مستقبل معلّق: قيود لبنانية جديدة تُضيّق الخناق على الممرضين الفلسطينيين
مستقبل معلّق: قيود لبنانية جديدة تُضيّق الخناق على الممرضين الفلسطينيين
دعاء خليفة _ لبنان
شهدت الأوساط الفلسطينية في لبنان حالة من الصدمة والقلق بعد صدور إجراءات جديدة تتعلق بمنح إذن مزاولة مهنة التمريض للاجئين الفلسطينيين، وهي قيود يرى فيها كثيرون تقويضاً عملياً لحقهم في العمل وإغلاقاً لأبواب مستقبلهم المهني في بلد يمثل لهم ملاذاً مؤقتاً.
لطالما مثّلت مهنة التمريض، في السنوات الأخيرة، بصيص أمل للكثير من الشباب الفلسطيني في لبنان، حيث سمحت بعض التسهيلات السابقة لهم بالحصول على إذن مزاولة مؤقت لتلبية حاجة سوق العمل اللبناني. هذا التسهيل شجّع مئات الطلاب على دراسة التمريض بتفوّق أكاديمي ملحوظ في كبرى الجامعات اللبنانية.
الإجراءات الجديدة، التي صدرت مؤخراً بقرار من مجلس الوزراء، أضافت شروطاً تُعتبر شبه مستحيلة التطبيق على أرض الواقع، لتحويل حق المزاولة إلى استثناء نادراً وتتمحور هذه الشروط حول:
عرض عمل رسمي من مستشفى: يجب على الممرض الفلسطيني تقديم عرض عمل صريح من مؤسسة استشفائية.
إثبات عدم وجود متقدم لبناني: الشرط الأصعب، إذ يتوجب على المستشفى أن تُثبت رسمياً عدم تقدّم أي مرشح لبناني لشغل الوظيفة المعلن عنها، بغض النظر عن كفاءة المتقدم الفلسطيني أو تفوقه الأكاديمي.
في ظل التنافس الطبيعي في سوق العمل، وتفضيل المؤسسات اللبنانية بطبيعة الحال توظيف اللبنانيين، يصبح من الخيال أن يتمكن أي مستشفى من تقديم ورقة رسمية تثبت خلو الوظيفة تماماً من أي متقدم لبناني. هذا الإجراء، وإن كان يهدف للحفاظ على أولوية اليد العاملة اللبنانية، إلا أنه في حقيقته يُلغي عملياً فرص منح الإذن للفلسطينيين، مانعاً آلاف الشباب من ممارسة مهنة استثمروا فيها سنوات من الجهد والمال.
أثارت هذه القيود الجديدة اعتراضاً واسعاً من قبل الطلاب والخريجين الفلسطينيين والجهات المتابعة لشؤون اللاجئين. فهم يرون أن هذه السياسات:
١. تُعمّق الأزمة المعيشية في وقت يواجه فيه اللاجئون الفلسطينيون أزمة اقتصادية ومعيشية خانقة، يأتي هذا القرار ليحرمهم من فرصة عمل قانونية في قطاع حيوي.
٢. تتناقض مع مبادئ حقوق الإنسان، والإصرار على التعامل مع الفلسطيني كـ "أجنبي" يخضعه لشروط صعبة، بدلاً من التعامل معه كلاجئ يحتاج إلى الحماية القانونية وحق العمل كأبسط الحقوق الإنسانية.
٣. تُهدد النظام الصحي، يأتي هذا التضييق رغم حاجة السوق اللبناني للممرضين، كما أثبتت جائحة كورونا التي كان فيها الممرضون الفلسطينيون في الصفوف الأمامية وقدّموا تضحيات كبيرة لدعم النظام الصحي اللبناني.
وقد دفع هذا الواقع المرير الكثير من خريجي التمريض الفلسطينيين، ممن يتمتعون بكفاءات عالية وتفوق أكاديمي، إلى الشعور بانسداد الأفق، مما يدفعهم إلى التفكير الجدي في الهجرة خارج لبنان، تاركين خلفهم سنوات من الدراسة والأمل المعقود على خدمة مجتمعهم
تصدير المحتوى ك PDF