الأونروا في المخيم - مخيم اليرموك


مركز التطوير التربوي التابع للأونروا:

 تم إنشاء مركز التطوير التربوي التابع للأونروا في شهر كانون الثاني من عام 1996م، وعلى أرض تابعة لمنطقة الحجر الأسود، في حي الوحدة، خلف مدرستي القدس واليازور، يقوم هذا المركز بتأهيل المعلمين تربوياً، من خلال دورات إنعاش للمعلمين تواكب التطورات الحديثة في التربية، ويوجد فيه مكتبة شاملة، واستوديو، وعدة غرف إدارية، ويتم فيه توزيع الوسائل التعليمية عن طريق قسم التربية في الأونروا،  وفيه مركز البرنامج الأوروبي لدعم التعلم، دورة عام 2010م ـ 2011م،  وخصصت مدرستا كوكب ـ والقدس لتنفيذ هذا البرنامج، حيث تم تأهيل معلمين لتعليم الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، ويتم التدريس يوم السبت من كل أسبوع باعتباره يوم عطلة، والهدف من هذا البرنامج دمج الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة بغض النظر عن وضعهم التحصيلي في الدراسة، كما ويقوم المركز بإقامة مسابقات للطلاب على مستوى مدارس الوكالة في سورية من رسم،  وشعر،  وخطابة،  وقصة،  وقرآن،  ورياضة،  والإشراف عليها.

المعهد المتوسط الفني والمهني بدمشق:

مركز تدريب دمشق،  واسمه سابقاً ( VTC )، ويقع معهد التدريب المهني في آخر شارع المزة ( الأتوستراد ) في مدينة دمشق، ويستقبل الطلاب الفلسطينيين وحديثاً السوريين، من الذين يحملون الشهادتين الإعدادية أو الثانوية بفرعيها، ويتعلم فيه الطلاب المهن مثل النجارة والكهرباء وتجليس السيارات،  وأيضاً يدرس الطلاب التدريب المهني.

إطلالة على التعليم في مدارس الوكالة في المخيم:

بعد إنشاء مخيم اليرموك، بدأت الأونروا بتشييد المدارس في المخيم، وكان الهم هو بداية دراسة الطلاب، ومن المدارس التي شيدت في البدايات،  مدرسة الجليل وإسدود والجرمق والمنصورة و......الخ، وبدأ الأهالي يرسلون أولادهم إلى المدارس التي بنتها الأونروا لتلقي العلم والمعرفة، وكان المنهج التعليمي لمدارس الأونروا، هو نفسه المنهاج التعليمي لمدارس سورية، وكانت المدرسة كبناء تداوم فيها مدرستان صباحية ومسائية.

لقد كان دوام المدارس في الأسبوع يبدأ من يوم السبت،  وينتهي يوم الخميس، وهو مقسم إلى 3 أيام في الأسبوع كفترة صباحية،  و3 أيام في الأسبوع كفترة بعد الظهر،  وكان هناك عرف بين أهالي فلسطين،  كلمة واحدة يقولوها لإدارة المدرسة أو للمربين وأمام الأولاد وهي ( خوذ اللحم وأعطينا العظم )،  وهذا إذا دل على شيء،  فإنما يدل على الرغبة العارمة لدى الفلسطينيين بتعليم أولادهم وحرصهم على ذلك،  والغاية من هذه الكلمات ليست العقوبة بحد عينها،  إنما هي إحساس الطلاب والتلاميذ بشيء رادع عند التقصير في الدراسة،  والرادع ممكن أن يكون (تأنيب،  توبيخ،  كتابة وظيفة ثلاث مرات،  إحضار ولي أمر، ... الخ)،  وإلا لماذا أوجد الله عز وجل عقوبة من يسرق قطع اليد أو ... الخ،  أليس ذلك رادعاً كي لا يخطئ الإنسان،  ويتعلم ويستفيد من خطئه،  وخطأ غيره.  

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد ... وفي حديث آخر قال عليه الصلاة والسلام: طلب العلم فريضة على كل مسلم.

ومع بداية الأسبوع وفي الفترة الصباحية،  وبعد تقبيل أيادي الوالدين،  يذهب الأولاد إلى المدرسة،  (ربما يأخذون المصروف وربما لا يأخذون) يذهبون وهم يلبسون الصدرية، (وهو قميص طويل قليلاً يصل حتى الركبة)،  ويحملون حقيبة (ربما تشبه نفس الكيس الذي درس به والدهم عند الكتاب )،  والبعض يحمل حقيبة مدرسية،  يدخل الأولاد المدرسة من الباب المخصص للدخول،  ويبدؤون بالاصطفاف،  ثم النشيد الوطني أو فلسطين نادت،  أو فلسطين جريحة ... الخ،  وقبل وأثناء الدخول إلى الصفوف،  لابد من شرب كأس من الحليب الدافئ الذي كانت توزعه الأونروا على المدارس،  ليشربه الأولاد في كل مدرسة،  (حيث يصطف الأولاد ثم يأخذ كل واحد منهم كأساً من الألمنيوم ويصب له الحليب،  ويشربه ثم يضع الكأس الفارغة في مكان مخصص للغسيل)،  ثم يذهب إلى صفه،  حيث يكون عريف الصف في انتظار جميع الأولاد لتنظيم الدخول والخروج،  ثم يقوم الأولاد بتنظيف الصف من قمامات الورق إن وجدت،  وما هي إلا لحظات،  يدخل المعلم مربي الصف أو مدرس المادة،  يقول عريف الصف قيام،  يقف الأولاد وبهدوء،  ويقول المربي صباح الخير يا أولاد ،  نجيب نحن صباح الخير يا أستاذ،  ويقول المربي جلوس،  ثم يجلس جميع الأولاد.

ويبدأ درس الأسبوع في بدايته بحكمة اليوم مثلاُ ــ العلم نورٌ ــ النظافة من الإيمان ــ من زرع حصد ... الخ،  ويتم تغيير الحكمة في كل يوم،  ثم تجمع السبتية وهي 5 قروش سورية ( فرنك ) بالعامية،  وهي على شكل خدمات تقدم للمدرسة كل يوم سبت من الأولاد،  ولذلك سميت السبتية،  ثم نأخذ حبة طبية للغدة،  وأيضاً حبة زيت سمك،  ويبدأ توزيع الكتب المدرسية والدفاتر بأنواعها،  وأقلام الرصاص والبراية والممحاة والتلوين والمسطرة وعداد الحساب ( وكان من الخرز)...الخ،  وممكن أن يكون التوزيع في يوم أو يومين أو عدة أيام،  وحسب المتوفر والموجود في مستودع المدرسة،  ثم تبدأ الدراسة ...الخ .(هذه العطايا التي كانت توزع من حليب وغيرها توقفت منذ العام 1980تقريبا).

لقد كان المعلمون يحملون الهم الوطني الفلسطيني في رسالتهم التعليمية،  من أجل النهوض بمستوى أبناء شعبهم التعليمي،  ورغم كل الظروف القاسية والمعاناة التي عانوها من آثار النكبة، ومن آثار المخيم الذي يدل على الفقر والتشرد و... الخ،  فلا سبيل لمواجهة آثار النكبة إلا بالعلم،  فكان المعلمون وبدون استثناء وإلى الآن حاملي الهم التعليمي لأبناء بلدهم،  وكانوا شعلة تضيء الدرب للأجيال،  وكانوا يتعاملون مع هذا الهم بوفاء وإخلاص وتفانٍ،  ولسان حالهم يردد الآية القرآنية:  وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا

وكان كل معلم ومربي منهم لديه 40 ــ 45 تلميذ في الصف يعاملهم معاملة أبنائه،  وعليه تعليمهم وإرشادهم في جو يسوده الاحترام والود والهيبة للمربي، حتى في حارات المخيم،  حيث كان إذا مر المعلم من الحارة تهرب الأولاد من وجهه احتراماً له،  وخوفاً ورهبة منه،  حتى لا يراهم يلعبون في الحارة لكن للأسف في إن هذا الاحترام والتقدير بدأ يتلاشى في السنوات الأخيرة.

لقد كان لدرس النشيد،  نشوة لا تنسى لدينا نحن التلاميذ اللاجئين الصغار،  ودور فاعل في إنماء الروح المعنوية والوطنية،  وخاصة حين يقف مربي الصف،  وهو ينشد لنا بصوته العذب الحنون،  أنشودة الشاعر هارون هاشم رشيد : ــ 

عائدون ... عائدون ... إننا لعائدون

فالحدود لن تكون  والقلاع والحصون

فاصرخوا يا نازحون إننا لعـــــائدون 

  ويبقى يرددها حتى تذرف دموعه ودموعنا،  ومع هذه الأنشودة التي لا تغيب عن بال أي من الأولاد الذين درسوا في تلك الأيام،  وعندما نلتقي لا بد من ذكريات،  وهذه الذكريات تزيدنا شوقاً وتعلقاً وحنيناً إلى بلدنا فلسطين الحبيبة .

وأيضاً لقد كانت دروس القراءة والتعبير لها رونق آخر لدينا فمثلاً في درس (دائرة الطباشير) وكيف كان يمثل ويشرح لنا الأستاذ المربي ( وأحياناً كان يغير صوته في الشرح ) ويقول ــ ادعت إحدى النساء على امرأة تحمل ولدها ،  وكانت المرأة المدعية لا تنجب الأولاد،  وقالت بأن هذا الولد الذي تحمله تلك المرأة،  هو ولدها وسرقته منها،  فاحتكمتا إلى قاضي البلدة،  الذي سمع منهما القصة،  فأمر برسم دائرة من طباشير على الأرض،  ويوضع الولد داخلها،  على أن تمسك كل واحدة منهن الولد من يده وتشده إليها،  فمن تشده بقوة،  ويصل إلى خط الدائرة القريبة منها يكون ولدها،  وافقت المدعية ورفضت الأخرى،  وبدأت الأخرى وهي الأم تبكي خوفاً على ولدها فلذة كبدها،  حتى لا يصاب ابنها بأي أذى من شده،  وهي تقول وبصوت فيه حنين ورأفة وبكاء ،  والمربي يمثل الدور أمامنا ويبكي ويبكينا (لا يمكن إنه ابني وممكن أن آذيه عندما أشده أو أكسر يده أو ...)،  فيحكم لها القاضي بالولد لأنها مثال الأم التي تخاف على ولدها،  والحكمة هي التي أدت إلى عودة الولد إلى أمه ... ويقول لنا هذا ما حصل لنا نحن يا أبنائي في فلسطين،  حينما أرادوا أن يقسموا بلدنا فلسطين إلى دولتين،  ولكن آباءنا وجدودنا رفضوا ذلك،  وكيف نعطي الأعداء ما ليس لهم،  وأن هذا يا أبنائي هو سبب وجودنا هنا في المخيم.....

لقد كانت دروس في الوطنية وحب التضحية والفداء،  وخاصة دروس الشهادة والاستشهاد ،  حيث يسأل المربي كل منا عن بلده،  وماذا تعرف عنها و .... ،  ويطلب منا كتابة ذلك كوظيفة ويقول استعينوا بأهلكم في حلها،  وفي اليوم التالي يأتي كل واحد منا وورقة الإجابة معه ( وهذا ما تقوم به المدارس منذ سنتين من خلال أمين المكتبة في المدرسة،  وتقوم المرشدات والمشرفات أيضاً،  بتعليم التطريز للطالبات،  بحيث يتم التطريز للألبسة الفلسطينية،  وحسب كل منطقة وبلدة،  جبلية كانت،  أو ساحلية،  أو بدوية.

ودرس آخر ــ ماذا فعلتم بالسروال ــ حين ارتدى ولد سروال فوجده طويلاً،  جاء إلى أخته،  وقال لها أن تقصر له السروال مقدار ثلاث أصابع ،  رفضت الأخت بسبب انشغالها بكتابة وظيفة المدرسة،  وطلب من أمه،  فرفضت الأخرى لأنها كانت تصنع الطعام للمنزل،  وطلب من جدته فرفضت الثالثة طلبه لأنها كانت تصنع كنزة من الصوف،  وشارفت على الانتهاء .

ذهب حزيناً إلى فراشه ونام،  انتبهت الأخت فأخذت السروال وقامت بتقصيره ،  ثم أتت الأم بعد برهة وقامت بتقصيره ،  وبعدها أتت الجدة وقامت بتقصيره أيضاً،  استيقظ الولد وأراد أن يفعل ذلك بنفسه،  لبس السروال ووجده قصيراً جداً،  فوقف في وسط البيت،  وهو يقول ماذا فعلتم بالسروال .. ماذا فعلتم بالسروال .. فلقد كانت دروساً تعشش في الذهن،  ولا تنسى وذكراها لهو خير دليل على ذلك .

ولا يفوتنا كيف كان المربي يوزع علينا الأدوار في درس الزراعة،  فالبعض يزرع القمح،  والبعض يزرع الحمص، والآخرون يزرعون العدس،  بحيث نضع القطن في صحون صغيرة،  ونقوم بسقايتها،  ونرى بأم أعيننا عملية الإنتاش،  وكيف يتشكل الجذر ويخرج الساق وتظهر الأوراق ...،  ويقول لقد كان لكل واحد منا،  قطعة أرض صغيرة في مدرسة القرية في فلسطين،  وكنا نمارس فيها درس الزراعة على طول السنة،  لكي نتعلم كيف نزرع وبالطريقة الصحيحة وبطريقة عملية . 

وفي درس العلوم كيف كنا نشترك بجلب سمكة صغيرة،  أو ضفدع أو أي شيء له علاقة بالدرس،  ليكون الدرس عملياً ليتم فهمه،  وكذلك في درس الحساب الذي لا يخلو من التذكير بجدول الضرب والقسمة السابقين.

ودروس التربية الدينية والقرآن وكيف كان صوت المربي الدافئ يشدو في التجويد،  ويطلب منا تقليده في ذلك،  فهو الذي علمنا النطق الحقيقي للحروف،  ويحدثنا عن الأخلاق الحميدة،  وكيف علينا أن نتخلق بأخلاق النبي محمد صلى الله عليه وسلم،  وبذكر سيرته دائماً،  وفي درس الصلاة،  كيف كان المربي يعلمنا الصلاة عملياً،  ويطلب من بعض الأولاد أن يطبقوها أمامنا لنتعلمها .

ولا يفوتنا درس الرياضة فقد كانت المدارس وكما أسلفنا سابقاً،  يوجد فيها ساحات للعب بالكرات (القدم ،  السلة ،  اليد)،  ولعبة شد الحبل والقفز والجنباز،  وكان المربي يحب أن نلعب بعض اللعبات التي كانوا يلعبوها في فلسطين،  بعد أن يقسم الأولاد إلى 3 مجموعات، مجموعة للكرات،  ومجموعة لشد الحبل ،  ومجموعة للعبة طاق طاق طاقية،  وهي أن يجلس الأولاد بشكل حلقة،  حيث يركض ولد خلف الأولاد وبيده طاقية،  ويقول طاق طاق طاقية،  ونحن نقول بعده فلسطين عربية ،  رن رن يا جرس،  ونحن نقول حوِّل واركب عالفرس ويتم الركض .. الخ،  حيث كان المربي يترنم وتدمع عيناه،  ونحن نصيح بأعلى صوتنا ونقول فلسطين عربية،  حتى أن بعض مربي الصفوف في المدرسة،  كانوا يغلقون أبواب صفوفهم من شدة الصوت،  لقد كانت دروساً في اللغة والأخلاق والأدب والعلوم و.... إلا أنها كانت دروساً في الوطنية وحباً لفلسطين ونتذكرها على أمل العودة إليها يوماً ليس ببعيد إن شاء الله .

ولقد كان المربون يعلموننا ماذا نصنع إذا أتت غارة إسرائيلية على المدرسة،  إذا كنا في المدرسة،  وكيف نحمي أنفسنا بالنزول تحت المقاعد الدراسية،  لأنهم يعرفون أن الصهاينة لن يميزوا بين مدرسة وجامع،  ولن يرحموا صغيراً أو كبيراً منا نحن شعب فلسطين،  وذلك بحكم معرفتهم وتجربتهم فقد عايشوا النكبة ووحشية العدو.. وأضف إلى ذلك لقد كان زجاج المدرسة عليه لاصق على شكل إشارة الضرب أو الزائد،  الذي بدوره يخفف ويحمينا وقدر الإمكان من تطاير الزجاج حال حدوثه،  حتى لا يتحطم فوق رؤوسنا .

وعندما علمنا في المرحلة الابتدائية أن فلسطين تشبه السكين أو الخنجر، صار كل واحد منا يحب أن يرسمها ويزينها بأولى صفحات دفاتره،  ويكتب تحتها وبتعبير داخلي وكل على هواه ــ فلسطين نادت ــ فلسطين لنا ــ سنعود ــ بلادنا ــ ..... الخ.

ونكبر ويكبر فينا حب الوطن نحن فلسطينيي الشتات، ورغم الفقر المدقع في تلك الأيام لغالبية الشعب الفلسطيني،  إلا أنه برز منا وفينا المتفوقون،  الذين يريدون أن يتعلموا ليحققوا شيئاً لأنفسهم ولأوطانهم،  وكان لمدارس الأونروا في مخيم اليرموك دوراً بارزاً في تفوق عدد كبير من تلامذتها وطلابها من اللاجئين الفلسطينيين،  الذي جعل هذا الشعب من أوائل الشعوب المتقدمة في مجال العلم،  وكان دورالمربين والمعلمين مشكوراً في صنع الجيل السابق والحاضر من أهل المخيم،  في كل ما قدموه للطلاب والتلاميذ،  فبرز منهم الأطباء والمهندسون والمحامون والمعلمون والشعراء،  وعلماء في العلم الشرعي،  وأساتذة الجامعات في البلاد العربية والغربية،  وشتى العلوم ... الخ،  وفي كل المخيمات في سورية وبالأخص مخيم اليرموك،  فمن الذين منّ الله عليهم بالعلم والشهادات العليا،  ومن مدرسي الجامعات:

  • الأستاذ الدكتور يوسف حطيني ــ مدرس في جامعة الإمارات ــ الأدب العربي
  • الأستاذ الدكتور حسن الباش ــ مدرس جامعي في دمشق ــ مقارنة الأديان .
  • الأستاذ الدكتور أحمد كيوان ــ مدرس في جامعة دمشق ــ التربية .
  • الأستاذ الدكتور موفق سعيد حطيني ــ مدرس في جامعة دمشق ــ معلوماتية .
  • الأستاذ محمد مباركة ــ باحث ــ مجلة صوت فلسطين .
  • الأستاذ محمد توفيق السهلي ــ باحث ــ موسوعة الأمثال الشعبية الفلسطينية .
  • الأستاذ رشاد أبو شاورــ روائي .
  • الأستاذ أحمد هلال ــ ناقد .
  • الأستاذ مدير مدرسة القسطل،  الشاعر المرحوم محمد حسن تميم والذي توفي في بداية 2011م وله قصيدة:

وطني الجليل ...

يافا وغزة والخليل ...

والقدس ترقد في الجبال .

بيسان تبسم في السهول .

وطني الجراح على الجراح .

والليل يجلوه الصباح .

قلبي الخليل ...

روحي الجليل ...

لو ظل سيل الدم يجرف ألف جيل ...

إن البرنامج التعليمي الأساسي لوكالة الغوث في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين يتألف من مرحلتين, مرحلة التعليم الأساسي الأولى, وتبدأ من الصف الأول حتى الرابع, ومرحلة التعليم الأساسي الثانية, وتبدأ من الصف الخامس حتى التاسع ( الثالث الإعدادي )، مضافاً إليها التعليم المهني ومتمثل بالمعهد المتوسط الفني والمهني بدمشق, واسمه سابقاً ( VTC ).

إن البرنامج التعليمي في مدارس الأونروا يبدأ بالصحة المدرسية, حيث لا يقبل الطالب في المدرسة إلا بعد خضوعه لفحص طبي في الصف الأول, وفي مراكز الصحة التابعة لوكالة الأونروا, ويعاد الفحص الطبي داخل المدرسة في الصف الرابع والصف السابع, ويعطى الطالب اللقاحات حسب الفئة العمرية, والإناث تعطى لقاح الكزاز في الصف السابع, وأيضاً هناك فحص للنظر في الصف الرابع, يقوم به المرشد الصحي في المدرسة , ويؤكد نتيجة الفحص طبيب الصحة المدرسية .

ويبدأ البرنامج التعليمي في مدارس الأونروا بمعرفة مستوى الشعب الدراسية, يكون هناك سبر للمعلومات في كل شعبة, ومع بداية كل عام دراسي جديد, كما ويوجد دفتر للتشخيص والمعالجة في كل شعبة, والغاية منه معرفة إدارة المدرسة عن الأمراض التي تخص الذاكرة, أو المستوى الذكائي, أو الحالات النفسية الموجودة في المدرسة إن وجدت, وذلك من خلال المرشد الاجتماعي الموجود في المدرسة, ويتم معالجة هذه المشكلة ومتابعتها بالتعاون بين المدرسة وولي أمر الطلاب أو الطالبات .

( لو أجرينا مقارنة بين مدارس البلد المضيف, ومدارس الأونروا من ناحية أعداد المرشدين الاجتماعيين, لوجدنا أنه في البلد المضيف, يوجد لكل مدرسة مرشد وممكن أكثر, والزيادة مرهونة بتعداد طلاب وصفوف المدرسة , بينما في مدارس الأونروا, فلكل 6 مدارس مرشد واحد, أليس هذا إرهاق للمرشد ) .  

وهناك سبر للتلاميذ الذين يأتون من خارج البلاد, ويرغبون للتسجيل في مدارس الأونروا ( الفلسطينيين العراقيين ), والغاية منه معرفة مستوى التلميذ الدراسي, وأيضاً هناك سبر للتلاميذ الذين يسجلون في المدارس لأول مرة ( الصف الأول ) حيث يخضع التلميذ لسبر معلومات من قبل المعلم المعني بهذا الأمر, لتشخيص مستواه, وإذا درس في روضة أو لا, ولمعرفة كيفية التعامل معه في العام الدراسي  .

لقد كان التفوق والواقع العلمي والتعليمي مذهلاً وكبيراً وإيجابياً في مدارس الأونروا في مخيمات الشتات الفلسطيني, وفي مخيم اليرموك بشكل خاص, ولكن السلبيات كانت أكبر علينا نحن الفلسطينيين, التي أعاقت العملية التعليمية في مخيماتنا, فالدول المانحة بدأت تخفض من التزاماتها في الأموال المترتبة عليها لدفعها إلى الأونروا, والتي انعكست سلباً على أداء دورها, ولم تعد الأونروا قادرة على الإيفاء بالتزاماتها, وخاصة في مجال التعليم, ولم تعد تعطي طلاب المدارس من الصف الأول وحتى الصف التاسع سوى الكتب, أما باقي مستلزمات المدرسة, من لباس ودفاتر بأنواعها وأقلام بأنواعها وبرايات وتلوين وأدوات الرسم و... الخ , فتقع على عاتق أهل الطلاب, ولم يعد هناك حليب الصباح, ولا حب الغدة, ولا زيت السمك, وبقيت السبتية يدفعها الطلاب للمدرسة ( وتدفع الآن في بداية العام الدراسي ) .

ومع غلاء الحالة المعيشية التي أرهقت الأهالي, وخاصة من كان لديه 7 ــ 8 أولاد وكلهم يدرسون في المدارس, فلم يعد باستطاعة الأهالي شراء كافة المستلزمات المدرسية لهم, فانتشرت ظاهرة التسرب من المدارس, كان من حالاتها أن بعض أولياء الأمور أرسل أولاده إلى العمل وفي سن مبكرة, ولا يفوتنا حالات الخلافات العائلية والتي غالباً ما تنتهي بالطلاق, يعيش فيها الطلاب هائمين فلا أب ولا أم, ويبدأ الشارع والعنف والتلفزيون والتدخين والحبوب والإدمان, يدخل إلى بعضهم, والخوف من المعلم, التي ولّدت لدى بعض الطلاب عدم الرغبة في حب المدرسة والتعلم, مما دعا الأخوة والأخوات في مديرية التربية في الأونروا شاكرين جهودهم, إلى عمل ندوات ومحاضرات في التوعية والإرشاد من أجل تخطي هذه المرحلة قبل أن تستفحل في المدارس, وتقضي على الجيل بأكمله, وقد شاركت في ندوة تربوية حوارية أقامتها الأخت المرشدة المدرسية مي برقاوي في مدرسة القسطل في مخيم اليرموك, تناولت فيها عدة جوانب من العلاقة بين السلوك العدواني للابن وبين المشاكل الأسرية, ومسألة تواصل أولياء الأمور مع المدرسة, وعدة أمور كان الهدف منها : ــ

ماذا تعني لي المدرسة؟ ولماذا أنا هنا ؟ والربط بين الأهل والمدرسة, والمعلم والطالب, حتى يتم تخطي هذه الحالات, وكان الحضور لهذه الندوة متفهماً لحجم وصعوبات المرحلة التي يمر بها الواقع التعليمي في المجتمع الفلسطيني .

 ومنذ سنتين أطلقت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين حملة ( معاً من أجل مدرسة خالية من العنف ) في سورية, وفي مدرسة المنصورة الأولى للتعليم الأساسي في مخيم اليرموك بدمشق, ( شاركت فيها أيضاً ) لتعزيز العمل التشاركي بين المدرسة والمجتمع للوصول إلى سلوك تربوي سليم, يركز على الممارسات الجيدة ومفاهيم القيم.

وهدفت الحملة إلى خلق ثقافة تعتمد على مفهوم المدرسة الخالية من العنف في المدارس, ورفع سوية الوعي عند الموظفين والطلاب والمجتمع المحلي, وأن حماية الطفل من العنف ونبذه, يبدأ بعملية تربوية كاملة, وتغيير أساليب الآباء والمدرسين في التعامل مع الطفل, وبالعمل على تنمية المجتمع بطرق سليمة وواعية, واعتماد أسلوب الثواب والمساءلة بحق الطالب, وعدم ممارسة العنف اللفظي والبدني والنفسي للحصول بالنهاية على نتائج تربوية جيدة .

إن تطبيق الأنظمة الحديثة, أدى إلى غياب الرادع لدى الطلاب, وبدوره غياب المربي والمعلم الذي كان موجوداً سابقاً, والعقوبات الأخرى لا تجدي مع الطلاب, وذلك لعدم تعاون الأهل في البيت مع المدرسة . 

ومن الأسباب التي أدت وتؤدي إلى تراجع الواقع التعليمي في المجتمع الفلسطيني نظام الدراسة بفترتين, ونحن نعلم أن العقل السليم في الجسم السليم, فالعمل بهذا النظام, يحرم الطالب فعلياً من ممارسة أية نشاطات رياضية أو ثقافية أو فكرية أو ... الخ, وحتى للمعلم فضيق الوقت صباحاً ومساءً يحرمه من روابط وعلاقات اجتماعية ينتهي به اليوم منهكاُ, إضافة إلى تحضير الدروس ليوم غدٍ , مع الأخذ بعين الاعتبار أن مدة الدراسة خمسة أيام في الأسبوع, ومع العلم أن دوام أغلب مدارس البلد المضيف في الفترة الصباحية فقط, ( وصدفة, أجريت استفتاء بين معلمين ومعلمات وطلاب وطالبات في أحد الأنشطة وكان السؤال, ما رأيكم لو كان دوام المدارس دائماً في الفترة الصباحية ؟ وكان الجواب أن 19 من 20 رحبوا بذلك, أما المعترض فكانت معلمة أحبت أن يكون الدوام في الفترة الثانية دائماً, والسبب أن عمل زوجها يبدأ الساعة الواحدة ظهراً, وينتهي الساعة العاشرة مساءً ) .

 ومن الأسباب التي أدت وتؤدي إلى تراجع الواقع التعليمي في المجتمع الفلسطيني أيضاً, أن أكثر مباني المدارس في المخيمات تفتقر إلى المواصفات الخاصة بالمدارس, فاكتظاظ الصفوف في مدارس الوكالة في كل المخيمات, وفي مخيم اليرموك على وجه الخصوص, لهو خير دليل على ذلك, فقد يصل عدد الطلاب إلى 45 طالباً, وأحيانا أكثر من خمسين طالباً في الصف الواحد, وهذا مرتبط بسياسة تقليص الميزانيات التي تمارسها الأونروا وبشكل منهجي, وتوقفها عن صرف جميع أشكال المنح المالية, وهذا ينعكس سلباً على الطلاب والمعلمون, فبينما يشرح المعلم لـ 15 طالب, وتكون المشاركة منهم أوسع قياساً للعدد و لضيق الوقت, ولمشاهدة الوظائف و ..

ومن الأسباب أيضاً التي أدت إلى تراجع الواقع التعليمي في المجتمع الفلسطيني, أزمة التعليم الثانوي في المخيم, وهي نابعة من عدم وجود أبنية مدرسية كافية, إذ أن ثانوية الذكور بقيت مشتركة مع إعدادية أخرى لمدة تصل إلى 15 عاماً قبل أن تفصل المدرستان عن بعضهما, مما يضطر بعض أولياء الأمور إلى  تسجيل أولادهم وبناتهم بمدارس خارج المخيم . أ

ومن الأسباب التي أدت إلى تراجع الواقع التعليمي في المجتمع الفلسطيني, إلغاء دروس الأخشاب, والمعادن, والرسم الهندسي في المرحلة الثانية للتعليم الأساسي ( الإعدادية ) المؤهلتين للمعهد المتوسط الفني والمهني بدمشق ـ VTC سابقاً ـ مع عجز مراكز التأهيل المهني لاستيعاب كافة الطلاب المتقدمين لديها.

 وأيضاً ...انتشرت ظاهرة التعليم الخاص أو الموازي, خصوصاً للمرحلة الثانوية لتدريس اللغات والتقوية في بعض المواد مثل الرياضيات , الفلسفة , ... الخ, ومع كثرة المعاهد التي تدرس البرنامج المدرسي المقرر والكومبيوترات .

وإن وجود البوفيه في مدارس الوكالة ضرورة لابد منهاحيث يتم تضمين البوفيه في مدارس الوكالة لأشخاص مدنيين مقابل بدل مادي ( مالي ), وهذا البدل المادي يتم تقسيمه بنسبة 40% للمدرسة, و60% للوكالة, حيث تقوم الوكالة مشكورة, بشراء لوازم ووسائل للمدارس من النسبة التي تأخذها .

( ولكن المغالاة الكبيرة في بدل التأجير المادي ـ الضمان ـ انعكس سلباً على الخدمات التي تقدم من قبل البوفيه للطلبة, بحجة أن المستثمر يريد أن يسترجع رأس ماله ), ومع الأخذ بعين الاعتبار أنه جرى في هذه السنة الدراسية 2010م / 2011م تقنين لأغلب المواد والخدمات والوسائل والصحة, بسبب تغيير المناهج التعليمية في المدارس, ولم يتم تقنين مخصصات التدفئة الخاصة بمادة المازوت, وفي أغلب الأحيان كافية طوال السنين الدراسية .

ومع مرور الوقت بدأت مرحلة التسرب المدرسي والهروب من المدارس للالتحاق بالمقاومة الفلسطينية في لبنان الشقيق, وهناك احتك الشباب بواقع لم يكن موجوداً في سورية بفعل انفتاح المجتمع اللبناني حيث بقي نسبة لا بأس بها من الشباب هناك .

ومن الأسباب التي أدت وتؤدي إلى تراجع الواقع التعليمي في المجتمع الفلسطيني أيضاً, زيادة المعدلات في القبول بالجامعات, والمصروفات الباهظة تجعل أولياء الأمور يعيدون حساباتهم في تعليم أبنائهم, وإن قيام بعض فصائل المقاومة الفلسطينية بإرسال بعض الطلاب الحائزين على شهادة الثالث الثانوي ( البكالوريا ) القسم العلمي كمنحة للدراسة إلى دول أوروبة الشرقية والإتحاد السوفييتي سابقاً, خفف ولو بقليل من حدة هذا الأمر .

ولكن لماذا لا توجد الآن أية جهة ترعى هذا الأمر أو تتبنى هؤلاء الطلاب ( سؤال يدور في رؤوس وخلجات أغلب الطلاب ولا يرون له جواب ) . ( 11 )