بدنا كرفانات .. عندما تصبح أبسط حقوق الانسان أُمنية.
بدنا كرفانات .. عندما تصبح أبسط حقوق الانسان أُمنية.
ريم العتيبي_لندن
بدنا كرفانات هي عبارة ترددت كثيراً في الأيام القليلة الماضية في غزة
تجعل القلب يعتصر ألماً عليهم كيف تكون أبسط الحقوق أمنيات صعبه كيف هذا يجعلنا نموت حزناً كل ليلة من تأنيب الضمير
#بدنا_كرفانات🥲
لم يطالبوا بقصور ولا مساكن فاخرة، مع أنّه لا أحد في العالم يستحق العيش في القصور قبلهم؛ فهم من تحملوا ودافعوا عن كرامة أمة، رغم أنّ الأمة ومسؤولي الأمة خذلوهم.
في غزة، لا يأتي الشتاء بملابس دافئة وبيوت معبّقة برائحة الخبز والقهوة كما هو طبيعي في العالم… بل يأتي كألم جديد يُضاف إلى آلامهم، يفتح أبواب الوجع والتعب من جديد.
هناك، تحت سماء مثقلة بالغيوم، يعيش آلاف الناس الذين خسروا بيوتهم وأحلامهم، ويقف المطر فوق رؤوسهم كاختبارٍ آخر لصلابتهم وقدرتهم على البقاء
لم يطلبوا الكثير، لم يرفعوا شعارات تطالب ببناء الفلل والبيوت الفاخرة، لم يحلموا بقصور ولا بنوافذ تطل على البحر.
إنهم يطلبون كرفانات فقط؛ مجرد غرف معدنية صغيرة تحفظ أطفالهم من الغرق، تقي ثيابهم من البلل، وتمنحهم شيئًا من الكرامة وسط هذا الخراب اللامتناهي.
غزة التي غرقت لأن العالم أدار ظهره مرة أخرى…
مشاهد الأطفال وهم يحملون أغطيتهم المبتلّة، النساء وهنّ يحاولن جاهدات إنقاذ ما تبقّى من فراشهم ، والشيوخ الذين يقفون حائرين أمام مياه المطر التي تسللت إلى سجادات صلاتهم… ليست لقطات عابرة.
هذه صور حقيقية لأناسٍ حقيقيين… بشر يشبهوننا تمامًا، لكن الفرق أنهم يعيشون في خيمة لا تمنع بردًا ولا ماءً ولا رياحًا؛ خيمة ليست من أجل التنزّه والتخييم لبضعة أيام، بل هي بمثابة مسكن الى ان يشاء الله .
كيف يمكن للعالم أن يرى الخيام تتحول إلى بُرك ماء، ولا يسمع صرخة أمّ ترتجف لأنها لا تستطيع تجفيف ثياب طفلها؟ ولا اشعال نار الطهي الذي ُبلل حطبها
لماذا نتركهم وحيدين، مرة بعد مرة، كأن قلوبهم مجرد تفاصيل لا تستحق الالتفات؟ أو كأنهم ليسوا بشرًا مثلنا؟
إنهم لا يريدون المستحيل… يريدون فقط أن يعيشوا.
ليس لهم مطلب سوى شيء يليق بالإنسان:
مساحة آمنة تقيهم المطر، تحميهم من الطين، وتمنحهم القدرة على النوم دون خوفٍ من أن يستيقظوا على خيمة سقطت فوق رؤوسهم، رغم إزعاج ضرب قطرات المطر على هذا الصفيح الذي يطلبون العيش فيه.
بدنا كرفانات… صرخة بسيطة لكنها تختصر الكثير:
تختصر اليأس الذي ألمّ بهم، والخذلان الذي رافقهم، والرجاء الذي أرسلوه للعالم، لعلّ العالم يصحّح قليلًا ويجمّل من تاريخه بالخذلان لهم… لعلّ من يسمع يحنّ قلبه.
إلى العالم… إلى أصحاب الضمير:
لا تتركوا غزة وحدها. هذا النداء الأخير
الإنسان لا يحتاج الكثير ليكون إنسانًا… طالب، ارفض، تبرع… حتى تحافظ على ما تبقّى من كرامتك.
أهل غزة، رغم الألم، لا يطلبون سوى القليل كي يواصلوا الحياة وسط هذا الركام، فكن لهم عونًا.
لا تتركوا غزة تغرق في المطر والبرد والخذلان.
لا تتركوا الأطفال يرتجفون داخل خيام مبللة.
لا تتركوا الأمهات يبكين بصمت لأنهن عاجزات عن حماية صغارهن.
ارفعوا أصواتكم، شاركوا الوجع، وانشروا الحقيقة… فربما يصل هذا النداء إلى من يستطيع أن يفعل شيئًا.
وربما يرى العالم أن غزة لا تطلب رفاهية… بل فقط ما يحفظ حياة الإنسان.
#بدنا_كرفانات
صرخة كرامة… قبل أن تكون صرخة ألم
تصدير المحتوى ك PDF