الفلسطينيون في العراق

الفلسطينيون في العراق

اللاجئون الفلسطينيون في العراق 

لجأ إلى العراق ما يقارب 4300 لاجئ، بنفس الدوافع التي دفعت اللاجئين الى الدول المجاورة لفلسطين مع الاختلاف في الأعداد؛ لأن المسافة بعيدة. وتعود جذور الفلسطينيين الذين توجهوا للعراق إلى قرى المثلث: اجزم، جبع، عين غزال في الجليل الأعلى الذين ربطتهم بالجيش العراقي المتمترس في مواقع العمليات آنذاك روابط الألفة والمحبة والهم المشترك.

من يشرف على شؤون اللاجئين الفلسطينيين في العراق؟

في البداية أشرف الجيش العراقي على اللاجئين لمدة سنتين قبل أن تنشئ السلطات العراقية مديرية شؤون اللاجئين الفلسطينيين التابعة لوزراة العمل والشؤون الاجتماعية. أما عن عدم خضوع  اللاجئين الفلسطينيين لإشراف "أونروا"، فلأن "أونروا" رفضت وضع فلسطينيي العراق تحت إشرافها؛ نظراً لقلتهم من ناحية، وبعدهم عن مناطق اللجوء من ناحية أخرى. أما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، فقد استحدثت وزارة المهجرين والمهاجرين في العراق اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين، وهي التي تصدر لهم الهُويات التعريفية. كذلك هناك إشراف آخر من مديرية الإقامة، وهي المسؤولة عن إصدار وثائق السفر، إضافة إلى مسؤوليتها عن إثبات مشروعية الإقامة للاجئين.

أين سكن اللاجئون الفلسطينيون في العراق؟

سكن اللاجئون الفلسطينيون في العراق في الدوائر الحكومية التابعة لوزارة التعليم العالي وفي مباني الكليات، وجرى تغيير أماكن سكنهم بين المحافظات العراقية: البصرة، بابل، الموصل، كركوك، ومنطقة أبو غريب، إلى أن جمعوا ثانيةً في مدينة بغداد (الغالبية العظمى) والموصل والبصرة.

أُسكن قسم كبير من اللاجئين في الملاجئ التي تكاد تكون أشبه بالقبور؛ لما تشترك معها من صفات انعدام الشمس والتهوية وضيق المكان. كذلك أسكن ما يقرب من 270 عائلة في 55 منزلاً، أي بمعدل خمس عائلات في المنزل الواحد، وتوزع الباقون على منازل شعبية في حي الحرية وحي السلام وتل محمد وحي الزعفرانية، وقد بُنيت مجموعة من الأبنية السكنية على نفقة الحكومة العراقية بين عامي 1955 و1985 في حي البلديات شرق بغداد ومنطقة الدورة ومجمع الخليج في حي الأمين والموصل والبصرة، ولكنها لم تغط سوى 15% من حاجة اللاجئين إلى السكن، وخصوصاً أن الحكومة العراقية كانت تمنع اللاجئين من شراء المساكن، ولم تراع النمو السكاني للاجئين؛ ما أدى الى التراكم السكاني داخل الوحدات السكنية.


اللاجئون الفلسطينيون بعد احتلال العراق

بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في العراق سنة 2003 قبيل الاحتلال الأمريكي ما بين 35 و40 ألف فلسطيني، تعرض أكثرهم لعمليات تهجير قسري جديدة اتسمت باستهدافهم بالقتل والاختطاف والاعتقال والتعذيب حتى الموت، ومصادرة ممتلكاتهم من منازل وسيارات ومحال تجارية. وقد اتبعت عدة أساليب لترهيب الفلسطينيين من خلال الاقتحامات وعمليات الدهم والقصف للتجمعات الفلسطينية بالهاون والمدفعية من جيش الاحتلال الأمريكي، وأحياناً أخرى من الفئات العراقية المتقاتلة؛ ما أدى إلى انخفاض العدد الى 23000 نسمة في شهر حزيران عام 2003 وفق إحصائية الأمم المتحدة.

إلى أين غادر فلسطينيو العراق؟

أدت هذه الأحداث الدامية بحق الفلسطينيين إلى هروب الآلاف منهم من بيوتهم وتوزعهم في عدد من الدول العربية ممن قبلت استضافتهم، أو ممن تمكنوا من الدخول إليها بنحو غير قانوني، علماً أن الحكومة العراقية لم تصدر لهم وثائق إثبات حتى عام 2009، بالإضافة إلى أعداد من اللاجئين تمكنوا من الوصول إلى السويد وقبرص والبرازيل والهند وكندا والنرويج والصين ودول أمريكا اللاتينية. وتقدر أعداد من بقي في العراق بـ8 آلاف لاجئ، وهذا العدد مرشح للانخفاض؛ نتيجة لاستمرار هجرة الفلسطينيين بحثاً عن الأمان المفقود هناك، فقد سجلت سنة 2007 استشهاد 45 فلسطينياً في العراق مقارنة مع استشهاد 101 وتهجير 1200 في سنة 2006. 

 


 

كان لوجود الجيش العراقي خلال حرب سنة 1948 في شمال فلسطين الأثر الكبير في نسيج الخيوط الأولى للعلاقة مع المهجرين من الأراضي الفلسطينية، وعلى وجه التحديد من مدينة حيفا وقراها، إذ عمل الجيش العراقي على نقل جزء من هؤلاء المهجرين إلى العراق، خلال الحرب وبعدها، بناء على طلب من الحكومة العراقية.

  تفيد الإحصائيات أن عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين وصلوا إلى العراق سنة 1948 تتراوح ما بين 3 آلاف إلى 5 آلاف لاجئ.

  ينحدر اللاجئون الفلسطينيون في العراق من قرى حيفا، وعلى وجه التحديد من ثلاث قرى وهي (عين غزال – جبع – إجزم) أما النسبة المتبقية فتنحدر من قرى (المزار - الطيرة – صرفند – عتليت – أم الزينات – كفر لام – المنارة – الطنطورة – أم الفحم – عين حوض)، كما ينحدر بعض العائلات من (يافا وقراها - حيفا - القدس - نابلس -عكا – جنين).

  تولت وزارة الدفاع العراقية رعاية اللاجئين الفلسطينيين بعد وصولهم إلى العراق، وتم توزيعهم على مقار ومؤسسات حكومية للسكن فيها.

  كان اللاجئون الفلسطينيون يحصلون على مخصصات من الطعام والغذاء بشكل دائم كباقي قطعات الجيش العراقي، واستمر هذا الوضع حتى عام 1950، حين انتقلت إدارة شؤونهم إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ضمن مديرية خاصة أطلق عليها "مديرية شؤون اللاجئين الفلسطينيين في العراق"، والتي من خلالها أُعيد توزيع سكنهم وفق نظام السكن الجماعي في الملاجئ.
 ‍ أبت حكومة العراق منذ البداية على تعريف اللاجئ الفلسطيني بأنه الذي دخل إلى الأراضي العراقية وأقام فيها منذ سنة 1948 ولغاية سنة 1950، وفق هذا التعريف فإن أي فلسطيني قدم للإقامة بعد هذا التاريخ لم تتم إضافته إلى سجل اللاجئين الفلسطينيين.

  
كان الوضع القانوني للفلسطيني في العراق مثاراً للجدل في الأوساط الفلسطينية داخل العراق وخارجه، منذ الوجود الفلسطيني في العراق عام 1948 إلى يومنا هذا، إذ لم يكن هناك قانون واضح وصريح ينظم حياة اللاجئين الفلسطينيين، رغم تعاقب الحكومات العراقية من الملكية إلى الجمهورية، وعلى الرغم من إعلان الحكومة العراقية أنها تعامل الفلسطيني معاملة العراقي، إلا أنها كانت تصدر الاستثناءات والتعديلات والتوضيحات التي كانت تكبل الفلسطيني وتمنعه من القدرة على العيش والاستقرار، وبقي الوضع على ما هو عليه طيلة تلك السنوات التي رافقت الحرب العراقية الإيرانية والحصار الاقتصادي فترة التسعينيات، حتى عام 2001 وذلك حين أصدر مجلس قيادة الثورة آنذاك القرار رقم 202، والذي ينص على أن "يعامل الفلسطيني معاملة العراقي، ما عدا خدمة العلم والجنسية والحقوق السياسية من انتخاب وترشيح، ويعتبر هذا القرار أفضل قرار صدر بحق الفلسطينيين في العراق بعد تلك السنوات العجاف بالنسبة للاجئين الفلسطينيين، والذي تضمن عقوبة لكل موظف لا يطبق هذا القرار الذي يحمل الرقم 202 لسنة 2001.

  
واستمر العمل بالقرار 202 حتى عام 2017 وبالتحديد حين صدر قرار 76 الذي ألغيت بموجبه حزمة من القرارات والقوانين التي تعود إلى مجلس قيادة الثورة المنحل، ومن بينها القرار 202، وترتب على قرار الإلغاء عدة نتائج، منها حرمان عائلة الفلسطيني المتقاعد المتوفى من الاستفادة من الراتب التقاعدي وحجب البطاقة الغذائية، ومنع راتب الرعاية الاجتماعية عن كبار السن والمعاقين والأيتام.

  
ويُضاف إلى معاناة فلسطينيي العراق، أن العراق رفض منذ تشكيل وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" عام 1949 أن يكون المنطقة السادسة من مناطق عمل "أونروا"، حين تعهد العراق لـ"أونروا" بوضع إمكانياته للإشراف الكامل على شؤون اللاجئين الفلسطينيين في العراق، وتقديم المساعدات كافة لهم مقابل عدم دفعه أية تبرعات مادية لـ"أونروا" مع احتفاظ الفلسطينيين بجنسيتهم.
  ‍

 


 

 


  
الاحتلال الأميركي..  معاناة مضاعفة
 

  
شكل الاحتلال الأميركي للعراق بداية لمرحلة من الفوضى والمعاناة لعموم الشعب العراقي، كما أثار الأحقاد والضغائن الطائفية، حيث شجع الاحتلال على عمليات القتل والنهب والانتقام، التي كانت المليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية أداتها الأولى.

  
لم يكن اللاجئون الفلسطينيون بمنأى عن هذه الأوضاع المتردية، خصوصاً حينما تم تصنيفهم طائفياً داخل الفوضى العراقية، فضلا عن اعتبارهم من المحسوبين على النظام السابق، وهو ما غذّته أحزاب وحركات سياسية دينية مرتبطة في الأغلب مع إيران.

  
شكل الاحتلال الأميركي منذ اللحظات الأولى عبئا كبيرا على الفلسطينيين في العراق وصل إلى قصف مجمع البلديات السكني، وهو أحد أكبر التجمعات الفلسطينية في العراق، بطائرات أباتشي حين دخوله لاحتلال المناطق المحاذية للمجمع، ومن ثم قصفت المجمع مرة أخرى بالقنابل العنقودية، واقتحام السفارة الفلسطينية في بغداد، واعتقال القائم بالأعمال وكادر السفارة لأكثر من سنة في أم قصر.

  
ومنذ احتلال العراق تولت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية المسؤولية عن اللاجئين الفلسطينيين، وعانى الفلسطينيون مشاكل تتعلق بتجديد بطاقة الإقامة شهرياً، ومن ثم أصبحت كل ثلاثة أشهر، مع ما يترتب على ذلك من تعقيدات ومعاناة عند مراجعة الفلسطيني لأية دائرة حكومية، ويجبر الفلسطيني على أن يصطحب عائلته كل شهر أو كل ثلاثة أشهر إلى دائرة الإقامة.

  
وشهد عام 2006 العديد من عمليات التهديد والخطف والتعذيب والقتل والتهجير. كان عاماً يصعب على أي فلسطيني عاش في العراق أن ينساه، إذ استطاعت خلاله الأحزاب والمليشيات الطائفية قتل أكثر من 600 لاجئ فلسطيني، وتهجير أكثر من 25 ألف لاجئ فلسطيني إلى المخيمات الحدودية والبلدان المجاورة، إذ توزع اللاجئون الفلسطينيون في مختلف دول العالم.
  ‍

  داعش.. قصف وتهجير وقتل
 

  
ما عاناه اللاجئون الفلسطينيون في العراق جراء دخول تنظيم "داعش" الإرهابي للمحافظات الشمالية (نينوى – صلاح الدين – الأنبار) يتشابه مع معاناة العراقيين، إذ هجرت عشرات الأسر الفلسطينية إلى إقليم كردستان، حيث سكنت 20 عائلة في مخيم بحركة في إربيل، والباقي سكن المدينة، أما من تبقى من الفلسطينيين الذين لم يستطيعوا الخروج فالتزموا بيوتهم في الجانب الأيسر من مدينة الموصل، وهم قرابة 200 أسرة فلسطينية، تعرضوا إلى القصف من جراء الحرب بين القوات الحكومية و"داعش" وقتل بعضهم وأصيب عدد منهم، ولا يتوقف الوضع على هذا، فالجميع يعلم الأوضاع الاقتصادية التي مرت بها مدينة الموصل، والتي وصل فيها سعر كيس الطحين إلى أرقام خيالية، خاصة في فصل الشتاء.

حسن الخالد / باحث في الشأن الفلسطيني في العراق: العربي

كيف تعامل القانون العراقي مع اللاجئين الفلسطينيين؟

صدرت عدة قوانين عن الحكومات العراقية المتعاقبة بشأن تنظيم الوجود الفلسطيني فيه، راوحت بين التضييق عليه لدرجة الاختناق حيناً، والتوسيع عليه لدرجة مساواته بالمواطن العراقي حيناً آخر. من أهم هذه القوانين:

- استثناء الفلسطينيين من قانون الإقامة رقم 64 لسنة 1938، شرط حصولهم على هُوية تصدر بمعرفة لجنة إدارة شؤون اللاجئين.

- إصدار وثيقة سفر للفلسطينيين بناءً على القانون رقم 25 لسنة 1959.

- عام 1960 صدر القانون 102 القاضي بتأسيس جيش التحرير الفلسطيني في العراق.

- عام 1964 صدر القرار رقم 15108 عن وزارة المالية الذي يؤكد قرار مجلس الوزراء العراقي معاملة اللاجئين الفلسطينيين معاملة المواطن العراقي؛ من حيث تسلم الرواتب والعلاوات السنوية ومخصصات غلاء المعيشة والإجازات بتطبيق قوانين أنظمة الخدمة عليهم.

- عام 1969 صدر القرار رقم 336 القاضي بمساواة الفلسطينيين بالعراقيين عند التعيين والترقية والتقاعد، على أن يبقى مشروطاً بالانتهاء في حالة عودة الفلسطينيين إلى ديارهم وتطبيق أنظمة الخدمة عليهم.

- عام 1972 صدر قرار خاص بإلغاء الفيزا والإقامة للمواطنين العرب، ومنح اللاجئين الفلسطينيين إلى العراق وثائق السفر الخاصة بهم إذا لم تكن لديهم هذه الوثائق.

- عام 1980 صدر القانون رقم 215 القاضي بالسماح للفلسطينيين المقيمين في العراق إقامة فعلية بالتملك العقاري المشروط.

- في عام 1987 صدر القرار رقم 936 الذي لا يسمح للفلسطيني المقيم في العراق إقامة دائمة بتملك أكثر من عقار أو قطعة أرض واحدة.

- عام 1989 صدر القرار رقم 469 القاضي بوقف العمل بالقوانين والقرارات التي تجيز تملك غير العراقي العقار أو استثمار أمواله في الشركات داخل العراق، وكل ما من شأنه التملك والاستثمار في أي وجه كان.

- عام 2001 صدر القرار 202 القاضي بمساواة الفلسطيني المقيم في العراق إقامة دائمة بالعراقيين في جميع الحقوق والواجبات، باستثناء الحق في الحصول على الجنسية العراقية، وهذا هو القرار الوحيد الذي لا يحتمل التأويل تجاه التعامل مع اللاجئين الفلسطينيين في العراق.

إلا أن الفلسطينيين في العراق لم يقدّر لهم أن يتمتعوا بأول امتيازٍ قانوني واضح لهم منذ عام 1948، فبعد عامين فقط سقطت بغداد وسقط معها هذا القرار.

المصادر:

1- حسن الخالد / باحث في الشأن الفلسطيني في العراق: العربي

2- أكاديمية دراسات اللاجئين الفلسطينيين -http://refugeeacademy.org/upload/library/publications/files/al_laj32.pdf. 


صور عن الفلسطينيون في العراق


مقاطع فيديو


إضافة محتوى