حسين موسى… شاعرٌ يوقظ الوطن من حبره

حسين موسى… شاعرٌ يوقظ الوطن من حبره

حسين موسى… شاعرٌ يوقظ الوطن من حبره

حسين موسى… شاعرٌ يوقظ الوطن من حبره

 جنين القاضي


في كل شاعرٍ حكاية، لكن في حكاية حسين موسى تلمع فلسطين من أول السطر إلى آخره. هو ابن الدردارة – صفد، المولود عام 1960، القادم إلى الدنيا وهو يحمل في روحه رائحة التراب النديّ، وكأن الأرض أودعته سراً لا يضيع. لم يبدأ رحيله بإرادته، لكنه كان بداية الطريق الذي سيصنع شاعراً لا يشبه إلا وطنه.

عام 1967، انتُزع من حضن أرضه طفلاً، وحُمل إلى الجولان المحتل؛ وهناك، في البعد القاسي والمسافات المفتوحة، فهم أن الأرض ليست مساحة تُقاس، بل روحٌ تُعاش. في الجولان نمت طفولته، وتشكلت ملامح حلمه، وبدأت الأسئلة تنمو داخله مثل أعشاب لا تعرف الانطفاء. ومن تلك الأرض بدأ الشعر يتسرب إليه خيطاً خيطاً، كأن الكلمات كانت تختاره قبل أن يختار هو طريقها.

ولم تتوقف الرحلة عند الجولان؛ حملته إلى دمشق، حيث درس الكيمياء، فيما كان قلبه يفتح كتباً أخرى لا تُدرّس في الجامعات: كتب الحنين والبحث عن معنى. لم تتّسع له المعادلات، ولا احتمله المختبر، فالتفت نحو بيروت؛ نحو مدينةٍ تشبه القصائد حين تضيق الحياة بالشعراء. هناك أخذته الحرية من يده، وعلّمته المدينة كيف يكتب الضوء من بين أصابع العتمة.

في بيروت تعلّم أسرار الصوت والصورة، وتدرّج في الصحافة حتى صار سكرتير تحرير مجلة فلسطين الثورة لمدة خمسة عشر عاماً. وهناك، في مكاتب المجلة التي كانت بيتاً للمقاومين وللنصوص الكبيرة، صار قلمه جزءاً من أرشيف الذاكرة الفلسطينية: يدوّن، يوثّق، ويضيء. كان يحمل فلسطين في جيبه، ويكتبها في كل زاوية، كأن الكتابة وطنه المتاح حين ضاقت به الأوطان.

كتب الشعر وهو يضع قلبه على الورق، فأصدر مجموعاته التي حملت صدقه وجرحه وملامح فلسطين في كل سطر. ورغم صداقاته مع كبار الشعراء، ظلّ يحتفظ بصوته المتفرّد الذي يعرفه محبّوه فور أن يبدأ بالكتابة.

نال تكريمات عديدة، لكن لقبه الأصدق ظلّ: شاعر فلسطين، إذ إنّه في أمسياته لا يكتفي بإلقاء القصائد، بل يجعل الجمهور يشعر بأن فلسطين تنساب بين الحروف وتتنفّس في نبرة صوته.

فحسين موسى، كلما كتب، وجد الوطن ينتظره على الصفحة؛ يعود إليه في كل سطر، كأن اللقاء بينهما موعدٌ لا يتأخر أبدًا.



تصدير المحتوى ك PDF

إضافة محتوى