التحالف الخفي: كيف سلّحت بريطانيا الصهاينة قبل نكبة فلسطين؟

يهود ومستوطنون في فلسطين يتطوعون في صفوف القوات البريطانية الغازية والحلفاء خلال الحرب العالمية الأولى لمواجهة الدولة العثمانية، 23 آب / اغسطس 1917 م
أما العرب فكان نصيبهم، منذ البداية، اضطهاد الإنكليز لهم، وحرمانهم من العمل السياسي والتسلح، وإيجاد السبيل والوسائل التي تجعلهم ضعفاء أمام السياسة الاستعمارية الصهيونية، وفي وضع لا يستطيعون معه مقاومة الغزوة الصهيونية.
في 9/12/1917 دخل مع جيش ألنبي فيلق يهودي تم تدريبه بتوجيه من وزير المستعمرات البريطاني وينستن تشرشل، كان أحد أعضاء هذا الفيلق وجه نعرفه جيداً بعد ذلك ديفيد بن غوريون، كان مع الفيلق أيضا زئيف جابوتنسكي وادويند صموئيل، ابن هيربرت صموئيل ونحميا رابين، والد اسحاق رابيين.
■ الفيلق اليهودي
الفيلق اليهودي Jewish Legion عبارة عن تشكيلات عسكرية من المتطوعين اليهود الذين حاربوا في صفوف القوات البريطانية والحلفاء خلال الحرب العالمية الأولى بدءا من الكتيبة رقم "38" إلى الكتيبة رقم "42". وقد بلغ عدد أفراد كل هذه التشكيلات نحو 6400 فرد.
ترجع فكرة هذه التشكيلات إلى تصور قيادات الحركة الصهيونية إلى ضرورة مساعدة بريطانيا كقوة استعمارية حتى تساعدهم على تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين وقد واجه اليهود في بريطانيا صعوبات في بداية الأمر في مطالبهم هذه حيث تجاهلتهم وزارة الدفاع البريطانية وهاجمها تيارات من اليهود الرافضين لفكرة تهجير اليهود إلى فلسطين مفضلين الاندماج في مجتمعاتهم الأم، واليساريون في أوساط الشباب اليهودي في بريطانيا. إلا أن الأجواء في بريطانيا في ذلك الحين كانت مليئة بمشاعر معاداة اليهود الأجانب الوافدين من روسيا ويكسبون رزقهم في بريطانيا دون تحمل أعباء الدفاع عنها. لذلك سارعت الحكومة البريطانية بتجنيد هؤلاء لتهدئة مشاعر الغضب من وضعهم الفريد (بحسب الدكتور المسيري) فكان تجنيد الكتيبة 38 حملة البنادق الملكية من العام 1915 إلى العام 1917، وتولى قيادتها الضابط البريطاني جون پاترسون. وقد تلقت هذه الكتيبة تدريباتها في بريطانيا ومصر ثم توجهت إلى فلسطين.
عارض البريطانيون مشاركة المتطوعين اليهود في الجبهة الفلسطينية ووضعتهم للخدمة كمفرزة للنقل بالبغال أو في قطاع آخر بالدولة العثمانية. وقد شكـّل ترومبلدور فيلق بغال صهيون الككون من 650 مقاتل، أُرسِل منهم 562 إلى جبهة گاليپولي.
وعندما دخلت الولايات المتحدة الحرب وافقت الحكومة الأمريكية في يناير عام 1918م على تشكيل كتيبة من اليهود الأمريكيين ومن اليهود المتطوعين من الأرجنتين وكندا باسم الكتيبة "39" ونقل قسم منها إلى مصر وشرق الأردن في نفس العام ونقل الجزء الأعظم منها إلى فلسطين بعد أن وصلت الحرب إلى نهايتها. وعمل على تنظميها ديفيد بن جوريون وإسحاق بن تسفي.
تم تشكيل كتيبة أخرى هي الكتيبة "40"، والتي نظمها فلاديمير جابوتنسكي و"يوسف ترومبلدور" في مصر عام 1915م بناء على اقتراح من قائد الفرقة الاسكتلندية في فلسطين والذي دعا إلى تجنيد اليهود في المناطق التي احتلتها بريطانيا من فلسطين وقد تلقت هذه الكتيبة تدريبها في "التل الكبير" ولكنها لم تشارك في الهجوم على فلسطين في العام 1918م إلا أنها نقلت إلى فلسطين في نهاية ذلك العام.
ومع نهاية الحرب العالمية الأولى كانت تتمركز على أرض فلسطين 3 كتائب يهودية تضم حوالي 5 آلاف فرد شكلوا 15% من جيش الاحتلال البريطاني عرفت باسم الكتيبة العبرية وأصبح شعارهم "المينوراه" اليهودي إلا أنه في العام 1920م تم حل هذه الكتائب نهائيا وضم الكثير من أعضائها إلى الـهاجاناه.
■ فيلق بغال صهيون
فيلق بغال صهيون، גדוד נהגי הפרדות، هو أول فيلق يهودي أسسته بريطانيا أثناء الحرب العالمية الأولى. كان شعار الفيلق يتكون من نجمة داود يتوسطها أسد، الذي يشتهر "بالأسد الملكي البريطاني.
● تأسيس الفيلق
كان زئڤ يابوتينسكي صاحب فكرة تأسيس الفيالق اليهودية في مصر، في ديسمبر 1914 بدعم من جوسف ترومپلدور.
في ذلك الوقت، كان يعيش في مخيمات القباري والمناطق المجاورة في الإسكندرية، مصر، أكثر من 1000 يهودي من الجالية التي طردها العثمانيين من فلسطين أو من تركوها طواعية لصعوبة الظروف الاقتصادية وقت الحرب. كان من بينهم ترومپلدور ويابوتنسكي من الجالية الوافدة من إيطاليا. كان كلا منهم يأمل في تشكيل فيلق مقاتل لمساعدة البريطانيين لدخول فلسطين. بعد عدد من الاتصالات مع مسئولين في الجيش البريطاني بدأت حكومة المملكة المتحدة في الرد. كانت بريطاني في ذلك الوقت تخطط لدخول فلسطين، واستخدمت فيلق من المتطوعين اليهود في الجبهة الشمالية بالدردنيل، كأفراد لنقل الإمدادات وليس كقوة مقاتلة. لم تلق الفكرة عند عرضها أي ترحيب، فقام ترومپلدور بالترويج لها مدعياً بأن تأسيس قوة عسكرية يهودية سوف يساعد في الحرب ضد العثمانيين، بغض النظر عن مدى قوتها وطبيعة الحرب، ولكنها على الأقل قادرة على القتال إلى صف البريطانيين، مما سيدفعهم مستقبلياً للإعتراف بحق اليهود في أرض فلسطين.
عارض كثير من الزعماء الصهاينة تأسيس الفيلق خوفاً مما يمكن أن يشكله من خطورة على حياة اليهود في فلسطين، المعرضون لهجمات الأتراك، لكن في النهاية، تم تأسيس الفيلق.
● المشاركة في القتال
في 1 أبريل 1915 أدى الجنود المتطوعون قسم الولاء للكتيبة التي أطلق عليها اسم "كتيبة بغال صهيون". كانت الكتيبة في الواقع عبارة عن وحدة نقل تتكون من 650 مقاتل يهودية. كان الكتيبة تحت قيادة ضابط بريطاني، الكولنيل جون پترسون، وكان نائبه ترومپلدور، الذي ترك له پترسون قيادة الفيلق أثناء القتال. في 27 أبريل، بعد أسبوعين من التدريب، قاد پترسون الفيلق إلى گاليپولي، تركيا (شبه جزيرة صغيرة على الضفة الغربية لمضيق الدردنيل). انتقل ترومپلدور برفقة الفرقة الأولى والثانية إلى وسط الجزيرة، بينما ظلت الفرقة الثالثة والرابعة على الشاطئ وبعد أيام قليلة عادت إلى الإسكندرية. ظلت الفرقتان تقومان بنقل الإمدادات إلى الخطوط الأمامية، حيث كان البريطانيون يحاولون اختراق خطوط العثمانيين، ونجحوا في ذلك. توفي 12 جندي من الفيلق، وجرح خمسة آخرون، في نهاية الحملة التي انتهت بفشل البريطانيين وانسحابهم من شبه جزيرة گاليپولي.
تصدير المحتوى ك PDF