اللاجئون الفلسطنيون في مصر

اللاجئون الفلسطنيون في مصر

اللاجئون الفلسطنيون  في مصر

 يصعب الإلمام بالملامح الاقتصادية و الاجتماعية و الديموغرافية و السياسية و الثقافية للفلسطينيين المقيمين في مصر، اساسا بسبب تبعثرهم في أرجاء مصر، و لعدم ثبات حجمهم، و تعرضه لهزات عنيفة، من آن لآخر، ناهيك عن إهمال إحصائهم دورياً، بما يسهل كثيراً على الباحث مهمته في هذا الصدد.
 إن أي دراسة للفلسطينيين في مصر لا بد من ان تبدأ برصد موجات الفلسطينيين التي قدمت الى مصر، و توزعهم في أرجاء البلاد، و تطور حجمهم، مع توزيعهم الاجتماعي، و العوائق التي نثرت أمامهم، و مدى حضورهم الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي و الثقافي و النقابي. 

مصرخبراء يشيرون إلى تعرض الفلسطينيين

للتمييز رغم مضي ربع قرن على كامب ديفيد 
  


لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في مصر يواجهون العديد من العقبات بما فيها القيود الكبيرة التي تُفرض على سفرهم وعدم حصولهم على الخدمات الحكومية الأساسية مثل التعليم المجاني

وقال أشرف ميلاد، وهو محام مُتخصص في دراسات الهجرة القسرية في الجامعة الأمريكية في القاهرة أن الفلسطينيين "لا يتمتعون بالكثير من الحقوق".

ويوجد حالياً حوالي 70,000 لاجيء فلسطيني في مصر، ولكنهم وبخلاف أمثالهم الموجودين في الأردن وسوريا ولبنان، لا يحظون بخدمات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التي تأسست في العام 1949 بهدف واضح وهو مساعدة اللاجئين الفلسطينيين على الهرب من الاحتلال الإسرائيلي الذي كان حديث العهد. 

ويخضع اللاجئون الفلسطينيون في مصر لولاية مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، ويتم تسجيل الذين يُراجعون مكتب المفوضية في القاهرة فور قدومهم.

وقد تم تسجيل 193 لاجئاً فلسطينياً لدى وكالة اللاجئين في العاصمة المصرية ولكن وبحسب أقوال الخبراء تضاءلت الحقوق الرئيسية لهؤلاء اللاجئين في مصر بشكل ملحوظ خلال الخمسة والعشرين عاماً الماضية. وأوضح يوسف محمود النمنم، رئيس الفرع المحلي لاتحاد العمال الفلسطينيين، بأن اللاجئين الفلسطينيين كانوا يتمتعون بدعم سخي من الدولة أيام نظام الرئيس السابق جمال عبد الناصر في الخمسينيات والستينيات.

بيد أنه في أواخر السبعينات، وعقب اغتيال وزير حكومي على أيدي مليشيات فلسطينية وتوقيع معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، تم وضع سياسات جديدة تحد من حقوق الفلسطينيين.

فعلى سبيل المثال في أعقاب كامب ديفيد فقد الفلسطينيون تدريجياً حقوقهم بالحصول على تعليم مجاني – مع وجود بعض الاستثناءات – وهو حق ممنوح لجميع المواطنين المصريين. ويُشير الموقع الإلكتروني الهجرة القسرية "فورسد ميجريشن أون لاين"، وهو موقع مكرس للأمور المتعلقة باللاجئين الدوليين إلى أنه "في العام 1952، أصبح التعليم في المدارس والجامعات مجاني لجميع الفلسطينيين... وبقي الفلسطينيون يتمتعون بحقهم في التعليم المجاني حتى توقيع اتفاقية كامب ديفيد في العام 1978 التي أنكرت تدريجياً حقهم بالتعليم".

ومنذ وقت طويل، أكّد اللاجئون الفلسطينيون المقيمون في مصر هذا الأمر، حيث قال سعيد الأماسي "ولد ابني بعد مضي أسابيع من إقرار قانون يمنح حقوقاً للفلسطينين الذين يولدون لأمهات مصريات، ولكن أخبروني بأن هذا القانون لا ينطبق على ابني ... ولذلك يتوجب علينا الآن دفع المزيد من النقود من أجل تعليمه".

وتشكل القيود الصارمة المفروضة على السفر على وجه الخصوص معضلة، فوفقاً لميلاد لا يتم تجديد وثائق السفر التي يحملها الفلسطينيون في أغلب الأحيان، الأمر الذي يحول دون استطاعاتهم مغادرة البلاد بحرية "لقد تعاملت مع العديد من الحالات التي تم فيها إبلاغ الفلسطينيين بأنه لن يتم تجديد جوازات سفرهم".

وأفاد مصدر لدى الشرطة في وزارة الداخلية أنه منذ أوائل التسعينيات ضغط الفلسطينيون في مصر بشدة للحصول على وثائق رسمية تسمح لهم بالسفر للخارج.

وقال المصدر "حصل آلاف الفلسطينيين الذين قدموا إلى مصر قبل زهاء الخمسين عاماً على وثائق سفر، ولكن منذ العام 1993، أي عندما تم توقيع اتفاقية أوسلو للسلام، لم يوافق وزير الداخلية على إصدار إلا القليل من وثائق السفر للفلسطينيين".

ورفض مسؤولون حكوميون الإدلاء بأي تصريح عندما طُلب كمنهم التحدث حول نفس الموضوع.

ومع ذلك أشار المصدر إلى أن العديد من الحالات التي أصدرت وزارة الداخلية لهم جوازات سفر تم بعد أن شهدت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين بانعدام جنسية هؤلاء اللاجئين.

وواصل حديثه بالإشارة إلى أنه على الرغم من العقبات البيروقراطية، فقد تمكّن آلاف الفلسطينيين من الاندماج في المجتمع المصري والزواج من مواطنين مصريين والعثور على وظائف بعد أن أصبحوا مؤهلين للحصول على إذن إقامة.

ووفقاً لمحللين، فإن الكرم الحكومي المُقدم للاجئين الفلسطينيين ما هو إلا انعكاس للعلاقات السياسية المتبادلة، حيث قالت بيسان عدوان، الباحثة في الشؤون الإسرائيلية لدى منظمة عرب ضد التمييز ومقرها القاهرة أن "التمييز متصل بالسياسة الخارجية".

وقالت بيسان عدوان "عندما زار [الرئيس السابق أنور] السادات القدس، تضعضعت العلاقة الجيدة التي كانت تربطه بالرئيس [الفلسطيني الراحل ياسر] عرفات، ونتيجة لذلك تم خفض عدد سنوات الإقامة المسموح بها للفلسطينيين في مصر من خمس سنوات لتُصبح ثلاثة فقط".

وأكّد الموقع الإلكتروني الهجرة القسرية "فورسد ميجريشن أون لاين" ذلك بشدة، إذ قال عبر المجلة الإلكترونية أن "موقف مصر السياسي حول الشأن الفلسطيني يتقلب بحسب الموقف الفلسطيني من السلام وقرار الأمم المتحدة رقم (242) والتسوية مع إسرائيل...فكل ما يظهر على الصعيد السياسي له تأثير مباشر على الفلسطينيين في مصر على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي".

                                                                          2006موقع لأوتشا

اللاجئون الفلسطينيون في مصر 

   تدفقت موجات الفلسطينيين الى مصر منذ فترة طويلة حيث كان هذا الوجود الفلسطيني وجود تجاري في مصر منذ القرن الثامن عشر تمثل في عدد كبير من التجار وقد ساهموا بشكل كبير في العلاقات التجارية لمصر مع فلسطين وبقية اجزاء بلاد الشام وتركيا وعدد من بلدان البحر المتوسط وكانت لهم استثمارات كبيرة وبعضهم وصل لمنصب تولي القضاء في مصر في ذلك الزمن وتركوا لاحفادهم تركات كبيرة اما في القرن العشرين فقد دفعت الصدامات و ثورة 1936-1939، الكثير من الفلسطينيين للجوء الى مصر و لوحظ أن النسبة الاكبر من هؤلاء جاءت من الخليل، المدينة التي شهدت أشرس الصدامات بين العرب و اليهود، إبان هبة البراق.كما يلاحظ أن اغلب هؤلاء حصلوا على الجنسية المصرية واصبحوا من كبار التجار في مصر، حتى قبل وقوع نكبة 1948.

 
ثم جاء لاجئو 1948، بأعدادهم الكبيره، نسبياً؛ و بعدهم توافدت اعداد قليله، ممن قذف بهم، احتلال القوات الاسرائيلية لقطاع غزة، خريف 1956، خلال العدوان الثلاثي. على ان أعدادا أكبر وصلت مصر بعد احتلال القوات الاسرائيلية للضفة الغربية و قطاع غزة، في حرب يونيو/ حزيران 1967. بل ان نزف المواطنين في هاتين المنطقتين المحتلتين لم ينقطع، منذئذ الى يوم قريب مضى.

 
بيد ان الكتلة الاكبر التي وردت الى مصر من الفلسطينيين كانت تلك التي هاجرت، بفعل نكبة 1948 الفلسطينية. فمع اشتداد القصف المدفعي للعصابات الصهيونية المسلحة( الهاغاناه؛ والارغون؛ و شتيرن) على مدينة يافا، و تشديد هذه العصابات الخناق حول المدينة، التي أخذت دفاعاتها المتواضعة في الانهيار المتوالي، اخذت جموع أهالي يافا تتدافع الى شاطئ البحر، الذي تركته العصابات الصهيونية دون ان تغلقه، مكتفية بمحاصرة المدينة على شكل حدوة حصان. و استخدمت هذه الجموع القوارب و اللنشات، و نزلت بها الى ماء البحر، متجهة الى الجنوب، في اتجاه قطاع غزة، و مصر، يدفعها الى ذلك الساحل الآمن، و قصر المسافة نسبيا, و هذا ما يفسر وصول نسبة كبيرة من أهالي يافا الى هاتين الجهتين، فيما نجح الباقون في الوصول الى سوريا و لبنان، و الضفه الغربيه، و تبقى بضعة مئات في يافا نفسها.

 
توالى وصول اليافيين الى بور سعيد، أول ثغر قابلهم في القطر المصري ؛ و سارعت السلطات المصرية الى ضرب طوق من حول قوارب الوافدين، و حاصرتهم في مبنى الحجر الصحي، التابع لشركة قناة السويس، جنوب شرقي المدينة، حمل اسم المزاريطة، فيما أخذت هذه السلطات من وصل من الفلسطينيين عبر البر، الى معسكر في العباسية، أحد ضواحي القاهرة.

 
سرعان ما ثار اليافيون المحصورون في المزاريطة على وضعهم المزري، و خرجت بنادقهم من مخابئها، و اندلع الصدام بينهم و بين الشرطة المصرية، و ان امكن محاصرتة واحتواءه، سمحت الحكومة المصرية بخروج الرأسماليين من المزاريطة و معسكر العباسية، و منحتهم حق الاقامة في مصر، كما سمحت بخروج كل من أتى بكفيل مصري مقتدر. و قد اتضح من هاتين الفئتين ان الحكومة المصرية أرادت ان تجنب نفسها عبئا اقتصاديا اجتماعياً. ثم سرعان ما جمعت الحكومة المصرية من تبقى في أحد المعسكرات التي هجرتها القوات البريطانية في القنطرة شرق، على قناة السويس.

 
في صيف 1949، زار وزير المعارف المصري، هذا المعسكر، فخرج حشد من اهله متظاهراً ساخطاً، يردد بدنا غزة، بدنا غزة و ما هي الا ايام، حتى كانت القطارات تنقلهم الى قطاع غزة، حيث خصص لهم مخيم المغازي هناك. اما من تبقى منهم في مصر، فكانت لهم سيرة أخرى كما باقي فلسطينيي مصر فبعضهم بقي في مصر او ارتحل الي دول الخليج وليبيا و الامريكتين وغيرها من من مناطق العالم بعد ذلك اما التوزيع السكاني وعدد الفلسطينيين في مصر فهو كا لآتي :- لم يستطيع أي إحصاء في مصر أن يقدر العدد الحقيقي للفلسطينيين المقيمين علي الأراضي المصرية إلا أن غالبية الإحصائيات تقدرهم ما بين 40 و60 الف فلسطيني،ويتركز هؤلاء الفلسطينيين في القاهرة والاسكندرية، ومحافظة الشرقيه، ومنطقه القناة، وسيناء. ويميل الاغنياء منهم في القاهرة الى السكن عادة في هليوبولس ومصر الجديدة والمهندسين والزمالك والدقي ومدينة نصر، بينما يسكن افراد الطبقه الوسطى في أحياء العباسية، وشبرا. أما الفقراء فمراكزهم في شبرا و عين شمس في القاهرة اضافة الى محافظة. الشرقيه في أبي كبير، والزقازيق، وناقوس الصلاحية، والخطرة. أما في سيناء فهم، على الاغلب، في العريش والشيخ زويد اما عن النشاط السياسي الفلسطيني في مصر فهو كما كما يلي :- منذ ان برزت القضية الفلسطينية، في مطلع العشرينيات من القرن الحالي، وجدت أصداء لها في أرجاء مصر، تجلت في اشكال التضامن مع فلسطين وشعبها، في الازمات، خاصة ابان هبة البراق صيف 1929، و ثورة 1936 الوطنيه الفلسطينيه (1936-1939). ووصل التضامن المصري ذروته، بعد صدور قرار تقسيم فلسطين عن الجمعية العامة للامم المتحدة، في 29 نوفمبر 1948.

 
الى ذلك، ثمة نشاط سياسي فلسطيني كان محمد علي الطاهر في طليعتة، حيث دأب هذا المكافح الوطني الفلسطيني على اصدار الصحف، و تنظيم علاقات وطنيه بحزب الوفد والاخوان المسلمين، من اجل قضية بلادة الوطنية. بيد أن نكبة 1948 الفلسطينية، أحدثت تغييرات ملحوظة في المشهد، من بينها تدمير البنيه السياسية الفلسطينية، وتدفق الفلسطينيين الى مصر. من المعروف بأن الشيوعين الفلسطينيين أفلتوا من هذا المصير، فاستمر تنظيم (عصبة التحرر الوطنيفي ممارسة نشاطه. في شتى المناطق الفلسطينية ( اراضي 1948، الضفة الغربية، قطاع غزة). و نجح القسم الانشط في الضفه في تأسيس فرع للعصبة في الوسط الطلابي الفلسطيني في مصر، ترأسة طالب الطب، ابن مدينة صفد في شمال فلسطين، نديم نحوي. و بعد ان اتحدت العصبة في الضفة مع الحلقات الماركسية في شرق الاردن، و شكلت الحزب الشيوعي الاردني صيف في 1950، غدا فرع العصبة في مصر فرعاً للحزب الشيوعي الاردني.

 
مع مرور الوقت، نجح حزب البعث في الضفة الغربية في تأسيس فرع له في الوسط نفسة، وتبعته حركة القوميين العرب في الاتجاه نفسه. أما الاخوان المسلمون فتضافروا من قطاع غزة ومصر، فكان فرعهم في الوسط الطلابي الفلسطيني الاكثر عدداً، حتى سنة 1957.

 
أما الهيئة العربية العليا، و حكومة عموم فلسطين فقدتا مبرر وجودهما. واكتفيا باليافطة، لذا كان طبيعيا ان يتركز النشاط السياسي الفلسطيني هنا في رابطة الطلبة الفلسطينيون، التي غدت بمثابة مدرسة كادر لتخريج القيادات السياسية اللاحقة. فكان ياسر عرفات، أول رئيس لهذة الرابطة (1950-1956)، وأيضا صلاح خلف ( ابو اياد)، الذي كان نائبا لعرفات، وخلفه في رئاسة الرابطة، سنة 1956 فضلا عن فاروق القدومي ونشطاء آخرين بينهم بشير البرغوثي وتيسير قبعة.

 
من هنا يمكن فهم الصراع الحزبي الذي احتدم من أجل الاستحواذ علىقيادة رابطة الطلبة ومن بعدها الاتحاد. ومعروف بأن الاتحاد العام لطلبة فلسطين، اتخذ من القاهرة مقراً له، منذ قام سنة 1959، بعد اتحاد الروابط الطلابية الفلسطينيه في مصر و سوريا و لبنان و غيرها من الاقطار العربيه و الاجنبية.

 
ومنذ سنة 1957، بدأت الحكومة المصرية تتدخل، باطراد، في أمر تشكيل قيادة الرابطة، ومن بعدها الاتحاد . فحين كان النظام المصري راضيا عن البعث جانب عوامل اخرى - تولى اعضاء من البعث رئاسة الاتحاد، و كانت لهم الاغلبية في هيئتة التنفيذية. حتى اذا ما اصطدم النظام الناصري بالبعثيين، صيف 1963، قلب لهم ظهر المجن، ونقل دعمه الى حركة القوميين العرب، حتى أواسط الستينيات، حيث انتقل بدعمة الى طلبة الطليعة العربية، الموالية لعبد الناصر. مما قلل من الوزن السياسي لهذا الاتحاد، الامر الذي تعزز بعد قيام منظمة التحرير في أواسط الستينات، بمؤسساتها السياسية و الثقافية و العسكرية، فضلا عن تنظيمها الشعبي.

 
الى جانب الرابطة، تأسس في القاهرة،النادي الفلسطيني العربي، سنة 1953؛ ومن عام 1957 انتقل مقر النادي الى مصر الجديدة، ثم عاد الى وسط القاهرة، عام 1960، وبقي هناك حتى سنة 1964. و في موازتة تأسس النادي الفلسطيني العربي، في الاسكندرية، عدا فرعان للنادي في مدينتي العريش وبور سعيد وقد استهدفت هذه النوادي تعزيز الروابط بين الفلسطينيين المقيمين في مصر، ونشر الوعي السياسي بينهم، وتبني مشاكلهم الاجتماعية والثقافيه.

 
ومنذ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، صيف 1964، احتكرت حق النشاط العلني من مصر الى ما بعد حرب 1967. ونشط مكتباها في القاهرة و الاسكندرية، عدا مقر اللجنة التنفيذية للمنظمة في العاصمة المصرية، حيث سمحت السلطات المصرية، بعد هذه الحرب وصعود المنظمات الفدائية، لحركةفتح بالنشاط العلني في مصر، فافتتحت الحركة عدة مكاتب، غالبيتها في القاهره.

 
واذا كانت مصر قد أجرت لمنظمة التحرير منذ تأسيسها اذاعة باسم صوت فلسطين، فان مصر منحت فتح بعيد معركة الكرامة (21/3/1968) محطة اذاعية باسم صوت الثورة الفلسطينه، وبعد ان استحوذت فتح على رئاسة منظمة التحرير، في فبراير 1969، اندمجت الاذاعتان، و حملت اسم الاذاعه الثانيه، وتولى مدير الثانية، فؤاد ياسين، ادارة الاذاعة الموحدة، حتى صيف 1974. عدا فترة انقطاع اقتربت من سنة كاملة، حين اوقفت السلطات المصرية هذة الاذاعة، بمجرد انفجار الازمة بين القيادتين المصرية و الفلسطينية، مع قبول الاولى مبادرة روجرز. و هو الاجراء الذي اقترن بقيام اجهزة الامن المصريه بترحيل عشرات من اعضاء الجبهتين الشعبيه و الديمقراطية، أواخر يوليو 1970، من مصر الى الاردن انتقاما من قيام عناصر من هاتين الجبهتين في عمان بمظاهرات، نددت بقبول الحكومة المصرية مبادرة روجرزمعروف بأن أجهزة الامن المصريه تغاضت عن مقر للجبهة الشعبية، في عمارة الايموبيليا بوسط القاهرة، توارت في الشعبية خلف جبهة التحرير الوطني البحرينية. لكن احداث يوليو تموز 1970، انهت هذا الوضع، فيما سمحت هذه السلطات لمنظمة فلسطين العربيه بالنشاط العلني في مصر، بسبب الروابط الحميمة لمؤسسي هذه المنظمة و قائدها، أحمد زعرور، بمصر. الى ان حلت هذه المنظمة نفسها، على النحو المعروف، صيف 1971.

 
ولأن الكياينية السياسة ظلت هاجس الفلسطينيين، اينما حلوا، منذ النكبة، لذا غرقت المؤسسات النقابيه و الشعبيه الفلسطينيه في النشاط السياسي، على حساب الشأنين النقابي و المطلبي.

 
في القاهرة، تأسست، عام 1963، رابطة المرأة الفلسطينية، وضمت قرابة خمسين امرأة. و بعد أن تأسس في القدس، الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، سنة 1965، تحولت هذه الرابطة الى فرع للاتحاد في مصر، ثم استضاف هذا الفرع قيادة الاتحاد المركزية، منذ عمدت الحكومة الاردنية الى اغلاق مقر هذه القيادة في القدس، في 1 يناير 1967.

 
من جهة اخرى كان بعض النقابيين العماليين الفلسطينيين اضطر الى هجر وطنة في الضفة الغربية، بعد أحداث ربيع 1957 في الاردن، و تجمع هؤلاء في مصر، و في مقدمتهم حسني صالح الخفش، و ناجي الكوني. و سعى هؤلاء لتشكيل " الاتحاد العام لعمال فلسطين" ولم تنجح مساعيهم الا بعد قيام منظمة التحرير، فانعقد المؤتمر الاول للاتحاد، في مدينة غزة، في ما بين 14 - 17 ابريل / نيسان 1965. واتخذ الاتحاد من القاهرة مقراً له، وظل كذلك، الى ما بعد مبادرة السادات عام 1977 حيث نقل مقرة الى دمشق.

 
في مصر نجح الاتحاد في تأسيس فروع له في انحاء مختلفة من مصر : القاهرة، الجيزة، حلوان، الاسكندرية، دمنهور، طنطا، كفر الشيخ، مرسي مطروح، دمياط، المنصورة، بني سويف، الفيوم، بورسعيد، قنا، سوهاج، أسيوط، والمنيا.

 
في سياق مشابه، انعقد في مدينة غزة، المؤتمر الاول لاتحاد كتاب فلسطين، في ما بين 29، نوفمبر و4 ديسمبر 1966، بحضور 32 كاتبا و أديبا من شتى مناطق الشتات الفلسطيني. و انتخب خيري حماد، من فلسطيني مصر رئيسا للاتحاد، و اتخذ الاتحاد من القاهرة مقراً له. الى ان تأسس، في بيروت " الاتحاد العام للكتاب و الصحفيين الفلسطينيين في سبتمبر / ايلول 1972، حيث تحول مقر الاتحاد في القاهرة الى مقر لفرع الاتحاد في مصر، حتى مبادرة السادات حيث تم ترحيل اربعة من قادة هذا الفرع، واغلقت اجهزة الامن مقر الفرع حتى يومنا هذا واصبح الفرع مجرد حبر على ورق.

 
و اليوم لا يحظى بالوضع الرسمي سوى حركة فتح، فيما تفتقر بقية الفصائل الفلسطينيه الى مثل هذا الوضع، على ان هذا لم يحرم هذه الفصائل من متعاطفين ومؤييدين بين صفوف الفلسطينيين في مصر. في السياق نفسة، يعيش في مصر 25 عضوا من اعضاء المجلس الوطني الفلسطيني.

 
الحقوق المدنية والإقامة :- ارتبطت معاملة الفلسطينيين في مصر بالشأن السياسي ارتباطاً حميماً، فقد شهدوا عصرهم الذهبي في ظل جمال عبد الناصر حيث معاملة الفلسطيني معاملة المصري في كافة الحقوق وكان يتم تعيينة في الدولة الا انة بعد مجيء السادات الي الحكم بدا ذلك يتغير تدريجيا في حكم السادات. وجاءت أولى الازمات بين قيادة منظمة التحرير والحكم المصري، في سبتمبر 1975، مع توقيع السادات اتفاقية فصل القوات الثانيه مع اسرائيل، والتي تضمنت ما اعتبرتة قيادة منظمة التحرير، في حينه، تنازلاً وطنياً. فعمد السادات الى اغلاق اذاعة صوت الثوره الفلسطينيه، و أخذت الاجهزة المصرية تتعسف في التعامل مع الفلسطينيين . وهكذا، انعكس الخلاف السياسي بين قيادة منظمة التحرير والحكم المصري، لاول مرة، على معاملة الفلسطينيين في مصر.

 
بعد أقل من سنة، وفي 4 يونيو 1976، أعاد السادات الاذاعة الى العمل، في مواجهة التدخل السوري في لبنان، الذي ابتدأ في اليوم ذاتة. لكنة عاد و أغلقها بعد 17 شهراً حين أقدم على زيارة اسرائيل، في سياق مبادرتة الشهيرة. هنا دخلت معاملة الفلسطينيين في مصر منحى آخر، عانى فيه الفلسطينيون ما عانوا، فكانت التشريعات الجائرة.
 
جاءت بداية التحول مع زيارة السادات لاسرائيل في19 نوفمبر 1977، حيث قامت أجهزة الامن المصرية بترحيل عشرات الطلبه الفلسطينيين، ممن احتجوا على هذه الزيارة، أو اشتبهت هذه الاجهزة في ارتباطهم العضوي بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بالذات، كما تم ترحيل أربعة من قيادة فرع الاتحاد العام للكتاب و الصحفيين الفلسطينيين، من بين تسعة أعضاء هم مجموع قيادة الفرع (الهيئة الادارية؛ و مندوبي المؤتمر العام)، و اغلقت هذه الاجهزة مقر فرع الاتحاد في العاصمة المصرية. و سرعان ما الحقتهم بطرد معتمد فتح في مصر، ومدير مكتب منظمة التحرير، ورئيس الاتحاد العام للطلبة الفلسطينيين.

 
واتخذ السادات من اقدام مجموعه فلسطينية، تنتمي الى فتح المجلس الثوري (جماعة أبو نضال البنا المنشقة عن منظمة التحرير) على قتل الاديب المصري المعروف، يوسف السباعي، في لارنكا بقبرص، في فبراير/ شباط سنة 1978، دون ان يراعي السادات ان فتح/ المجلس الثوري تلاحق حتى قيادات م. ت. ف انفسهم. وهكذا لم يستمر في نشاطة من الاتحادات الشعبية الفلسطينية، سوى فرعي اتحادي المرأة و العمال.

 
وفي يوليو 1978، صدر قراري رئيس الجمهورية، رقمي 47 و48 لسنة 1978، بالغاء القرارات التي كانت تعامل الفلسطينيين معاملة المصريين كما حظرت وزارة القوى العاملة اشتغال الاجانب- وبضمنهم الفلسطينيين- في الاعمال التجاريه، والاستيراد والتصدير، الا لمن كان متزوجا بمصرية، منذ اكثر من خمس سنوات.

 
لقد سنت الحكومات العربيه قوانين تحظر على اللاجئين الفلسطينيين العمل في بلادها، وتفرض كفالة ماليه كبيرة، وعقوبة بالحبس على رعاياها الذين يستخدمون فلسطينيين، بأجر أو بدون أجر. وظلت هذه القوانين سارية المفعول، لفترة طويلة، في البلاد التي فرضتها ولم يوقف العمل بها في معظم البلدان، على عكس ما سارت علية العادة في بلاد العالم جميعاً.

 
في مصر عومل اللاجئون الفلسطينيون معاملة الاجانب الغرباء، فلم يسمح لهم بمزاولة أي عمل من الاعمال، سواء أكان ذلك العمل وظيفيا، أم تجاريا، ام صناعياً. بل لقد كانت مصلحة الهجرة و الجوازات و الجنسية تكتب على بطاقة الاقامة، او جواز سفر أي لاجئ فلسطيني العبارة التالية:

 
لا يجوز له العمل، بأجر أو بدون أجر مما دفع بعض خريجي الجامعات الفلسطينيه للتوجة الى دول الخليج.

 
ورغم كل هذا فان الفلسطينيين نجحوا في مزاولة حياتهم وهذا يدفعنا هنا عن التحدث عن الوضع الاقتصادي للفلسطينيين في مصر في مصر فإليكم المعلومات التالية عنهم :- في فترة الستينات كان قرابة عشرين فلسطينيا يملكون مصانع متنوعة متوسطة الحجم؛ بالاضافة الى 55 يملكون عمارات سكنية، وثمانية يمتلكون فنادق متوسطة، و15 يستحوذون على عزب فضلا عن عدد لا بأس به من المقاولينهنا كان قرابة 2,500 شخص يديرون رؤوس أموال تتراوح ما بين 15 الى 20 مليون جنيه مصري، في مطاعم و فنادق و اعمال النقل و الخدمات. أما الان فثمه أشخاص استفادوا من اوضاع الانفتاح في السوق المصريه، بشكل جعل رؤوس أموالهم تفوق في حجمها رؤوس أموال المئات في الستينيات.

 
و في ما بين حربي 1967 و 1973، رصد أحد الباحثين المصريين 222 متجرا للفلسطينين في مصر، بينها 58 مطعما و محل بقالة، و 74 محلا لبيع الاقمشة، و متجران للمجوهرات، و32 وكالة سياحة و مكتب استيراد و تصوير، و46 مصنع جلود وفواكة وصابون واحذيه(15). ويقطن خمسة الاف فلسطيني قرية عرب أبو ذكري، في قويسنا بالمنوفيه، حيث يمثل المصريين هناك أقلية. ويعمل معظم الفلسطينيين هناك في مجالات الاعمال الحرة، والاستثمار بشتى اشكالة، فيما يتركز نشاطهم في المجال الزراعي، في محافظتي الشرقيه والاسماعيليه بشكل خاص. ويعمل فلسطينيو ابو ذكري، في معظمهم، بصناعة الطواقي حيث ينسجون وبر الجمال، ويصنعون منه طواقي، يبيعونها لأهالي القرى المجاورة. وكان هؤلاء الفلسطينيون يعملون في تجارة الجمال، الا انهم تحولوا، مع مرور الوقت، للعمل في الزراعة والتجارة الصغيرة، شأن أهل القريه، تماماً .
 
وهناك راسماليون كبار بين فلسطينيي مصر منهم علي سبيل المثال وليس الحصر :- الشنطي و عائلته يعملون في صناعة وتجارة الجلود والبلاستيك؛ و عائلة جمجوم في تجارةالمواد الغذائيه ؛ و رضوان العجيل - الذي اكتسب الجنسيه المصريه - في الاجهزة الالكترونية والاكسسوارات ؛ و آل أبو لبن في صناعة الطوب الحراري والادوات الصحيه ؛ والسكسك في الاقمشة، وآل العتال في تجارة وصناعة الحديد وأيضا الموبيليا والاجهزة الالكترونيه وخميس عصفور صاحب مصانع كريستال الشهيرة التي يعمل فيها 12000 عامل مصري بينهم بعض الفلسطينيين وقد حصل علي الجنسية المصرية وعلي الصفدي في مجال صناعة وتجارة السكر ويعمل في مصانعة 6000 عامل مصري بينهم بعض الفلسطينيين ايضا وآل مسحال و العريان والقلا والجاعوني في مجال صناعة السينما والانتاج السينمائي وآل مشتهي في مجال تجارة وصناعة الملابس وآل البورونو في مجال صناعة الادوات الصحية وآل الحسيني في مجال تجارة وتصنيع الملابس وصلاح خرما في مجال صناعة وتوكيلات العطور وآل العشي في صناعة وتجارة الثلاجات والديراوي في مجال المقاولات والابراج السكنية وآل الصراف في مجال تصميم الديكور واسامة الشريف في مجال بناء و ادارة الموانيء وعماد الغزاوي في مجال صناعة و تجارة الاجهزة الكهربائية والالكترونية وعلاء الخواجة في مجال الفندقة والاتصالات وسامي القريني في مجال القري السياحية وخالد ابو اسماعيل وهو رجل اعمال كبير يمتلك سلسلة من المشاريع العملاقة ومدير الغرفة التجارية المصرية ويحمل الجنسية المصرية و كل ماسبق في هذا التقرير هو موجز عن وضع الفلسطينيين في مصر لكنة يكشف الكثير عن وضع الجالية الفلسطينية بمصر منذ لجوئها وحتي اليوم.
 
المصادر 
 -
موقع شمل المختص بشئون اللاجئين الفلسطينيين
 -
مجلة روز اليوسف المصرية مقال نشر عام 1994 وكان عنوانه (الفلسطينيون في مصر لاجئون ومليونيرات)
 -
جريدة الاهرام المصرية مقال نشر فيها عام 1994 كان عنوانه (فلسطينيون علي ضفاف النيل)

الفلسطينيون في مصر بين السياسات التمييزية و الإقصاء من الجنسية

      لم يكن قرار الدولة المصرية بمنح الجنسية لأبناء الأم المصرية بالأمر الجديد أو كما يعتقد البعض تكليلاً لنضال مؤسسات المجتمع المدني وخاصة منظمات حقوق الإنسان كخطوة لتغيير القوانين القاضية بالتمييز ضد النساء، وإذعانًا من الدولة المصرية لاتفاقيات الدولية تحد من أشكال التمييز، أهمها اتفاقية السيداو. جاءت الشروط التي يجب توافرها لاكتساب الجنسية المصرية طبقًا لقرارات الحكومة المصرية أكثر تمييزًا وإجحافًا من القوانين الخاصة بإكساب الجنسية لأبناء المصرية ( قانون 26 لعام 1975) وتعدّ مناهضة لكل الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، ممّا حدا بالمهتمين في هذا المجال بالبحث في مدى جدوي هذه القرارات ومصداقيتها في تحقيق تلك المساواة. إن الموضوع مجرد تفريغ القضية من محتواها، ومجرد دعاية أمام المجتمع الدولي المناهض لأشكال التمييز ضد المرأة بشكل عام والذي طالما أدان الحكومة المصرية في هذا المضمار.
 
لم ينتبه العاملون في مجال حقوق الإنسان وحقوق المرأة إلى قرار استثناء الفلسطينيين من الأم المصرية من اكتساب الجنسية خاصة أن الدولة رافقت ذلك الاستثناء بدعاية جوفاء منها :

1-     أن الجامعة الدول العربية قد اعترضت على تجنيس الفلسطينيين من الأم المصرية، وانه معارض لميثاق الجامعة وبروتوكول الدار البيضاء بشان تنظيم معاملة اللاجئين 

2-     أن الدولة المصرية تريد الحفاظ على الهوية الفلسطينية .

 بينما جاءت الدعاية بين الفلسطينيين والتي سربت من الدولة المصرية:

3-    أن الرئيس عرفات طالب الحكومة المصرية باستثناء الفلسطينيين من التجنس، وأن  المسؤول عن شؤون الفلسطينيين في الجامعة العربية طالب الحكومة المصرية باستثناء الفلسطينيين من ذلك. 

كثير من الأمور المربكة بشان موضوع تجنس أبناء الأم المصرية وتعاطي الحكومة المصرية مع هذا الأمر، خاصة فيما يتعلق باستثناء الفلسطينيين والذي يمكن أن يشكل تمييزا أخر على عدة مستويات منها ما يتعلق بالشروط والقواعد الواجب توافرها لاكتساب الجنسية خاصة وان القانون 26 لعام 1975 يُعدّ تمييزًا ضد المرأة المصرية وحقها في منح أبنائها الأجانب جنسيتها، إضافة إلى التمييز الواقع على الفلسطينيين من الأم المصرية في هذا الشان والواقع أيضًا على الأبناء الأجانب عمومًا من الام المصرية، والتمييز الفعلي الواقع على الفلسطينيين بشأن العمل والتعليم والإقامة والسفر. إلا أن هناك تمييزًا آخر ضمني تمارسه الدولة المصرية هو التمييز الواقع بين المرأة الفلسطينية المتزوجة من مصريّ، والمرأة المصرية المتزوجة من فلسطيني، حيث  يحق لأبناء الأم الفلسطينية المتزوجة من مصري منح الأولاد الجنسية المصرية مما يتناقض مع التصريحات المتعلقة بحفاظ الدولة المصرية علي الهوية الفلسطينية، ويعد تمييزا آخر بين النساء... 

تلك الإشكاليات المتشابكة والمتباينة في موضوع  منح الجنسية نعد بمثابة ضربة قاصمة في علاقة الدولة بمواطنيها من الجنسين، وعلاقة الدولة برعاياها من الفلسطينيين، والتي تجعلنا نفند تلك الإشكاليات خاصة فيما يتعلق بالفلسطينيين في مصر.

فيما يتعلق بالإشكاليات الناجمة عن عدم التزام الدولة المصرية بمواد الدستور المصري المتعلقة بالمساواة بين الجنسين خاصة المادة 40" المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو الدين أو العقيدة" التي تكفل المساواة بين الرجل  والمرأة المصرية والتي تشمل موضوع منح الجنسية لأبنائهم، كذلك المادة 26 من قانون 26 لسنة 75 بشان الجنسية " يعمل بأحكام المعاهدات والاتفاقات الدولية الخاصة بالجنسية التي أبرمت بين مصر والدول الأجنبية ولو خالفت أحكام هذا القانون "  والتي تتناقض مع مواد القانون نفسه  الذي يقوم علي التمييز ضد الأم المصرية علي ، الا انها تتوافق مع المادة 9/2 من اتفاقية السيداو " تمنح الدول الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها " والتي تبدي الحكومة المصرية تحفظات عليها .

 أما قانون سنة 1975 بشان الجنسية فجاء مخالفا  لما ورد في م 40 من الدستور المصري بشأن المساواة بين المواطنين، وبجانب السلطة التقديرية لوزير الداخلية للموافقة او عدم الموافقة على منح الجنسية  لمن ورد الحق له في اكتسابها وفق قانون1975، هناك إشكالية أخرى فيما يتعلق بتمييز ضد المرأة المصرية وحقها في منح جنسيتها لأبنائها من أجنبى، لان الأصل الذي يقوم عليه إكساب الجنسية في مصر هو الحق في الدم … أي إعطاء الأبناء الجنسية لمن ولدوا لأب مصري وذلك مخالف لتفسير القانون الدولي الخاص بالجنسية في تعريفه لحق الدم للأب والام  مما يعد التمييز الرئيسي ضد المرأة المصرية أي أن أيّ تعديل أو تغيير في القانون الخاص بشان الجنسية يجب أن يأخذ في الاعتبار تغيير التفسير المصري لمفهوم "حق الدم".

ولم تستثن القرارات الجديدة بشان إكساب الجنسية لأبناء الأم المصرية من الخضوع لسلطة وزير الداخلية تلك إلا إنها زادت من الشروط التمييزية التعجيزية التي تخالف الدستور المصري والاتفاقيات الدولية ومنها : 

1-     أن يكون الأبناء بلغوا سن الرشد  مما يعد مخالفًا  للاتفاقيات الخاصة بحقوق الطفل ،

2-     ألا يكون المتقدم من ذوي الاحتياجات الخاصة، أي معاقا، رغم أن ذلك مخالف للاتفاقيات الخاصة بحقوق المعاقين ، 

3-    أن يكون لديه عشر سنوات إقامة في البلاد وذلك يعني استثناء لأبناء الأم المصرية في خارج القطر مما يعد مخالفًا لقانون 1975 نفسه وتمييزا بين النساء المصريات، 

4-     أن  يكون لديه عقد عمل في البلاد، ونظرًا لقوانين العمل الخاصة بالأجانب فان ذلك يعد من الأمور المستحيلة طبقا للقوانين المصرية التي تقوم بأشكال تمييزية أخرى على مستويات مختلفة.

أما فيما يتعلق بالفلسطينيين في مصر فيمارس ضدهم تمييز من نوع آخر خاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رغم التزام مصر بميثاق جامعة الدول العربية بشان القضية الفلسطينية وحماية وجود الفلسطينيين وبروتوكول الدار البيضاء الخاصة بمعاملة اللاجئين الفلسطينيين 1965 والذي ينظم الأوضاع المعيشية في الأقاليم العربية ومنها الإقليم المصري. 

إلا أن المشكلة الفلسطينية في مصر بدأت في أواخر  السبعينيات، ففي الستينيات منح الفلسطينيون بموجب قرار رقم 28 الصادر عن الجامعة العربية وثائق سفر، ثم بموجب البروتوكول منحوا أذونات إقامة، والحق بالعمل، والحق بالسفر بنفس القدر من المساواة مع المواطنين المصريين، هذا إلى جانب القوانين والقرارات الجمهورية آنذاك بشأن مساواتهم في التعليم. على ارض الواقع لم يتم الالتزام ببرتوكول الدار البيضاء خاصة بعد أزمة اتفاقية كامب ديفيد ومقتل وزير الثقافة المصري يوسف السباعي التي حُمّل الفلسطينيون في الإقليم المصري وزره وعوقبوا بسياسات تمييزية مخالفة لما ورد في قرارات الجامعة العربية، وظل عقد الثمانينات والتسعينيات حتى يومنا هذا سمته الغالبة (الهشاشة القانونية للفلسطينيين في مصر).

الصعوبة تتجلى في حصولهم على أذونات الإقامة المصرية المشروطة بمقدرة الفلسطيني علي إبداء أسباب معقولة ومحددة للجهات المصرية  لإقامته في مصر. يتساوى في ذلك الفلسطينيون من أم مصرية مع أقرانهم الفلسطينيين، بجانب أن عملية تجديد الإقامة مدفوعة الرسوم وفقا لسنة الوصول والتي تعد تكاليف باهظة علي المستوي الاقتصادي للفلسطينيين في مصر وهم غير مشمولين بمساعدات من قبل جهات دولية (الانروا أو المفوضية العليا لشؤون اللاجئين)، فأولئك القادمون خلال حرب 1948  والذين يحملون فئتي (أ)و(ب) عادة تكون اذوناتهم كل خمس سنوات، وكذلك القادمون خلال عدوان 1956، فئة (ج) يقدموا اذوناتهم كل خمس سنوات أيضا، إما من قدموا خلال وبعد حرب 1967 يصنفوا تحت فئتي (د) و( ه) يجددون اذوناتهم ما بين ثلاث إلى سنة واحدة، إلا أن ذلك مرهون بموافقة الجهات الأمنية المختصة مما يجعل الفلسطينيين رهينة السلطة التقديرية للجهات الأمنية .

إن الشروط التي وجب توافرها للحصول على تلك الأذونات ليست سهلة باستثناء تقييدهم المدارس الخاصة (ذات المصروفات الباهظة) والجامعات المصرية التي تعطيهم سنة إقامة في البلاد تجدد سنويًا، مهما كانت فئتهم التي ينتمون اليها.

هناك الكثير من القيود المفروضة علي حرية الحركة بالنسبة للفلسطينيين المقيمين بمصر، رغم أن البروتوكول دار البيضاء ذكر انه يحق للفلسطينيين مغادرة أراضى الدولة التي يقيمون فيها والعودة إليها دون شرط أو قيد ، إلا أن الواقع غير ذلك حيث يمكن للفلسطيني مغادرة الإقليم المصري وقتما شاء لكنه لا يمكنه العودة إلا بإحدى طريقتين؛ أن تكون عودته قبل 6 اشهر من تاريخ المغادرة أو تقديم إثبات على العمل في الخارج أو الالتحاق بالدراسة وذلك ليمنح فيزا عودة لمدة سنة واحدة علمًا بان أى تأخير في العودة يؤدي إلى حرمانه من دخول الأراضى المصرية.

بالنسبة للعمل الذي يمنح بموجبه الفلسطيني إقامة والذي يعدّ من اصعب الأمور حيث أن قوانين العمل المصرية خاصة بعد السياسات العقابية التي فرضت على الفلسطينيين بعد مقتل السباعي نصت على تقييد حقوق الفلسطينيين في العمل داخل الإقليم المصري مما يعد تمييزا علي مستوى جديد ومخالفة للاتفاقيات الدولية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فان القوانين الخاصة بذلك قانون 48 لعام 1978: بشان التشغيل في القطاع العام علي وجوب المعاملة بالمثل بالنسبة لتشغيل مواطني الدول العربية مما يعني  أن الحكومة المصرية لا توظف إلا مواطني الدول العربية التي توظف دوائرها الحكومية المصريين، وقانون 37 لعام 1981انه لا يسمح للأجانب بممارسة مهنهم إلا بعد الحصول علي تصريح تصدره وزارة القوي العاملة والتدريب بالإضافة إلى إذن إقامة  مما يجعلنا ندور في دائرة مغلقة ) ، وقرار وزير العمل رقم 25 لعام 1982 والذي  زاد من العراقيل أمام الفلسطينيين هو فرض  حصة تحدد عدد الأجانب العاملين في القطاع الخاص حيث انه لا يجب أن تتجاوز تلك الحصة  10% من إجمالى عدد الموظفين في أى مكان من أماكن العمل، مما حدا بالفلسطينيين العمل بشكل غير قانوني وتحت وطأة ظروف العمل المجحفة التي يفرضها وضعهم القانوني الهش في الإقليم المصري .

بجانب الإقامة والعمل فان توفير التعليم للفلسطينيين تأثر بتداعيات الأحداث السياسية عام 1978 بالرغم من أن الحكومة المصرية نظرا لالتزاماتها باتفاقيات الجامعة العربية من جهة ولاعتبارات الدور الإقليمى القومي التي لعبته مصر طيلة حقبة الستينيات وأواسط السبعينات من جهة أحرى، جعلت تعليم الفلسطينيين مساويًا للمصريين في قطاع التعليم الأساسى الحكومي والجامعي، إلا انهم بعد السبعينيات صُنّفوا "أجانب" فأصبحوا ملزمين باستكمال تعليمهم الأساسى في المدارس الخاصة وبتسديد المصروفات الباهظة، أما التعليم الجامعي فإنهم ملزمون بتسديد المصروفات بالجنيه الإسترلينى والمتراوح بين 3000 إلى 1000 إسترلينى. صحيح أن أبناء الأم المصرية قد حظوا بتخفيض تلك المصروفات ما قيمته 10%بشروط معينة صدرت من خلال رسالة رسمية في اكتوبر1993 إلى مكتب الوافدين المنوط بتسلم طلبات الالتحاق الجامعي والتي عادة ما يتأخر في الرد عليها وتشمل تصنيفات الفلسطينيين المعفيين من رسوم 90% وهم كالآتى: أبناء موظفي الحكومة بمن فيهم المتقاعدون؛ أبناء الأرامل والمطلقات المصريات؛ أبناء الأمهات اللواتي نجحن في امتحان الشهادة الثانوية المصرية؛ المقيمون في مصر وولدوا فيها وانهوا جميع المستويات التعليمية في مدارسها. ويعدّ هذا كلّه تمييز جديد بين أبناء الفلسطينيين أنفسهم، وتمييز علي مستوى أبناء المصرية نفسها فلا يحق التخفيض لمن كانت أمه متزوجة من فلسطيني، أو أمّية (ارتفاع نسبة الاميه لدى النساء المصريات) ، أو أمّه مصرية وتلقّى تعليمه في الخارج ... الخ.

حالت هذه التغييرات التي طرأت على معاملة الطلبة الفلسطينيين دون استكمال تعليمهم، إلى جانب إلى انها فرضت قرارات داخلية من شانها إعاقة التحاقهم بكليات الطب والصيدلة والاقتصاد والعلوم السياسية والإعلام عام 1995 بموجب اتفاقية بين السلطة الفلسطينية والحكومة المصرية لإعداد الفلسطينيين لبناء الدولة في الضفة الغربية وغزة. 

رغم أن الحكومة المصرية قد أصدرت عدة قرارات من شانها تقديم تسهيلات في المصروفات الدراسية والجامعية  بعد اندلاع انتفاضة الأقصى 2000  مبدية تعاطفا عمليا مع الفلسطينيين إلا أن ذلك يعتبر مؤقتًا وهشًا ومتعلقًا بالظرف السياسي الفلسطيني ولكنه لا يعني حقوقا أصيلة كفلتها له القوانين والقرارات التي من شانها رفع التمييز الواقع عليه.

انه من الغريب أن تتحدث مصر عن حمايته للهوية الفلسطينية من خلال إقصاء الفلسطينيين من قرارات أو القانون الجديد تجنس أبناء الأم المصرية ، حيث أنها تمارس سياساتها التمييزية ضدهم منذ ما يقرب من ثلاث عقود متوالية ، في حين أن منح أبناء الأم الفلسطينية وأب مصري الجنسية طبقا لمبدأ حق الدم يعد تهديدا للهوية الفلسطينية ، وكذلك منح أبناء الأم المصرية من أب فلسطيني جنسيتها يعد تمييزا مزدوجا وتهديدا أخر للهوية الفلسطينية أيضا. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه بصورة رئيسة هو لماذا لا يحق للفلسطيني وحده حرية اختيار جنسيته والتي لا تتعارض مع هويته الفلسطينية وحقوقه التي كفلها قرار 194 بشان العودة والتعويض من جهة ؟ ولماذا تفرض الوصاية علي الفلسطينيين من قبل الدول العربية في حماية الهوية الفلسطينية والتي تعكس نظرة تمييزية باعتباره غير كامل الأهلية في الاختيار؟ وإذا كانت الدول العربية ومصر منها أو حتى جامعة الدول العربية حريصة علي حماية الهوية الفلسطينية فلماذا لا ترفع تلك الدول السياسات التمييزية ضدهم أو تراقب جامعة الدول العربية الدول التي تمارس تلك السياسات ، وبالتالي لن نجد طوابير الفلسطينيين التي تنتظر حصولها علي جنسية أخري هروبا من المعاناة اليومية السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يتعرضوا إليها في الدول العربية.

هذه ليست دعوة لتوطين الفلسطينيين في البلاد العربية ولكنها دعوة لرفع الظلم والاضطهاد والتمييز الذي يمارس ضدهم ، رغم أن اكتساب جنسية أخرى لا يعني فقده للجنسية الفلسطينية "الأصل" وليست إسقاط لحقوقه في العودة والتعويض وفقا لقرار 194 والقرارات المتوالية التي تؤكد على حقه في ذلك. 

----------------

هوامش :

 

·   قدر ويقدر عدد الفلسطينيين الذين قدموا إلى مصر عن طريق البحر بحوالي 100.000 ، وقد أعدت السلطات المصرية معسكرات طارئة لاستقبال هؤلاء :وقد استقرت المجموعة الأولى من الفلسطينيين القادمين إلى مصر في منطقة العباسية في القاهرة ، ومنطقة (المزرية) في بور سعيد ، وفي أعقاب حرب 1967 تزايد عدد الفلسطينيين المهاجرين إلى مصر ، لذلك تم إعداد معسكر آخر في القنطرة "مدينة اللاجئين" على ضفاف قناة السويس. وقد شكلت السلطات المصرية  اللجنة العليا لشئون المهاجرين الفلسطينيّين لسد احتياجات اللاجئين في المعسكرات التي كانت تعج بقرابة 12.000 لاجئ فلسطيني.(براند 1988 ). بحلول عام 1953 زادت الأوضاع سوءًا في مصر للكثير من للاجئين الفلسطينيين الذين فقدوا مواردهم المالية ، وكذلك لم يسمح لهم بالعمل، في الوقت الذي هم في أمسّ الحاجة للمساعدة ، ( براند 1988 .

·   لا يجد الفلسطينيّون اللاجئون في مصر المساعدة التي تقدمها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (UNRWA))، ولا هم أيضا يتلقون حماية من قِبل المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة. في الوقت الذي عملت فيه الحكومة المصريّة على حماية اللاجئين الفلسطينيين عند وصولهم إلى مصر، وأصدرت لهم وثائق سفر مصرية، تعطيهم ضمانا بالإقامة الشرعية فيها خلال حرب 1967 –الحرب الثانية بين الفلسطينيين والإسرائيليين- وصلت موجة جديدة من الفلسطينيين إلى مصر ، وقدر عدد االفلسطينيين اللاجئين إلى مصر في العام 1969 بحوالي 33.000 - طبقا لتقديرات مكتب حاكم غزة في مصر. كان نحو ثمانية آلاف منهم يعيشون بصورة غير قانونية ونحو 27.000 لاجئ مسجلين .

                                                                                                                                                     بيسان عدوان


 2008



تصدير المحتوى ك PDF

إضافة محتوى