، لكني لم انهيها لظروف الحرب ، رفضت الدخول إلى الصف الاول وطلبت بشدة أن ادخل الصف الثاني ، وبقيت اكثر من اسبوعين اهرب ولا ادخل الصف  حتى جاء إلى البيت الأستاذ فهد وهو ابن خالتي واقنعني بالكلام الحلو والتهديد فدخلت اخيراً الصف الأول ، وأمضيت فترة وكلما سألني الأستاذ من اين اتيت إلى المخيم ؟ اقول له : من مأدبا والبرازيل ... فيقول :أف من البرازيل .. ، فأقول له : انها قرية من قرى مأدبا تقع بالقرب من منجا وأم العمد ، وهي قرى مشهورة بخصوبة اراضيها لا البرازيل بلد كورة  القدم.

كانت المدارس في البداية من الخيم نتلقى فيها العلم بأنواعه، وكانت الأرضية من الباطون .. استخدمها اولاد المخيم بلعب كرة التنس والمسابقة بعد الاستغناء عنها ...

كنا نذهب بلباس متواضع يتوارث عادة من الكبار للصغار ، وكنا نلبس البنطلون وبه اكثر من رقعة ، وقد كنا نخجل منه ولم نكن ندري انه سيصبح يوما ما موضة يلبسها بكل فخر الشباب والشابات .

مدرسة

وبالرغم من ان الدراسة كانت في الخيم إلا ان التصميم والعزم كان حاضراً في المنافسة بين الطلاب، كنا نستلم الدفاتر والكتب والقرطاسية بداية  كل فصل ، وكات الشنطة وقتها من القماش الذي كنا نستلمه من البقج وكنا نسميها شنطة الخريطة تحمل على الكتف ، والعجيب انها اليوم اصبحت موضة اراها على اكتاف الفتيات والشباب .

وكانت الوكالة تسلم الطلاب دفاتر واقلام رصاص ومحايات في بادئ الأمر ، ولكن بعد فترة اختفت هذه الظاهرة ، وكان الدفتر الأخضر الكبير علامة بارزة في ايدي الطلبة .

كانت الدراسة تبدأ وبعد فترة تجد الكتب اصبح نصفها والنصف الآخر ذهب مع الدراسة ، وكذا الحال مع الدفاتر ، لأن في ذلك الوقت لم يكن تجليد الكتب دارجا ، واذكر في احدى الزيارات التفتيشية اعطاني الاستاذ كتاب عربي جديد حتى يراه المفتش .

كان نظام التدريس شديدا ، وكان العقاب لمن لم يحل واجبه حاضرا يختلف من استاذ الى استاذ وعلى حسب الجرم ، فمن انواع العقاب الفلقة والوقوف امام الصف رافعا اليدين مع رفع احدى القدمين ، ولكن العقاب الأشد كان ضرب العصا او الخيزران ، وكان بعض المدرسين يضرب بالمسطرة الخشبية على ظهر اليد وتكون المسطرة على حرفها وهذه اشد ايلاما من الضرب على بطن اليد ، وكان لكل استاذ عصاه المشهورة ، وان كان الأمر شديدا يتم استدعاء ولي امر الطالب الى غرفة المدير ، وفي المرات النادرة كان يرفع امر الطالب الى المدير عندها سيكون العقاب الأشد ، وقد استمرت الدراسة في الخيم لفترة بسيطة لا تتجاوز السنة ، ثم انتقلنا الى غرف من الخشب ، ثم بعد ذلك بُنيت على نمط مدارس الوكالة والوانها المعروفة الازرق والأبيض .

المدارس كانت عبارة عن غرف محمولة تصطف على شكل دائرة يتوسطها غرف الإدارة وساحة للعب والطابور الصباحي ..بالإضافة إلى غرفة خدمات فيها المغاسل والحمامات ، وكان امام الغرف طريق من الباطون بعرض متر للسير عليه والانتقال من صف الى صف او الذهاب للإدارة والخدمات.

في الصف كان الطلاب يجلسون على مقاعد خشبية ، وكان كل ثلاثة طلاب يجلسون على مقعد دراسي واحد ، وكانت الصفوف مزدحمة ، وكان الاستاذ يرتب الطلاب حسب الطول ، وعليه فقد كنت دائما في الصفوف الخلفية ، كانت المدرسة مصدر تعليم وكان الاستاذ يعطي افضل ما عنده ، وكان يكثر من الواجبات والعقاب الشديد ينتظر من لا يحفظ ولا يحل الواجب .

 

وفي المساء  كنا نتجمع مع اخوتي واخواتي حول الفانوس او اللوكس للدراسة ، وحل الوظائف وتحضير الدروس ، وعلى كأسة شاي كانت تحضرها امي وهي مبتسمة كأنها تنظر للمستقبل فترى فيه نجاح اولادها ..

الطابور الصباحي كان اكثر شيء يزعج الطلبة والمدرسين نظرا التناحر بين الطلاب على الوقوف في الصف الأول ، وكان بعض الطلاب يأتي الى المدرسة باكرا حتى يقف في الصف الأول .

ايام الدراسة كانت جميلة وتكون اجمل حين تدرس مع زميل لك سواء في بيته ام بيتك  خاصة ايام الامتحانات بالرغم من صغر الغرف ، وبعد الدراسة كنا نذهب للعب في الحارة  مع اولاد الحارة.

أيام الامتحانات كنا نخرج في وقت العصر نسير بين البساتين على الطريق الترابي يحمل كل واحد منا كتابه يقرأ فيه استعدادا للامتحانات سواء الفصلية ام النهائية ، وكانت تحيط بنا الورود بألوانها ، نستمتع بأصوات الطيور، وكنا احيانا نميل الى المزارع وحقول القمح نلقّط الجلثون والسعيسعة ، وكان يطول بنا المشوار حتى نقطع مسافة الكيلومترات ، وقد ينتهي المشوار بطبخة خبيزة او علكة حين العودة في المساء..

 

وبالرغم من ظروف الحياة الصعبة الا ان التنافس في الدراسة كان على اشده ، فالكل يريد ان يتعلم والآباء يحثون أبناءهم على الدراسة وبذل الجهد ، وكانت العقوبة من المدرسين متضاعفة ، واولياء الأمور لا يكترثون بل يشدون على ايدي المدرسين بعكس هذه الأيام ..والبنات كذا الحال .

كان اللوح الصفي من الخشب ومدهون باللون الأسود او الأخضر يستخدم للشرح واعطاء الواجبات في جميع الصفوف في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين سواء للذكور او الاناث ، وكنا اسعد ما نكون يوم الخميس لأننا نخرج من المدرسة في الحصة الرابعة.

كان اثقل يوم علينا كطلاب هو يوم السبت لأنه يأتي بعد عطلة الجمعة وتكون الواجبات كثيرة تأخذ حتى عطلة الجمعة للكتابة وحل الواجبات ، وكان افضل الأيام لدينا هو يوم الخميس لأننا كنا نروح بدري من الحصة الرابعة ، واحيانا من الفرصة لغياب الأستاذ او التعويض .

لا زلت اذكر عبارة مدرس التاريخ حين كان يحدثنا عن القسطنطينية وفتحها على يد الخليفة محمد الخامس ، وحتى يعرفنا ان اسمها قد تغيّر من الآستانة الى اسلامبول ثم اسطنبول فلا زلت اذكر صياحة عاليا ( اسطنبول يا طبول .. اسطنبول يا طبول ) ، وكان مدرس مادة التاريخ هو مدير المدرسة ايضا وكان الطلاب يلقبونه بنابليون لشدته وعلو صوته ، وكان ليس من السهل ان تذهب اليه وتعود بلا عقاب ، ولكنه كان يعرف الطالب النشيط من الطالب الكسول ، وكان يقول يرحمه الله (( الطالب الدارس الحافظ مثل العجل الشبعان حليب ))

كان يجلس بجانبي في الدرج طالب لم يكن على درجة من الذكاء فكان في كل حصة ينال عقابا نتيجة الاهمال في اداء واجباته ، فكنت اشفق عليه واحاول مساعدته ولكن بدون فائدة ،  ولكنه لم يستمر في الدراسة وخرج من الصف الأول اعدادي للعمل مع والده في بيع الخضرة .

كانت المدرسة ولا زالت لا تقبل في الصف الأول الا من بلغ ستة سنوات تقريبا ، وكانت المرحلة التعليمية تتكون من 6 سنوات مرحلة ابتدائية من الأول الى السادس ، وثلاث سنوات اعدادي اول وثاني وثالث اعدادي ، وثلاث سنوات مرحلة الثانوية اول وثاني وثالث ثانوي ، وهذه عدلت حاليا لتبدأ المرحلة الإعدادية  من السابع الى العاشر والمرحلة الثانوية اول ثانوي وثاني ثانوي ( توجيهي ) اذ لا زال التوجيهي هو الفيصل في حياة الطالب والمجتمع .

في السابق ونظرا لقلة عدد الطلاب في التوجيهي كان الكل ينتظر اسماء الناجحين من الراديو او الجريدة الرسمية ثم اصبحت من الجريدة فقط ، ولكن مع ازدياد عدد الطلبة صار الكل يعرف نتيجته من المدرسة او مواقع التواصل الاجتماعي كما يحصل هذه الأيام .

اللعب في اوقات الفراغ 

بعد اوقات الدراسة كنا نذهب للعب في الحارات أو على اطراف المخيم سواء العاب حركية او كرة القدم فهي شغلنا الشاغل اذ لا العاب الكترونية ولا جوالات ولا حتى تلفزيونات ، كنا بعد العصر نلعب ونستمتع باللعب مع بعضنا البعض في ملاعب نقوم نحن بتحديدها ، واحيانا يتم عمل دوري بين الحارات .. والماهر في الكرة يذهب للعب مع النادي ..

وفي فصل الصيف اذ المدارس تغلق ابوابها تنشط اللعب وتكثر المباريات ، وكان افضل الملاعب في الاراضي الزراعية ، وكانت تتنوع من العاب كرة القدم الى الطائرة الى المسابقات الخفيفة .

كانت الواجبات الدراسية  كثيرة  جدا  تصل الى كتابة الدرس 20 مرة  على الأقل من قبل مدرس اللغة العربية او حفظ قصيدة  او قطعة نثرية ، والويل لمن لم يكتب او يحفظ قصيدة ، وكذا حال مدرسي المواد الأخرى اذ كان المدرسون يشددون ايضا في حل الواجبات على اختلافها ، والكل يحرص على حلها على اكمل وجه حتى لا ينال العقوبة من الاستاذ امام زملائه ، والكل كان يعرف ماذا ينتظر الطالب المقصّر ، تبدأ من الفلقة الى الضرب على اليد بالعصا او الخيزرانة او بالقشاط ، واحيانا تكون العقوبة ادبية بان يخرج الطالب امام الصف ويرفع يديه واحدى رجليه مدة من الزمن – ان كان  شاطرا - .

اما في الحالات الكبيرة فيلجأ الأستاذ الى مدير المدرسة وعندها الكارثة او ارسال رسالة الى ولي امر الطالب يستدعيه الى غرفة المدير ، وكذلك يكون العقاب شديد في حال تأخّر الطالب عن بداية الدوام  او الهروب من المدرسة قبل انتهاء الدوام .

ونتيجة للعقوبة الشديدة كان للأستاذ رهبة حتى بعد دوام المدرسة ، ويكون الصف منضبطا ، وكانت الألواح  من الخشب ومدهونة باللون الأسود او الأخضر ، ويكون الكتابة عيه بالطبشورة البيضاء ، ومن النادر استخدام الطباشير الملونة .

في المدرسة كما هو في جميع مدارس المملكة الأردنية كانت مناهج الوكالة تماما مثل المناهج الأردنية ، وكنا نتعلم من خلالها جميع العلوم بالإضافة الى الرسم ونمارس كرة القدم ..

كان المنافسة شديدة بين الطلاب على المراكز الأولى ، وكانت النتائج آخر فصل لها وقع كبير على الطلبة ، كان البعض يفرح والبعض يزعل من نتيجته ، وكان الاستاذ يطلب من الخمسة الأوائل حلو ( ناشد ) في وقتها ، ومن لم يحضر لا يأخذ شهادته .

وكان مدرس الجغرافيا متميزا في اسلوبه الفكاهي ، وهو معروف في المخيم منذ البداية الى ان خرج للتقاعد ، يعطينا درس الجغرافيا بأسلوب فكاهي ..

وكان الاستاذ المميز الآخر علي قطيش وكان يدرسنا مادة (( المحاسبة ومسك الدفاتر ) ، وكان مرحا حريصا على تقديم المادة بأسلوب مناسب ، وكانت خالته ام يوسف الحمدوني جارة لنا فعندما يأتي اليها كان يراني في الحارة ويسلّم عليّ ، وهو الأستاذ الوحيد الذي كنت اقلّده ولا يزعل ، وكان يسأل خالته دائما أيُقلّدني عبدالقادر امامك فتضحك رحمها الله ولا زال يتمتع بصحة جيدة لغاية الآن.

 

كنت ولله الحمد من المتميزين في الرسم قياسا لغيري من الطلاب ، وكان الأستاذ عودة مدرسنا ويهتم بنا ، وكان معي ايضا من الطلاب المتميزين في الرسم ولهم نشاط في هذا المجال طبة محمود ابو حرب وذياب حسين شقيرات وحسين محمد وحسن فاضل العرسان  ، وكان الطالب حسني ابو كريم اكثرنا تميزا في الرسم ، وقد ابدع في ذلك ودرس الفنون الجميلة ، له العديد من المعارض العالمية ، وقد ولد في طوباس بفلسطين عام 1962، وهو حاصل على الدكتوراه في النقد من الأكاديمية الأوزبكية للفنون، ومؤسس محترف للفنون الجميلة في عمان، وقد أقام (15) معرض داخل الأردن، ويشغل حالياً منصب عميد كلية الفنون والتصميم في جامعة الزرقاء...

والحقيقة انني لم اكن التزم بمواعيد الرسم التي يضعها الأستاذ عودة ، ولم اكن احرص على المتابعة ، ومثل هذه الرسومات كانت تكلف مبالغا من المال ربما لم اكن املكها في تلك الفترة ، ولانشغالي في العمل بالزراعة في موسم الزراعة البعلية ، اذ كنت اذهب في الصباح الى المزرعة لمساعدة امي إن كنت مسائيا او اذهب في المساء إن كنت صباحيا ، ولا زال زملائي لغاية الآن يذكروني برائحة الكبريت ..

في ذلك الوقت لم تكن الصورة واضحة امامي ، ولم يكن هناك أي تشجيع من قبل الأهل لأعمال الفن ، وكذا الحال عند ممارسة الرياضة اذ كنت احاول سرقة الوقت كي العب فالزراعة تأخذ جل اوقاتي مع الوالد والوالدة بالإضافة الى اهتمام الوالد بالدراسة وتركيزه على  التفوق الدراسي .

وكان الاهتمام بالصحة المدرسية لطلاب وطالبات المخيم كبيرا ، اذ كان ومنذ تأسيس المخيم تقوم ادارة المدرسة بحث الطلاب على الذهاب الى المطعم المخصص لتقديم وجبات يومية للطلاب واهالي المخيم اعتمادا على كرت المؤن ،  لتناول وجبة الغداء.

وفي الصباح يأتي موظفون من المطعم ومعهم بكارج كبيرة من الألمنيوم مليئة بالحليب يحملها زوج من الحمير للمدرسة ، ومعهم حبوب زيت السمك ، وكان كل مربي صف يخرج طلابه تباعا لتناول كأس من الحليب وحبة سمك ، وهذه كانت متعة بالنسبة لي إذ كنت اشرب عدد كبيرا من كاسات الحليب وكذا زيت السمك - بحجم حبة الحمص ، وكان  كثيرا من الطلاب لا يحبون الحليب ولا يأكلون زيت السمك فكنت انا آخذه منهم واشربه .

وكان احد موظفي المطعم يعرفني جيدا ويعرف والدي ، وكان ابنه صاحبا لي ازوره ويزورني لنلعب سويا في الحارة ومن ثم نقرأ ونحضر الدروس ، فكان على الدوام يمدّني بكميات من الحليب اشربها وبعدد من حبات زيت السمك حتى أكاد أشعر ان بطني يكاد ينفجر ، وفي نهاية الحصة المقدرة للحليب كان موظفي المطعم في نهاية توزيع الحليب والسمك ينادون من يريد شرب الحليب فاليأت حتى لو لم يكن طالبا حتى لا ينكب على الأرض .

 كان المطعم يقدم طعاما شهيا طيلة الأسبوع ، وكانت وجبات الطعام تختلف من يوم ليوم  ، فيوم يكون فيه لحمة ويوم فيه دجاج ويوم فيه سمك وفاصولياء بيضاء ، حفظ الطلاب بعد ذلك برنامج الوجبات فيكون الازدحام شديدا حين تكون الوجبة فاصوليا ولحمة وحين تكون من السمك .

لم يكن الكثير من الطلاب متشجعا للذهاب الى المطعم ليتناول طعام الغداء ، والكثير منهم يهرب اثناء الذهاب الى المطعم ، بينما انا كنت اذهب مسرعا كل يوم لتناول طعام الغداء او آخذه معي الى البيت ..

في البداية كان الذهاب الى المطعم شبه اجبارياً ، ولكنه مع مرور الوقت اصبح اختيارياً  لمن يرغب، ثم ان الحليب والسمك ايضا لم يعد يأت الى المدرسة ، ومن يرد الحليب فليذهب في الصباح الى المطعم ويأخذ ما يريد من الحليب ، والحقيقة ان الحليب كان ممتازا ومذاقه لذيذا ومع ذلك لم يكن الطلاب ولا الأهالي يذهبوا لإحضار الحليب في الصباح .

كنت اذهب في البداية مع اخواني واخواتي ، ولكن بعد فترة لم يعد اخوتي يذهبون الى المطعم حتى صرت اذهب لوحدي ، وعندما ادخل المطعم لا اجد إلا بضعة طلاب يتناولون الطعام ، وقليل من الأهالي ، فأصبح الأمر فيه خسارة وضياع لجهد العمال في المطعم ، لكنهم استمروا في تقديم الحليب في الصباح لفترة من الزمن ثم الغي نشاط المطعم بالكامل .

والحقيقة ان الكثير من الطلاب لم يعد يذهب إلى المطعم بسبب تحسن ظروف سكان المخيم واصبحوا يرونه عيبا أن تذهب إلى المطعم ، فأغلق المطعم ابوابه ، وتحول بناءه إلى مركز للبرامج النسائية يعلمون فيه الكمبيوتر والخياطة إلى يومنا هذا بالإضافة الى الدورات التثقيفية  ومحاضرات للنساء واهالي المخيم .

مدرسة الملكة رانيا العبدالله الثانوية الشاملة [3]

نتيجة لتزايد العدد من الطالبات اللواتي يواصلن التحصيل العلمي ، وللتخفيف عن اولياء الأمور والطالبات ، واستجابة لمطالبات من اهالي المخيم قامت الحكومة الأردنية بافتتاح مدرسة ثانوية للبنات سنة  1989 ..

كان لافتتاح المدرسة الوقع الطيب في نفوس الطالبات اذ اصبحت المسافة قريبة للمدرسة ولا يستغرق سوى بضع دقائق بدلا من المعاناة في السابق للذهاب الى الحصن وما فيها من مشقة وجهد ووقت طويل ناهيك عن التكلفة المادية وصعوبة الأمر اكثر في فصل الشتاء .

 

بقي الدوام الدراسي على فترتي ويتبدل شهرا صباحي وشهر مسائي ، وفي سنة  2015 وعلى اثر منحة من صندوق الإنماء الألماني KFW  تم بناء مدرسة جديدة ابتدائية من الصف الأول لغاية الصف الثالث للذكور والإناث ، فاصبح دوام هذه الصفوف فترة صباحية واحدة .

تم بناء هذه المدرسة على اصول حديثة تشمل مختبر حاسوب ومكتبة ومرافق خدمية بالإضافة الى ادارة واسعة واجهزة حاسوب وغرف صفية واسعة ، ولكنها بقيت لا تحتوي على تدفئة شتاء.

 

 

توسعة مدرسة البنات ايضا نفس المواصفات ولكن عدد الشعب اقل بشعبتين ..

كان اشغال الوقت في العطلة الصيفية مرهقا للطلاب وذويهم ، لكن بالنسبة لي لم يكن مشكلة كوني اشتغل في الزراعة مع والدي رحمه الله ووالدتي اعطاها الله الصحة والعافية ، فمنذ بداية الزراعة ولنهايتها وانا واخوتي مشغولين في الزراعة ، لكن هذا لا يمنع من اللعب مع الأصدقاء العابا مختلفة مثل لعبة كرة القدم ، والذهاب للنادي وممارسة الرياضة ، اذ كان نادي الكرمل في مخيم الحصن / الشهيد من الفرق المتميزة في الشمال ، وكانت فيه العديد من الأنشطة لكن اهمها كرة القدم والطائرة ، مع وجود العاب اخرى مثل كرة السلة واليد وتنس الطاولة .

وكانت كرة الطائرة هي الأشهر في النادي برز العديد من اللاعبين الذين كانوا ضمن صفوف المنتخب الوطني مثل وحمود ابو صقر ، وكذلك كرة القدم فلا زال النادي ينافس على بطولة الدوري الدرجة الثانية ، وقد وصل قبل 7 سنوات الى مصاف دوري الدرجة الممتازة وقد برز العديد من اللاعبين في صفوف المنتخب الوطني .

 تطور هذا النادي منذ 2015 بافتتاح ملعب النادي والصالة الرياضية الجديدة بدعم من الحكومة الألمانية .

مع النادي تم بناء الصالة الرياضية ايضا تشمل العاب كرة الطائرة واليد والسلة ، لكن كرة الطائرة هي الأساس في النادي ينافس فيها على بطولة المملكة في الدوري الممتاز ، وقد حصل على البطولة في عام 2016.

فريق كرة الطائرة كان ولا زال بطل الشمال بلا منازع وينافس على الدوام على بطولة المملكة [6]

في الصيف وبعد انتهاء المدارس تبدأ فترة النشاط الرياضي ، وكان النادي هو المظلة التي يسير تحتها كل الفرق الشعبية ، فتكثر البطولات على مستوى الحارات والبلوكات ، وكل فريق يتغنى باسمه واسم لاعبيه .