الفلسطينيون في الكويت
المهاجرون الأوائل:
سجل الفلسطينيون أول ظهور تقريبي لهم في الكويت عام 1936، حينما وصل فريق تربوي فلسطيني من أربعة مدرسين هم أحمد شهاب الدين (الذي أصبح كويتياً فيما بعد) وجابر حديد وخميس نجم ومحمد المغربي، وقاموا بتأسيس النظام الكويتي التربوي بعد دعوتهم من قبل مجلس التعليم الكويتي.
وما بين عام 1948 ومنتصف الخمسينيات توافد إلى الكويت المئات من الفلسطينيين المتعلمين من الأطباء والمهندسين والمعلمين للمشاركة في نهضة الكويت بعد اكتشاف النفط، واستعدادها للاستقلال، حيث مثلت الطبقة المتعلمة موجة الهجرة الأولى إلى الكويت.
النشأة
نشأت الجالية الفلسطينية في الكويت أول ما نشأت بعد قيام إسرائيل سنة 1948، وذلك عندما تحول مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى لاجئين. والكويت - يوم كانت مقدمة على خطة طموحة للتنمية في أوائل الخمسينات والستينات - رحبت بأولئك المهاجرين الأوائل. وبمرور الأعوام، أصبح الفلسطينيون في الكويت جماعة ذات نفوذ في أجهزة الدولة وعلى صعيد القطاع الخاص، تتألف من مدرسين وأطباء ومهندسين ومديرين ومقاولين وفنيين وخبراء، وما إلى ذلك.[1] وعقب حرب حزيران/يونيو 1967، تضاعف عدد الفلسطينيين في الكويت؛ فالكثيرون من القادمين الجدد كانوا، في الواقع، من أبناء الفلسطينيين العاملين في الكويت ومن أقاربهم. وقد قدرت إحصاءات سنة 1970 عدد الفلسطينيين بنحو 696,147 نسمة مقارنة بـ 712,77 نسمة سنة 1965، و327,37 نسمة سنة 1961. وفي سنة 1970 بلغ عدد المواطنين الكويتيين 394,347 نسمة من مجموع 662,738 نسمة، هو إجمالي تعداد السكان في الكويت آنذاك.[2] وبحلول سنة 1990، كانت الكويت، بمواطنيها البالغ عددهم 000,650 نسمة، تضم واحدة من أكبر جوالي الشتات الفلسطيني، إذ بلغ أفرادها آنذاك نحو 000,380 فلسطيني.[3]
ولقد جرت منذ الخمسينات حتى صيف سنة 1990 تطورات كثيرة أقامت حاجزاً مبهماً بين الفلسطينيين من جهة، وبين النظام السياسي في الكويت وبعض قطاعات المجتمع الكويتي من جهة أُخرى. وشكلت حرب 1973 نقطة تحول باتجاه تبلور هذا الحاجز. فتلك الحرب لم تكن حاسمة، وجلبت معها إلى الكويت مخاوف من احتمالات التوصل إلى تسوية للصراع العربي - الإسرائيلي من شأنها أن تؤدي إلى بقاء جالية فلسطينية كبيرة في الكويت تساوي أكثر من نصف السكان. وتعززت المخاوف من جراء التورط الفلسطيني في الحرب الأهلية في لبنان سنة 1975 (وقبلها الحرب الأهلية في الأردن في فترة 1970 - 1971). وعندما جرى حل مجلس الأمة سنة 1976، كانت الحرب الأهلية في لبنان إحدى الذرائع الكثيرة التي أوردتها الحكومة لحله.[4] وأصبحت احتمالات أن يخل الفلسطينيون بميزان الجوالي في الكويت، وسط تحولات جذرية وتيارات سياسية سادت المنطقة آنذاك، واحدة من القضايا التي أخذت تقلق المسؤولين في الكويت.[5] وقد تعرضت الكويت في الثمانينات لضغوط داخلية من قِبل المجتمع الكويتي وفئاته المعارضة، وهو ما أدى إلى حل مجلس الأمة للمرة الثانية سنة 1986. كما شهدت الكويت في أواسط العقد الفائت موجة من الإرهاب على يد جماعات موالية لإيران. وانعكس هذا كله، من حيث زيادة الإجراءات الأمنية الداخلية والتدقيق في هويات المقيمين، على العلاقة بالجالية غير الكويتية الكبرى في الكويت، أي الفلسطينيين. بل بدأت السلطات الكويتية منذ أواخر السبعينات وخلال الثمانينات فرض قيود على الإقامة وتأشيرات الدخول وتصاريح العمل وحصول غير الكويتيين على رخص سياقة السيارات، وما إلى ذلك.
وفي تلك الفترة، وهذا عامل نعتبره في غاية الأهمية بالإضافة إلى العوامل الأمنية والسياسية، كانت الكويت نفسها تعاني ضغوطاً عديدة من قِبل مئات وآلاف الخريجين من الكويتيين الذين كانوا يطالبون بتوفير الوظائف والمزايا لهم، وبأن يُسمع رأيهم في إدارة شؤون البلد. وقد بدأ هؤلاء الخريجون من أبناء الطبقة الوسطى الكويتية الآخذة في النمو، يرون في الوجود المدني الفلسطيني الكثيف عنصر منافسة لهم، بل عنصراً يمنع ارتقاءهم وتوظيفهم. ونتج من هذه الضغوط اتباع الكويت سياسة "التكويت" التي كانت في أغلب الأحيان سريعة وغير منظمة. وهكذا بدأت المشاعر تجاه الفلسطينيين تتحول إلى نوع من الفتور، ومن البغض أحياناً.
موجة الهجرة الثانية:
في منتصف الخمسينيات بدأت موجات الهجرة الثانية التي كانت تتألف من الفلاحين الفلسطينيين الفقراء الذين اضطروا لدخول الكويت عبر طرق التهريب المعروفة بين الحدود العراقية والكويتية، أو عبر البحر، حيث توفي العشرات منهم بسبب الحر الشديد أو الغرق في مياه البحر، وذلك بسبب رفض السلطات البريطانية التي كانت تستعمر الكويت استخراج أذونات دخول لهم.
وبعد استقلال الكويت عام 1961 بدأ الفلسطينيون بالدخول بشكل طبيعي مرة أخرى للكويت، حيث صارت الجالية الفلسطينية أكبر جالية وافدة في البلاد، خصوصاً بعد حرب 1967 حينما سمحت الكويت لكل الفلسطينيين بجلب عائلاتهم، إذ وصل عددهم قبل الغزو العراقي إلى الكويت عام 1990 إلى 380 ألف نسمة من أصل مليون و700 ألف نسمة يعيشون في الكويت.
أثناء الغزو العراقي تسببت مواقف منظمة التحرير الفلسطينية المؤيدة لصدام حسين وبعض المنظمات الأخرى بخروج أكثر من 200 ألف فلسطيني من الكويت بعد تحرير البلاد عام 1991.
وقررت الحكومة الكويتية إبعاد الجزء الأكبر من الفلسطينيين المتبقين في الكويت، والذين تراوحت أعدادهم بين 150 إلى 180 ألف نسمة. وقد أبعد الجزء الأكبر منهم إلى الأردن (التي كانت الأغلبية تحمل جنسيتها) في عملية ترحيل كبيرة، وصفت بأنها الكبرى في تاريخ الكويت، فيما بقي الآخرون في الكويت بعد كفالة بعض الكويتيين الشخصية لهم أمام وزارة الداخلية ومجموعات المقاومة الكويتية المسلحة في البلاد.
الواقع السكاني
يصنف الفلسطينيون في الكويت مقيمين عاديين مثلما تصنف الجنسيات الأخرى، وهم مشمولون في نظام الكفالة (أي يجب أن تكفلهم جهة عمل ما للعمل في الكويت) وليسوا مصنفين لاجئين ولا يحصلون على أي معاملة خاصة.
- أعداد الفلسطينيين الحالية في الكويت:
يُقدر عدد الفلسطينيين في الكويت حالياً ما بين بـ 60 ألف و 70 ألف فلسطيني مقيم فيها.