تحديات في المخيم - مخيم البرج الشمالي / مخيم الشهداء
تحديات في المخيم: الجزء الأول
مشاكل المخيم
مشاكل متعددة.تاريخياً كان يُعاني المخيم من مجاري الصرف الصحي المكشوفة على الطريق بشكل مباشر، والتي تتداخل مع مياه الشفة،مما زاد المعاناة التي لم تُحل معضلتها هذه إلا منذ سنوات قليلة جداً، حيث أنجزت مشاريع البنى التحتية،
ولكن من أبرز المشاكل التي ما يزال يُعاني منها المخيم، استمرار وجود مساكن من الزينكو، وتصدّع معظم مساكنه المسقوفة بـ الزينكو والتي يبلغ عددها حوالى 700 مسكن وهي بحاجة الى ترميم،حيث بدأ مشروع إماراتي بترميم عدد من هذه المساكن.
الشكوى الكبرى هي من تدني الخدمات الصحية التي تقدمها (الاونروا)، فيتواجد طبيبان في العيادة، لا يُمكنهما معاينة المرضى الذين يصل عددهم يومياً الى حوالى 300 مريض،وطبيب أسنان واحد يُعالج 150 حالة، مع 200 حالة إجراء فحوصات مخبرية حيث يوجد فني واحد،وعدم توفر غالبية الأدوية التي يحتاجها المرضى،مما أدى الى استمرار تنفيذ اللجان الشعبية اعتصامات تدين تقليص الأونروا لخدماتها، وتطالب برفع التقديمات الصحية، وخصوصاً للمصابين بمرض التلاسيميا والأمراض المزمنة،و يتوجه قسم كبير من أبناء المخيم الى العيادات الخاصة، مع عدم فعالية مستشفى الجليل التابع لـ جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني،الذي نقلت معداته فتحول الى مستوصف.
أما تربوياً، فمدارس (الاونروا) تكتظ بالطلاب، وكذلك الروضات، فيما اللافت هو النشاط المميّز لعدد من الجمعيات والأندية الأهلية وروابط القرى والعائلات، التي تتواصل فيما بينها لتقديم المساعدات للمحتاجين،فضلاً عن تمتين أواصر العلاقات داخل المخيم ومع الجوار،وتنشيط ذاكرة اللاجئين الفلسطينيين للتصدي للمخططات التي تُحاك،تأكيداً على رفض التوطين ومشاريع التشتيت أو التهجير، والتمسك بحق العودة.
يوجد في المخيم مسجدان وثالث قيد الإنشاء، ومصلين، أما دفن الموتى من أبناء المخيم فكان الأهالي يتكبدون مشقة اضافية، حيث كان يتم نقل الجثمان الى مقبرة المعشوق، على مسافة 3 كلم الى الغرب من المخيم، قبل أن يتم الدفن في قطعة أرض مساحتها 7 دونمات قدمها رئيس مجلس النواب نبيه بري، أصبحت على وشك أن تمتلئ، حيث تجرى اتصالات مع مالك أحد البساتين القريبة منها من أجل ضم قطعة أرض منه لتوسعة المقبرة.(1)
دراسة مفصلة حول التمدد العمراني العشوائي في المخيمات
مخيم البرج الشمالي نموذجاً
دراسة ميدانية، أيلول - المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد"2013
مقدمة تعريفية بالدراسة:
إن ظاهرة التمدد العمراني العشوائي باتت السمة الغالبة للمخيمات الفلسطينية في لبنان. وهي تمضي بشكل متسارع من دون أن يكون هناك حلول لمعالجتها. ليس ثمّة دراسة خاصة بهذه الظاهرة. كل ما صدر من مقالات أو دراسات، تتعلق بالشأن الفلسطيني، تحدثت بشكل عرضي عن هذه الظاهرة. وعلى الرغم من النتائج الكارثية المترتبة على هذه الظاهرة، على كافة المستويات، إلا أنه لا تزال بعيدة عن الاهتمام الإعلامي والبحثي وحتى على مستوى المعالجات.
تحاول هذه الدراسة البحث بشكل ميداني عن ظاهرة التمدد العمراني العشوائي ، وبما أن المخيمات الفلسطينية تكاد تكون متشابهة من حيث الخصائص الاجتماعية والعمرانية والسياسية فقد تناولت الدراسة مخيم برج الشمالي كنموذج.
تبحث الدراسة في حركة البناء في المخيم،ثم تتناول نمط السكن،وتحاول الدراسة أن تشرح الإطار النظري والأسس القانونية للحق في السكن من أجل مقارنتها بالواقع. ثم تنتقل إلى البحث بعمق عن واقع التعدي على الطرقات العامة والبناء العشوائي،محاولة البجث في تحليل الأسباب الرئيسية التي تؤدي الى ازدحام المخيم والنتائج المترتبة على ذلك،وتناقش الدراسة واقع الجهات المسؤولة،ثم تنتهي بخلاصات وتوصيات. تعتمد الدراسة بشكل رئيس على البحث الميداني من خلال إجراء المقابلات مع كل الجهات المعنية،كما تعتمد على الملاحظة والمقارنة وعلى الاستفادة من الدراسات السابقة إن وجدت،باختصار تحاول الدراسة أن تقرع ناقوس الخطر حول ظاهرة آخذة بالتمدد وهي ظاهرة التمدد العمراني العشوائي وأن تضع كل الجهات المسؤولة عند مسؤولياتها، فالمخيمات الفلسطينية هي قنبلة اجتماعية موقوتة قد تنفجر في أي لحظة ما يتحمل الجميع مسؤولياته.
نبذة عن مخيم البرج الشمالي:
أ- الموقع: يقع مخيم البرج الشمالي للاجئين الفلسطينيين الى الشرق من مدينة صور،ويبعد عنها حوالي 5 كلم، وعن العاصمة اللبنانية بيروت حوالي 80 كلم، وعن الحدود الفلسطينية اللبنانية حوالي 20 كلم.
ب- التّأسيس: بعد تشريد وطرد عدد كبير من الفلسطينيين من أرضهم إبّان نكبة عام 1948م، اتّجهت مجموعات كبيرة منهم الى لبنان، استقرّت في أماكن عدة فيه، فمنهم من استقرّ في منطقة عنجر، ومنهم من استقرّ في منطقة سهل مرجعيون والخيام حتى العام 1955م.
وفي العام 1955م تمّ نقلهم بأمر من الحكومة اللبنانية الى منطقة صور (البص)، ومن ثمّ الى منطقة "البرج الشمالي" حيث تمّ نصب الخيام من قبل (الاونروا)، واعتمد كمخيم من قبل الدولة اللبنانية،وقد بلغ عدد السّكان حينها حوالي 5000 نسمة.
التّسمية: استمدّ المخيم اسمه لوقوعه على الأرض المجاورة لبلدة "البرج الشمالي".
حدود المخيم: يحدّ المخيم من الجهة الشرقية مزرعة "شرناي" ومنطقة بساتين زراعية، ومن جهة الجنوب بلدة البرج الشمالي، ومن جهة الشمال منطقة بساتين، ومن جهة الغرب مجمّع المعشوق للاجئين الفلسطينيين ومنطقة الرمالي. وللمخيم مدخل واحد "فقط".
المساحة: تبلغ مساحة المخيم حوالي 13600 متر مربع ، وتعود ملكية الأرض الى القطاع الخاص اللبناني، وهي مستأجرة من قبل وكالة الأمم المتحدة لاغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) لمدة 99 عاماً.
شوارع المخيم: يوجد شارع رئيسي يقسم المخيم الى قسمين،تتفاوت المساحة بينهما،حيث يقع القسم الأصغر مساحةً شمال المخيم،يبدا الشارع الرئيسي من مدخل المخيم،يتجه شمالاً حتى طول 900 متر،ويشق الطرف الجنوبي للمخيم، ويعود حيث البداية عند مدخل المخيم وينتهي بطول 1750 متر.
يتفرع من الطريق العام ثلاث طرق فرعية:
الفرع الأول: عند مدخل المخيم، يصل بداية المخيم بالشارع الرئيسي المتجه نحو حي "المدارس" ويبلغ طوله 300 متر.
الفرع الثاني: يتفرع في ساحة المخيم، وينحدر باتجاه الغرب الى حي المغاربة، طوله 400 متر، وينتهي عند آخر الحي المذكور.
الفرع الثالث: يقود الى حي صفورية حيث يشمل كل الحي وبشكل دائري، ويعود الى نقطة البداية، طوله 500 متر.
وبهذا يكون مجمل طول الطريق داخل المخيم وتفرعاته حوالي 2950 متر.
أحياء المخيم: يقسم المخيم الى أحياء عدة منها:
- حي المغاربة: معظم سكانه من المغاربة، مساحته حوالي 50 دونم.
- حي آل الجمال: يقع بجانب مدخل المخيم الرئيسي، مدخله قرب محلات حسنين التجارية.
- الحي الغربي: ويقع في الجزء الغربي للمخيم، مساحته حوالي 65 دونم.
- حي الساحة: يقع على مقربة من المدخل الرئيسي للمخيم في محيط الساحة، ومعظم سكانه من أهالي قرية لوبية.
- حي الجامع: ويقع في محيط الجامع الرئيسي في المخيم، معظم سكانه من أهالي قرية الزوق التحتاني، لوبية، مساحته حوالي 25 دونماً.
- حي صفورية: وهو حي منفصل عن التجمع الرئيسي للمخيم من جهة الشمال، يسكنه أهالي قرية صفورية.
- حي الشواهنة: يقع على طرف المخيم من جهة الشمال الشرقي.
- حي الهلال: يحيط بمستشفى الجليل التابع للهلال الأحمر الفلسطيني – معظم سكانه من أهالي قرية لوبية.
- حي المؤسسة: يقع الى جانب مؤسسة جبل عامل على حدود بلدة برج الشمالي، مساحته 100 دونم، معظم سكانه من بلدة الزوق التحتاني.
- حي المدارس: ويقع في محيط مدرستي الصرفند وجباليا، معظم سكانه من بلدة الزوق التحتاني.
- حي الخضيراوية: يقع في وسط المخيم، غالبية سكانه من أهالي بلدة الناعمة.
- حي الشيخ كامل: يقع وسط المخيم، معظم العائلات التي تسكنه من بلدة الناعمة.
- حي الدحاوشة: يقع وسط المخيم، معظم سكانه من بلدة الناعمه.
- حي أبو أنور: يقع على طرف المخيم من جهة الشرق، معظم سكانه من بلدة الزوق التحتاني.
- حي جمعية الحولة: يقع في وسط المخيم، معظم سكانه من بلدة الناعمة.
للمخيم عدة مداخل، لكن جميعها مقفلة باستثناء المدخل الرئيسي الذي يستعمله الجيش اللبناني كنقطة للتفتيش والتدقيق في السيارات والمارة.
ديمغرافيا المخيم:
عدد السكان:
يصل عدد سكان مخيم البرج الشمالي الى أكثر من 19500 لاجئ مسجل وذلك حسب الأرقام الواردة في سجلات الأونروا[1]، وجميعهم من لاجئي عام 1948م،بالاضافة الى وجود عدد من فئة غير المسجلين لدى الأونروا وفاقدي الأوراق الثبوتية.
في عام 1994م صدر قانون التجنيس عن الدولة اللبنانية الذي شمل بعض سكان المخيم من أبناء قضاء الحولة في فلسطين. بموجبه حصل حوالي 3000 لاجئ فلسطيني من المخيم على الجنسية اللبنانية.
ومنذ سنتين ومع اشتداد الأزمة السورية،نزح الآلاف من الفلسطينيين السوريين من سوريا الى لبنان، حيث استقبل مخيم البرج الشمالي حوالي 1300عائلة، أي ما يعادل 6000 نسمة. وهذا ما ضاعف عدد السكان في المخيم ليصل الى 24000 نسمة.
الكثافة السكانية:
رغم الظروف الإقتصادية والإجتماعية الصعبة التي تحيط باللاجئين الفلسطينيين،إلا أن آمالهم في العيش والاستمرار تبدو واضحة،حيث يبلغ معدل عدد أفراد الأسرة الواحدة داخل المخيم حوالي 5 أفراد، أما معدل الولادات في مخيم برج الشمالي يفوق كثيراً معدل الوفيات،ففي حين يبلغ عدد الولادات حوالي 300 ولادة شهرياً،يبلغ عدد الوفيات حوالي 8.5 وفيات شهرياً، أي بزيادة سكانية تبلغ حوالي 250 ولادة سنوياً.
ورغم تضاعف عدد سكان المخيم أكثر من ثلاث مرات منذ تأسيسه وحتى اليوم،فإن المساحة بقيت ثابتة لم تتغير، (13600م2)، فقد كانت كثافة السكان عند تأسيس المخيم حوالي 3676 نسمة/كلم2 (عدد السكان حينها بلغ 5000 نسمة)، أما اليوم فيبلغ عدد السكان 18000 نسمة يقيمون على نفس المساحة أي بكثافة سكانية 13235 نسمة/كلم2، وهذا ما يجعله منطقة شديدة الاكتظاظ بكل المقاييس.
حركة البناء في المخيم:
استمر اللاجئون الفلسطينيون باستخدام الخيم بيوتاً لهم إلى أن اهترأت بفعل العوامل الطبيعية،وقد رفضت الأونروا استبدالها بأخرى جديدة على الرغم من حرص اللاجئين على بقائها صالحة،ثم بدأ السكان بالخطوات الأولى لتقوية مساكنهم، وظهر ذلك من خلال قيام بعض السكان ببناء حوالي متر من أحجار اللبن حول الخيمة لمنع دخول المياه والحشرات. وبعد أن استهلكت الخيم التي كانت تأويهم،تطوّرت العملية لتصبح بناء جدران من تلك الأحجار على أن يكون السقف قطعة قماش من الخيمة (الشادر).
قدمت (الاونروا) في عام 1956م ألواحاً من "الزنك" للعائلات التي استُهلكت خيمهم فقط. فاستبدل الأهالي سقف الشادر بسقف من الزنك محمول على الواح من الخشب، ولم يحصل أصحاب الخيم غير البالية على أي من ألواح الزنك، إنما استمروا بالسكن في الخيم التي استُهلكت لاحقاً،وبنى البعض الجدران والسقف من الزنك والخشب.
لقد كان من غير المسموح للفلسطينيين بناء الأسقف من الإسمنت بقرار من الدولة اللبنانية، وذلك لمنع بناء بيوت تتألف من أكثر من طابق تحت حجة ألا يتحوّل الوجود المؤقّت للمخيمات الى دائم،حيث كان من المحظور على اللاجئين التمدد العمراني خارج حدود المخيم،فالتكاثر السكاني يجب أن يكون في حدود المساحة التي أعطيت لهم.
في عام 1959م كان اول بيت يبنى من الحجر واللبن بسقف من الزنك،وكان منزلاً من غرفة واحدة ومطبخ،ثمّ استمرت حركة البناء بعد ذلك ضمن القواعد والقوانين التي كانت تفرضها الدولة اللبنانية.
عند دخول منظمة التحرير الفلسطينية الى المخيمات سمحت هذه المرحلة بإعادة ترميم وإعمار المنازل التي كانت محرومة من أية تعديلات على مدار سنوات عديدة،رغم سوء وضع تلك المساكن حتى أنّ بعضها لم يكن صالحاً للسكن أو الإقامة فيها.
خلال الاجتياح (الصهيوني) للبنان، تعرض مخيم البرج الشمالي للقصف الشديد، مما أدى الى تدمير أجزاء كبيرة من المخيم، حيث قام اللاجئون الفلسطينيون بإعادة إعمار منازلهم،كلٌ حسب إمكانياته وما توفر لهم من مواد البناء.
بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية،عادت حركة البناء لتنشط في فترة التسعينيات،إلا أن السلطات اللبنانية اتخذت قراراً مفاجئاً يقضي بمنع إدخال كل ما يتعلق بمواد البناء الى مخيمات صور من دون إبداء الأسباب والدوافع، وأصبح سارياَ ابتداءً من فجر 1/1/1997. ثم عادت وسمحت بادخالها في 23/11/2004 لمدة ستة أشهر، عادت ومنعتها في 14/6/2005.
حالياً، يسمح بإدخال مواد البناء من خلال استحصال رخصة تمنح من قبل الثكنات العسكرية، هذه الرخصة لا تمنح بسهولة بل هناك اجراءات وقيود معينة تتطلب وقتاً ليس بالقليل.
اتسمت حركة البناء والعمران منذ البدايات بالإقبال الفردي، حيث اعتمدة على الاجتهادات الشخصية والخاصة، ولم تكن ممنهجة ولا منظمة من قبل الجهات المختصة أو المسؤولة عن اللاجئين الفلسطينيين،وهذا ما أدى مع تراكم الوقت الى ازدياد البناء غير المنظم،المعتمد على التخطيط الفردي، وبالتالي الى بروز ظاهرة "البناء العشوائي" الذي هو سمة رئيسية لمخيم البرج الشمالي.
نمط السكن في مخيم البرج الشمالي:
يعتبر نمط السكن في مخيم البرج الشمالي من النمط العشوائي الذي يقوم الأهالي أنفسهم بتخطيطه وتشييده، ويقع في أدنى مراتب الإسكان، ويقوم على أساس اجتهادات شخصية في التخطيط والتصميم والبناء.
أثناء التجوال في أحياء المخيم تعترضك المباني المتراصة والمتراكمة على بعضها والتي تشبه "علب الكبريت" حيث تفتقد الى أسس ومقومات العيش، فمعظم هذه البيوت تفتقر الى التهوية الصحيحة نظراً لأن المبنى الواحد يحيط به المباني من ثلاث جهات مما يجعل مسألة دخول الشمس والتهوية الطبيعية أمراً في غاية الصعوبة.
إن التزاحم الشديد للمباني وعدم ترك فراغات أدى إلى فقدان الخصوصية وزيادة درجة التلوث السمعي والبصري. أضف الى ذلك أن معظم هذه البيوت أصبحت تشبه الكهوف والملاجئ من الداخل نظراً لعدم دخول الشمس وضوء النهار لها، كذلك الرطوبة العالية التي تعاني منها هذه البيوت.
ولمقارنة نمط البناء داخل المخيم مع أقل دول العالم تطبيقاً لمعايير البناء الهندسية الصحيحة،استطلعنا أراء المهندس المعماري"محمد حسام تكلي" الذي يؤكد أنّ مخيم البرج الشمالي يعاني معاناة صعبة ومأساة حقيقية للغاية. فمن خلال المعايير الهندسية للبناء، يحتاج كل منزل للاشعاع الشمسي،وهو الحصول على أعلى شعاع شمسي شتاءً وأقله صيفاً، وهذا له نتائج صحية وبيئية. فما بالك بمنازل لا ترى أشعة الشمس!!
ويضيف التكلي بأن هناك ما يسمى بالمحور الطولي للمبنى الذي يجب أن يكون موجهاً للشمال والجنوب، وهذا يوفر ما يقارب 30% من الطاقة الحرارية للمنزل صيفاً و 15% من الطاقة الحرارية للمنزل شتاءً. لذلك من الضرورة دخول أشعة الشمس بشكل مباشر لمدة لا تقل عن ساعة واحدة يومياً لفترة لا تقل عن 10 أشهر سنوياً، وهذا ينعدم في 70% من المنازل في المخيم،كذلك فإن الاكتظاظ السكاني وانعدام التراجع بين المنازل الذي يجب أن لا يقل عن مترين بين المنزل والآخر،يسهم في عدم وصول الاشعاع الشمسي الى المنازل.
ويضيف المهندس التكلي أن هناك معيار آخر هو "التهوئة"، فعند البناء يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار أن مساحة النوافذ القابلة للفتح يجب أن لا تقل عن 5% من كل حائط. فكيف بحيطان متراصة متقاربة جداً؟؟
أضف الى ذلك،معيار حجب الضوضاء والعزل الصوتي، وذلك من خلال بناء عوازل بين الجدران،وهذا المعيار غير مأخوذ بالحسبان أثناء بناء البيوت نظراً لضعف القدرة الاقتصادية،مما يجعلك تشعر بأن الجيران يسكنون معك في نفس المنزل، وبالتالي غياب الخصوصية التي ينبغي أن تتمتع بها كل عائلة.
وفيما خصّ معيار "الحماية من الحريق" التي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار عند الشروع في بناء المنازل، فبعض المنازل قد تكون ملاصقة للبساتين، ما يعرض بعضها الى حرائق نتيجة اشتعال النيران في الأشجار اليابسة وامتدادها الى المنازل الملاصقة. وهذا قد يحدث للمنازل على أطراف المخيم التي هي غير مجهزة أساساً بنظام حرائق. فكيف إذا كانت بعض الأبنية تمر من خلال شُرفاتها كابلات الكهرباء الأساسية،التي تربط أعمدة الكهرباء ببعضها؟؟
أما بالنسبة لإطلالة البناء، فالمباني بحاجة أن تُطل على منظر طبيعي ما يساعد على الراحة النفسية،وهذا ما ينعدم تماماً في المخيم. فكل مبنى في المخيم يُطل على مبنى آخر ملاصق له، فلا مناظر طبيعية سوى كتل إسمنتية متراصة تحجب الرؤيا وتسبب الضيق والتوتر.
وفيما يتعلق بوضعية المبنى بالنسبة للشارع، يضيف المهندس التكلي بأن الأصل في البناء أن لا تكون المنازل محاذية للشارع، وأن يمتد على جانبي الشارع المحال التجارية فقط، وأن يؤخذ بعين الاعتبار في تصميم البناء عدم إطلالة غرف النوم على الشارع.
كذلك هناك معايير لتصميم المنزل من الداخل، فلو أردنا تصميم منزل ل6 أشخاص، كان حصة كل من: غرفة الجلوس 24 متر، مدخل 9 متر، مطبخ 20 متر، حمام 10 متر، غرفتي نوم 40 متر، أي أن مساحة المنزل يجب أن تكون ما يقارب ال 100 متر، وهذا ما لا يتوفر غالباً في معظم مساكن المخيم التي هي أشبه بـ "علبة الكبريت".
يختم المهندس التكلي قائلاً: إن معظم الأبنية في المخيم تفتقر إلى مقومات السكن اللائق التي نصت عليها كل العهود والمواثيق الدولية، من ضرورة تمتع الإنسان بسكن لائق يضمن له حياة لائقة.
الحق في السكن:
يتجاوز مفهوم الحق في السكن الملائم الغرفة ذات الجدران الأربعة والسقف الذي يغطيها لحماية قاطنيها، إلى مضمون أوسع وأشمل وهو مرتبط أساساً بالكائن البشري باعتباره أحد العناصر الأساسية لكرامة الإنسان. ولا يمكن بالتالي أن نفهم هذا الحق باقتصاره على توفر الجدران الأربعة للغرفة والسقف لتحل مشكلة السكن.
ورغم الأهمية الحيوية لهذه الجوانب غير أن الحق في السكن الملائم يأخذ أبعاداً أخرى مختلفة، ويتجاوز كثيراً هذه النظرة التقليدية. فالمسكن هو المكان الذي يقضي فيه الإنسان معظم وقته ومنه ينطلق للعالم وللبيئة المحيطة.
والحق في السكن هو حق عالمي وجزء من القانون الدولي لحقوق الانسان، وقد تم تفسيره وتحديد أبعاده كونه حق كل إنسان في مكان يضمن له العيش بكرامة وأمان، وبما يضمن له خصوصية وبناء علاقات عائلية واجتماعية.
فالمادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان نصّت على "أن لكل شخص الحق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهية له ولأسرته وخاصة على صعيد المأكل والملبس والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية". والمادة 17 من الإعلان نفسه نصت بأن "لكل شخص حق التملك بمفرده أو الإشتراك مع غيره، كذلك لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفاً". وللطفل الحق في قدر كاف من الغذاء والمأوى واللهو والخدمات الطبية.
ويُعرف السكن الملائم بأنه ذلك السكن الذي يتضمن قدراً مناسباً من الخصوصية والمساحة الكافية والأمان والإضاءة والتهوية والبنية التحتية الأساسية والحماية الكافية من كل ما يُمكن أن يهدد سلامة السكان مثل البرد والمطر والصواعق والحرارة والرياح والرطوبة والحرائق وما الى ذلك. وهذا ما لا يتوفر في معظم منازل المخيم.