تجمع بقسطا

تجمع بقسطا

الدولة : لبنان
المدينة : صيدا

يُعد تجمع بقسطا أحد التجمعات الفلسطينية غير الرسمية في لبنان، والتي نشأت خارج نطاق المخيمات المعترف بها من قبل الأونروا، نتيجة النزوح الداخلي والظروف الأمنية أو الاقتصادية التي دفعت الكثير من اللاجئين الفلسطينيين للبحث عن أماكن أكثر استقرارًا. ورغم قربه الجغرافي من مدينة صيدا، إلا أن سكانه يعانون من عزلة اجتماعية وخدمية واقتصادية شبيهة بتلك التي توجد في المخيمات.

يقع تجمع بقسطا في بلدة بقسطا التابعة إدارياً لقضاء صيدا في محافظة الجنوب. وهو تجمع صغير نسبياً مقارنة بمخيم عين الحلوة المجاور، لكنه يأوي عدداً من العائلات الفلسطينية التي انتقلت إليه هرباً من الاكتظاظ، النزاعات الأمنية، أو لأسباب تتعلق بالإيجار والسكن.

السكان منحدرون في الغالب من عائلات لاجئة من فلسطين عام 1948، وقد مرّوا بتجارب تهجير متعددة، واستقروا في بقسطا بطرق غير رسمية، في غياب الاعتراف القانوني بهم كمجتمع له حقوق مدنية أو خدمية.

يعيش السكان ضمن ظروف سكنية قاسية:

المساكن متلاصقة ومكتظة، وغالبًا ما تكون غير صحية أو غير مكتملة البناء.

معظم البيوت تعاني من الرطوبة، ضعف التهوية، تسرب المياه، وغياب البنية التحتية.

العائلات عادة ما تكون كبيرة العدد، مع تراكم أجيال متعددة في نفس المسكن (الجد، الأب، الأحفاد).

لا توجد أماكن آمنة أو مجهزة للأطفال للعب أو للأنشطة المجتمعية، مما يترك أثرًا سلبيًا على نموهم النفسي والاجتماعي.

العلاقات الاجتماعية داخل التجمع تتسم بالتضامن الداخلي، حيث تلجأ العائلات إلى دعم بعضها البعض، لكن الشعور بالعزلة والتمييز من المجتمع اللبناني المحيط لا يزال حاضرًا، ويؤثر على الهوية والانتماء.

مثل بقية التجمعات الفلسطينية غير الرسمية، لا يحظى تجمع بقسطا بأي اعتراف رسمي من قبل الدولة اللبنانية أو وكالة الأونروا، وبالتالي:

لا تُخصص له ميزانيات خدمات أو بنى تحتية.

الأرض التي بني عليها غالباً ما تكون مملوكة للخواص أو الدولة، مما يجعل السكان في وضع هش قانونياً.

يفتقر السكان لأي ضمانات تتعلق بالإقامة أو الحماية القانونية، ويعيشون في ظل تهديد دائم بالإخلاء أو الضغوط القانونية.

هذا الوضع القانوني غير المستقر ينعكس على كافة جوانب الحياة اليومية، من التعليم إلى الصحة وحتى فرص العمل.

يعيش سكان التجمع في واقع اقتصادي شديد الصعوبة، يتسم بارتفاع معدلات البطالة وتدني مستويات الدخل:

يعتمد أغلب السكان على العمل غير النظامي، في مهن محدودة مثل:

البناء والنجارة / الأعمال اليدوية البسيطة / بيع البضائع في الأسواق / الزراعة الموسمية.

الخدمات مثل النظافة أو المساعدة المنزلية.

الشباب يعانون من انعدام فرص العمل المستقر، حتى أصحاب المؤهلات منهم، بسبب القوانين اللبنانية التي تمنع اللاجئين الفلسطينيين من مزاولة أكثر من 70 مهنة، من ضمنها المهن الصحية والهندسية والتعليمية.

 

النساء يعملن غالبًا في أعمال تنظيف المنازل أو يشاركن في برامج قصيرة الأمد تنفذها منظمات غير حكومية، لكن المشاركة الاقتصادية للمرأة تظل محدودة نتيجة الأعراف والعوائق المادية.

 

تعتمد العديد من العائلات على المساعدات الإنسانية أو التحويلات المالية من الأقارب في الخارج، لتأمين احتياجاتهم الأساسية مثل الإيجار والطعام والدواء.

التعليم في التجمع يعاني من أزمات متعددة الجوانب:

لا توجد مدارس داخل التجمع نفسه، مما يضطر الأطفال إلى الذهاب إلى مدارس الأونروا أو المدارس الرسمية في مدينة صيدا.

كلفة النقل تشكّل عبئاً يومياً على الأسر، خاصة أن الكثير منها تعيش على الحد الأدنى من الدخل.

هناك تفاوت في التحصيل العلمي نتيجة:

ضعف البيئة المنزلية المشجعة/عدم قدرة الأهل على المتابعة / ازدحام الصفوف في المدارس التي تستقبل الفلسطينيين.

نسبة التسرب المدرسي مرتفعة نسبيًا، خصوصًا بين الذكور في سن المراهقة، نتيجة الحاجة للعمل أو الإحساس بانعدام الجدوى من التعليم.

 

التعليم الجامعي شبه مغيب، بسبب:

كلفة التعليم العالي / صعوبة الحصول على منح أو القبول في تخصصات مغلقة أمام الفلسطينيين/ الحواجز القانونية والمجتمعية التي تعيق الاستمرار.

الكهرباء:

لا تصل بشكل منتظم من الدولة، ويتم تأمينها غالبًا عبر اشتراكات من مولدات خاصة، ما يزيد العبء المالي.

المياه:

لا يوجد نظام مركزي للمياه. يعتمد السكان على صهاريج خاصة أو مياه الآبار التي قد لا تكون صالحة للشرب.

الصرف الصحي:

بدائي وغير منتظم، وقد يتسبب في انتشار الأمراض خصوصًا في مواسم الأمطار.

الصحة:

لا توجد مراكز صحية داخل التجمع /يعتمد السكان على مستشفيات وعيادات صيدا.

الرعاية الصحية مكلفة جدًا، وغالبًا لا تغطيها الأونروا بالكامل، مما يجعل الأمراض المزمنة غير معالجة بشكل منتظم.

الدعم النفسي نادر، على الرغم من ارتفاع الضغوط النفسية.

الأونروا:

تقدم خدمات تعليمية وصحية للاجئين الفلسطينيين، لكنها لا تدير خدمات مباشرة داخل التجمع، بل يتم الوصول إليها عبر صيدا.

المنظمات غير الحكومية:

تشمل جمعيات لبنانية وفلسطينية تنفذ مشاريع قصيرة الأمد تشمل:

التوعية الصحية /توزيع مساعدات غذائية /التعليم غير النظامي والدعم النفسي للأطفال.

مشاريع سكنية بسيطة أو إعادة تأهيل منازل.

رغم ذلك، فإن الدعم يبقى غير منتظم، وغالباً ما يكون مشروطاً بالتمويل الخارجي والمشاريع المؤقتة.

تجمع بقسطا للفلسطينيين يعكس واقع التجمعات الفلسطينية غير الرسمية في لبنان؛ حيث الهوامش القانونية، والحرمان الاقتصادي، والتهميش الخدمي تصنع حياة محفوفة بالتحديات اليومية. ورغم القرب الجغرافي من المدينة والخدمات، يبقى الفلسطينيون في هذا التجمع على هامش التنمية، في انتظار حلول شاملة تعالج الحقوق، والفرص، والكرامة.



تصدير المحتوى ك PDF

إضافة محتوى