الوضع الاجتماعي - مخيم المغازي


تبدو الحياة في مخيم المغازي للاجئين وسط قطاع غزة صورة مكررة عن الأوضاع الصعبة للاجئين في باقي مناطق قطاع غزة، إلا أن الحديث مع السكان والاستماع الى همومهم يغيران الصورة نهائيا.

الصورة المأساوية تتضح رويدا رويدا منذ عبور الطريق الرئيسة للمخيم الذي يعج بالحفر والمطبات في رسالة أولية عن أوضاع السكان. وهناك في الشوارع والأزقة والمنازل داخل المخيم يفتح اللاجئون قلوبهم للحديث عن أوضاعهم، فتتكثف الصورة وتبدو الأوضاع قاسية إلى حد كبير لا يتصوره القاطنون خارج المخيم.

«غالبية السكان هنا لا يعملون ويعيشون في انتظار المساعدات من هذه الجهة أو تلك»، قال حسن شلتوت (54 عاما)، محاولا اختصار الوضع القاسي للحياة في مخيم المغازي في وسط قطاع غزة. وبعد فترة من الصمت داخل صالون الحلاقة القديم في وسط سوق المخيم.

تابع: لا تنخدع بالمحال المنتشرة على جانبي الطريق، فأصحابها لا يبيعون شيئا طيلة النهار، مع أن أوضاعهم تنتعش قليلا في أول كل شهر عندما يتلقى الموظفون رواتبهم ثم يعود إلى الركود القاتل مرة أخرى.

الحلاق شلتوت (أبو علي) الذي يعتبر من الوجوه المعروفة لسكان المخيم بعد أن ورث مهنة الحلاقة عن أبيه اللاجئ من قرية تل الترمس المدمرة عام 1948، لم يستقبل أي زبائن في صالونه البسيط منذ ثلاثة أيام، وأحيانا يصفف شعر زبائنه الفقراء من دون مقابل ليحافظ عليهم، كما قال بصوت حزين.

يقع مخيم المغازي تحت إشراف وكالة الغوث التي تقول على موقعها الالكتروني إن المخيم يتسم بضيق أزقته وارتفاع كثافته السكانية، لافتة إلى أن معظم اللاجئين الذين قدموا إلى المخيم كانوا قد فروا «بسبب الأعمال العدائية التي رافقت الحرب العربية (الصهيونية) عام 1948».

وتنحدر أصولهم من القرى الواقعة جنوب فلسطين. وتشير الوكالة الى عدم إمكان القيام بأي أعمال بناء أو إصلاح لأن الحصار يعمل على منع الغزيين عموما من استيراد مواد البناء. وقد ساهم ذلك في زيادة حدة المشاكلات الإسكانية التي يعانيها السكان المتزايدون، علاوة على زيادة صعوبة صيانة البنية التحتية المتهالكة في المخيم.

وتؤكد (الاونروا) أن المخيم يعاني مثل باقي المخيمات في قطاع غزة، ارتفاعاً شديداً في معدلات البطالة والفقر، إلى جانب نقص المساكن، وكذلك نقص التزويد الكافي بالكهرباء.

تعطي مواصلة التجول في أزقة وشوارع المخيم الزائرين مزيدا من التفصيلات عن الحياة القاسية لسكان المخيم الذين لا يجدون المأوى الملائم لهم، فتكتظ بهم المنازل ويعيشون في أسر ممتدة وسط مشكلات  كبيرة.

أبناء يرثون معاناة الآباء:

تقول الحاجة أم محمد (59 عاما) من قرية البطاني الغربي، وهي تهم باجتياز إحدى الطرقات الداخلية قرب منزلها: «الفقر يلاحقنا منذ ترك آباؤنا مجبرين قراهم وفروا تائهين على وجوههم الى أماكن شتى.

ويقول الشاب أمين أبو منديل (41 عاما) الذي تنحدر أسرته من مدينة بئر السبع، إن «كثيرا من العائلات تعيش في منزل واحد في المخيم الذي كان في الأساس معسكرا للجيش البريطاني قبل النكبة، وبعد أن سكنه اللاجئون تمدد ببطء لتصل مساحته إلى 559 دونماً يعيش فوقها الآن 27 ألف نسمة».

وأضاف أبو منديل الذي يظهر معرفة كبيرة بهموم المخيم ومشكلاته: لا يقتصر الاكتظاظ في المخيم على اللاجئين أنفسهم، بل يتعداه ليشمل الموتى في القبور الذين لا يجدون مكانا لهم فيضطر أقاربهم الى دفنهم في قبور أسلافهم القديمة.

تحدث أبو منديل عن كثير من المشكلات التي يعانيها المخيم، وأسهب في وصف مشكلات انقطاع التيار الكهرباء المتكرر وغياب المياه النقية والتقليصات المستمرة في الخدمات التي تقدمها «الأونروا»  للاجئين.

المشكلات التي يعانيها المخيم:

قال شكري العاروقي رئيس اللجنة الشعبية للاجئين، التي أنشئت عام 1996م من أجل الدفاع عن حقوق اللاجئين في المخيم، إن أهم المشكلات تتمثل في الاكتظاظ السكاني بسبب صغر مساحة المخيم، والبطالة العالية في صفوف العمال والخريجين التي تقدر بنحو 59%، إضافة إلى خلو مقبرة المخيم من مساحة لدفن الأموات، ما اضطر الأهالي إلى نبش القبور القديمة.

وأضاف العاروقي وهو يجلس في مقر اللجنة الشعبية للاجئين المزدان بالشعارات والملصقات المتمسكة بحق اللاجئين في العودة، إن الاجتياحات الإسرائيلية المتكررة للمخيم أدت الى استشهاد وجرح عدد كبير من أبنائه، إلى جــانب تــدمير البنية التحتية والأراضي الزراعية من خلال إنشاء منطقة عــازلة بالقرب من «خط التحديد»، واقتطــاع مــساحة واسعة من الأراضي الزراعية المحيطة بالمــخيم، مشــيرا كذلك إلى مشكلة انقطاع المياه بشكل كبير، خاصة خلال فتــرة الصيف، وعدم وجود آبار كافية لتزويد المخيم بالمياه الصالحة للشرب.

كذلك، لا توجد في المخيم ملاعب، ما يدفع الأطفال إلى اللعب في الشوارع، حيث الخطر ينتظرهم من السيارات العابرة، ما يتسبب في وقوع حوادث الطرق. وأشار إلى معاناة المؤسسات الأهلية في المخيم وقلة الدعم المقدم لها، ما يؤثر في نوعية الخدمة التي تقدمها، لافتا إلى وجود مشكلة أخرى تتمثل في عمل عيادة المخيم التابعة لوكالة الغوث لفترة واحدة، الأمر الذي يجعلها غير كافية لسد حاجة أبناء المخيم.

علاقة أهل المخيم الداخلية و الخارجية:

تتزايد أعداد اللاجئين بشكل مطرد خلال السنوات الأخيرة؛ إذ ازداد عدد اللاجئين بحوالي الثلث منذ العام 1999م، وشكلت نسبة الزيادة السنوية 2.8%، قياساً بعام 2007م ليصل عدد اللاجئين القاطنين في قطاع غزة لعام 2008م 1059.584، منهم 47% من اللاجئين موزعين علي المخيمات الثمانية، وتُعتبر هذه الزيادة أعلى نسبة زيادة سكانية في المنطقة، وهذا راجع لازدياد النمو الطبيعي للاجئين، وارتفاع أعداد المواليد الذي يعدّ مؤشراً واضحاً لارتفاع معدلات الخصوبة الكليّة بين اللاجئين التي تصل إلى نحو 6 مواليد طيلة حياة المرأة الإنجابية.

ومن الخصائص التي يتميز بها سكان القطاع بشكل عام، وسكان المخيمات بشكل خاص، هي ارتفاع نسبة الأطفال دون سن الخامسة عشر من العمر– باعتبارها فئة غير منتجة إذ تتعدى 50%، مما يؤدي إلى ارتفاع أعباء الإعالة بين الأسرة اللاجئة، التي وصلت إلى نحو 4 أفراد، أي أن كل فرد في سن العمل، يعيل إضافةً إلى نفسه ثلاثة أفراد آخرين من خارج قوة العمل، وهذا يتعارض مع ظروف، ومستوى المعيشة في ظل تدنى مستوى الخدمات المقدمة للفئة التي تُمثل القاعدة الأساسية للسكان، كل ذلك مع الأخذ بالاعتبار ضيق ومحدودية المساحة الجغرافية لقطاع غزة ومساحة  المخيمات.

أما بالنسبة للمخيمات التي اتجهت إلى التوسع الأفقي، ونحو الاندماج مع مناطق المدن المسجلة بها، وأصبح من الصعوبة تمييزها عن المناطق المحيطة به، فيعاني الفلسطينيون فيها من مشكلات اجتماعية، وصحية حقيقية ناجمة عن الاكتظاظ، والازدحام، وضيق المساحة،ونقص المباني السكنية الكفيلة بإيواء الأعداد المتزايدة من السكان والتي وصلت نسبتها إلى70% ضمن أوساط السكان اللاجئين، وخاصةً في المخيمات ممّا دفع السكان إلى اعتماد البناء العمودي،والتوسع على حساب الشوارع،وأدى إلى انعدام التهوية، وتحول الشوارع إلي أزقة.

وبذلك يتجه الوضع داخل المخيمات إلى الانفجار الاجتماعي،والسكاني خلال السنوات المقبلة، وخاصةً مع مشكلة انعدام وسائل الترفيه في المخيمات،إذ أن رياض الأطفال لا يستوعب إلا أعداد محدودة جداً منهم،ممّا يعني تضخم ظاهرة انتشار الأطفال في شوارع، وأزقة المخيمات التي يلعبون بها، وكثيراً ما يتعرضون لحوادث تودي بحياتهم أو تصيبهم بعاهات لعدم وجود أماكن يقضون فيها وقت فراغهم، وهذا راجع إلى التصاق المنازل بعضها البعض، وعدم وجود مساحات كافية بينها.

الحركة الشبابية و النسائية:

يتكون المخيم من نسبة عالية من اللاجئين مما ادى الي زيادة الاحتياجات العاملة والثقافية في المخيم ومن ضمن هذه المراكز مراكز الانشطة النسائية فما قبل عام 2007 م كان هناك 4 مراكز على مستوى مخيم البريج تابعه لكل من السلطة الفلسطينية ووكالة الغوث الاممية، أما بعد عام 2007 م تم السيطرة على هذه المراكز من قبل حركة حماس وبذلك تحولت هذه المراكز الي مراكز خاصة بالحركة وتقدم عدد من الانشطة منها الثقافية و التموينية والتعليمية.

الروابط الدواوين العائلية: 

أوجدت العادات والتقاليد العربية والفلسطينية الدواوين والعائلية منذ مئات السنين وبقيت متواجدة، ولها صلاحيات بارزة حتى وقت قريب، ولكن التغير الثقافي في المجتمع الغزي انعكس على المخيمات وبرزت فيها دور الأحزاب بصورة أكبر، وبقية الدواوين تحافظ على النمط الأدبي الشكلي العام ،الذي يتدخل في المشاكل الأسرية والعائلية ومن العائلات التي لها دواوين :سلامة، أبو ركن، البو رديني،  أبو منديل،  آل ابو ظاهر ، آل عبد الجوال، ديوان القساطنة، وديوان ال نصار.