الدكتور حسام... صوت الإنسانية الذي أسكته الظلم

ريم العتيبي-لندن
الدكتور حسام... صوت الإنسانية الذي أسكته الظلم
لم يحمل يومًا سلاحًا سوى سماعته الطبية، وضماداته التي كانت تتحدى القذائف، وقلبه الذي اتسع لأوجاع الناس رغم عسر وضيق الحال.
كان في قلب الخطر، لا على أطرافه، في الصفوف الأولى لإنقاذ الأرواح، لا في الملاجئ.
في لحظة غادرة، اعتقلوه. اقتادوه بعيدًا، كأنهم خطفوا من غزة آخر ما تبقّى من ملامح الرحمة فيها.
لم يكن غيابه صدمة لأسرته وزملائه ومرضاه فقط، بل لكل من آمن بأن الإنسانية لا يجب أن تكون هدفًا في مرمى النار.
لم يكن الدكتور حسام مجرد طبيب يؤدي واجبًا وظيفيًا، بل كان نموذجًا حيًّا للطب النبيل، وللقلب الذي ينبض بما هو أكبر من مهنته بكثير.
كان يسابق الزمن لإنقاذ الأرواح، لا بحثًا عن مجدٍ شخصي، ولا عن ترقية من مدير،لم يبحث عن شهرة ولا متابعين بل كان يعمل إيمانًا برسالة قلّ من يفهمها في زمن التخاذل الذي نعيشه.
كان يعمل في ظروف قاسية، تحت القصف، وسط الانهيارات، دون كهرباء كافية أو أدوات مناسبة، لكنه لم يعرف التراجع يومًا.
كان يُطمئن بكلمة، ويداوي بلمسة، ويعيد نبض الأمل في أوقاتٍ بدا فيها الموت هو المنتصر.
أسرهُ الاحتلال وهو على رأس عمله، في أقصى درجات العطاء، فصار غيابه جرحًا آخر لا يُنسى، وقصة شجاعة ممزوجة بالعزّة والكرامة.
حتى في غيابه... يعلو صوته
فوالله، لم يكن الغياب نهاية،
بل كان بدايةً لحضورٍ أعمق في ذاكرة الناس وقلوبهم.
غابت تقاريره من ملفات المرضى، وخطواته من أجنحة المستشفيات،
لكن من ذا الذي يستطيع اختطاف أثره؟
من ينجح في محو تاريخٍ سطّر عزًّا وفخرًا، شجاعةً ونُبلًا؟
اليد التي كانت تمسح دماء الأطفال،
(وتطبطب) على أكتافهم، تطمئن قلوبهم المرتجفة خوفًا، فتبثّ فيها الأمان،
كان
القلب الذي وسِع الكون حبًّا وعطاءً...والعين التى لاتغمض ولاتسهو حبا لا إجبارا
كل ذلك لا يُغيبُه اعتقال، ولا تحجبه الجدران، ولا يُنسى وراء القضبان.
غياب الدكتور حسام شهادة حيّة
على أن الوفاء للإنسانية قد يُدان في زمن اللاعدل،
لكن لا يُنسى... ولن يُنسى.
فالنسيان نفسه يخجل أن ينساه
فأمثاله لا يرحلون من الذاكرة،
بل يُخلّدون فيها، وتُحفَر صورهم في القلوب قبل العقول
الدكتور حسام لم يكن فقط طبيبًا يداوي الجرحى، بل كان ضميرًا حيًّا في جسد وطنٍ يصرخ ظلمًا... وستبقى قصته مثالًا حيًّا في قلوب الأحرار.
تصدير المحتوى ك PDF