تحديات في المخيم - مخيم عين الحلوة
أزمة المخيم : هناك مجموعة من العوامل التي تلعب دوراً أساسياً في أزمة مخيم عين الحلوة أهمها:
البعد السياسي: مخيم عين الحلوة هو من أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان ودول اللجوء، وهذا له علاقة مباشرة بقضية عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم وديارهم الأصلية، ومرتبط بمفاوضات التسوية السياسية للقضية الفلسطينية ومصير اللاجئين الفلسطينيين. فالأحداث الأمنية في مخيم عين الحلوة انطلقت سنة 1997، بعد هدوء دام سنوات، وذلك بعد مؤتمر مدريد للسلام سنة 1991، واتفاق أوسلو سنة 1993، وتأسيس السلطة الفلسطينية سنة 1994، وبروز توجه دولي وإقليمي لتصفية القضية الفلسطينية وإسقاط حقّ العودة وفرض التوطين في لبنان.
البعد الأمني:من الملاحظ أن هناك جهات دولية وإقليمية ومحلية أرادت أن يبقى مخيم عين الحلوة مساحة لتصفية الحسابات، وصندوقاً لتبادل الرسائل، ومكاناً تأوي إليه العناصر المطلوبة. إذ ليس من المنطق أن تشهد جميع الأراضي اللبنانية هدوءاً أمنياً لا مثيل له من سنة 1990 إلى سنة 2005 عندما تمَّ اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري، ويبقى مخيم عين الحلوة وحده يعيش توترات أمنية من عمليات تفجير واغتيال في بقعة لا تزيد عن 2 كم2.
البعد اللبناني:رفض الدولة اللبنانية بسط سلطتها الأمنية على مخيم عين الحلوة وباقي المخيمات الأخرى، فالدولة اللبنانية ترفض إدخال الجيش اللبناني إلى داخل المخيمات مع العلم أنها تحتفظ بوجود قوي في محيطها خصوصاً عين الحلوة. وهذا يترك المخيم في فوضى أمنية ويعزز الخلاف مع الجهات الرسمية في لبنان، ويظهر مخيم عين الحلوة أنه منطقة تعيش خارج القانون.
البعد الإنساني والاجتماعي:يعاني مخيم عين الحلوة —مثل باقي الوجود الفلسطيني في لبنان— من أزمات اقتصادية وإنسانية واجتماعية، فالسلطة اللبنانية تمنع اللاجئين من العمل والتملك، والتعليم ضعيف، والرعاية الصحية سيئة، والبنية التحتية (ماء، وكهرباء، وصرف صحي) سيئة للغاية، ولا تتوفر في السكن أي مواصفات صحية أو بيئية، حيث يقل عدد الشوارع، ولا توجد ساحات عامة أو أماكن ترفيه أو ممارسة هوايات، وتنتشر الأزقة، وتتراجع فرص التعليم والانضمام للجامعات، وترتفع معدلات الفقر والبطالة والأمية.
ويوجد في المخيم أكثر من خمسة آلاف مطلوب للدولة اللبنانية بتهم معظمها باطلة أو مضى عليها الزمن، ويفرض الجيش اللبناني طوقاً أمنياً قاسياً حول المخيمات، ويفتش الداخلين والخارجين ويحصر الدخول والخروج بمناطق محددة، ويقيم سواتر ودشم وحواجز في محيط المخيم، ويمنع الإعمار، وهناك قيود على عمل وتحرك وكالة الأونروا الدولية.
عناصر مؤثرة: هناك مجموعة من العناصر تؤثر في الصراع في مخيم عين الحلوة:
غياب المرجعية السياسية والعسكرية والأمنية الفلسطينية الواحدة القادرة على فرض الأمن، فهناك حالة من الصراع بين الفصائل الفلسطينية، وبين حركة فتح والمجموعات الإسلامية بسبب محاولات فتح ضرب هذه الجماعات.
عدم وجود اهتمام رسمي لبناني بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين عموماً وأوضاع المخيم، مثل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ووقف الإجراءات الأمنية، وإنهاء هذه الأزمة من خلال قرارات سياسية وأمنية وتنموية فاعلة.
وجود فكر متشدد داخل مخيم عين الحلوة، له ارتباطات خارج المخيم، ويتأثر بأحداث المنطقة وصراعاتها وانقساماتها، ويدخل أحياناً عنصراً للمشاركة فيها، ويقبل منطق إيواء مطلوبين.
وجود ارتباط وثيق بين مجموعات عاملة في المخيم مع أجهزة أمنية محلية وإقليمية، تتأثر بقراراتها وتنفذ توجهاتها.
دخول عدد من المطلوبين إلى مخيم عين الحلوة، مثل بديع حمادة الذي قتل ثلاثة جنود من الجيش اللبناني سنة 2002، وتمّ تسليمه للسلطات اللبنانية وأعدم؛ وفضل شاكر الذي دخل إلى المخيم بعد أحداث منطقة عبرا سنة 2013، وشادي المولوي الذي دخل إلى المخيم سنة 2014، وتصر الدولة اللبنانية على تسلم هؤلاء في المخيم، في حين لا يوجد أي سبب لبقاء هؤلاء في المخيم، وتعجز الفصائل الفلسطينية عن اعتقالهم، ويحظون بدعم مجموعات داخل المخيم.
اكتشاف النفط في البحر المتوسط قبالة السواحل اللبنانية، ووجود القوات الدولية في جنوب لبنان وخشية القوات الدولية من استخدام مخيم عين الحلوة ضدها في أعمال عنف، وخشية شركات النفط من السبب نفسه.
إن وجود عدد من المطلوبين الإسلاميين في المخيم يجعل المخيم مرتبطاً بالملف الدولي المسمى “مكافحة الإرهاب”. وهناك محاولات كثيرة خصوصاً من جهات مرتبطة بالأمن الفلسطيني في رام الله بملاحقة هؤلاء وقتلهم أو اعتقالهم.
رغبة حركة فتح في استعادة نفوذها في المخيم واستعادة السيطرة على جميع أحيائه، بصفته أهم المخيمات وأهم مناطق نفوذها سابقاً. وهنا تدخل في صراع مع جميع المجموعات التي تتناقض فكرياً وسياسياً واجتماعياً مع حركة فتح، وترفض سياسات وبرامج منظمة التحرير الفلسطينية[1]
[1] مركز زيتونة للدراسات والاستشارات الفلسطينية https://www.alzaytouna.net
[2] جريدة الجمهورية ـ علي داود https://www.aljoumhouria.com