من أزقة اللجوء نسجت الشابة روان كريم حكاية وطن

لبنان - دعاء خليفة
من أزقة اللجوء نسجت الشابة روان كريم حكاية وطن
في رحاب مخيم نهر البارد، حيث يبرز الابداع من أزقة اللجوء، تنبت قصة الفتاة الفلسطينية روان كريم، لم تكن روان مجرد شابة تسعى للنجاح بل كانت تحمل في قلبها إرثًا عظيمًا وحكاية وطن نُسجت خيوطها بدم الشهداء وعرق الأمهات.
من حلم المنحة إلى خيوط الهوية
في عام 2019، حصلت روان على منحة دراسية، لم تكن تعلم حينها أنها ستكون بوابة لمشروع يحمل في طياته روح فلسطين، في أحد التدريبات، طرحت فكرة مزج التطريز الفلسطيني بالحياة اليومية، كان هذا الفضول نابعًا من إحساس عميق بالمسؤولية تجاه تراثها، فهي كشابة فلسطينية لم تكن تعرف الكثير عن فن التطريز فقررت أن تتعمق في عالمه. خاضت روان رحلة صعبة من التحدي والإصرار، حيث كان عليها التنافس مع 120 فكرة، لكن الشغف الذي يملأ قلبها دفعها للمضي قدمًا، حتى حصلت على المركز الرابع، وحصلت على التمويل اللازم لإطلاق مشروعها "رمزنا".
"رمزنا": حكاية وطن على قماش
لم يكن "رمزنا" مجرد مشروع تجاري بل كان بيانًا وطنيًا وقصة حب بين فتاة وتراثها، أدركت روان أن التطريز ليس مجرد نقوش على قماش بل هو إرث وهوية، كل غرزة تحكي قصة وكل رسمة ترمز إلى تاريخ من أشجار الزيتون إلى بيوت القدس.
تحولت قطع الأقمشة العادية إلى لوحات فنية تحمل قصصًا عن التغريبة الفلسطينية ودور المرأة الصامد، ففي وقت كان يُمنع فيه رفع العلم الفلسطيني كانت النساء تطرزنه على أثوابهن ليظل حاضرًا في الوعي والقلب. وهكذا، أصبح "رمزنا" وسيلة للحفاظ على الهوية ونقلها للأجيال القادمة بأسلوب عصري وجذاب.
لكن "رمزنا" لم يتوقف عند هذا الحد، فبإحساس عميق بالألم والفخر قررت روان أن تخلد ذكرى الشهداء، فكانت تطرز عباراتهم الخالدة على الإكسسوارات، مثل عبارة أخيها الشهيد رواد (علي السرايا): "رفيق الشهداء لا يموت إلا شهيدًا"، وعبارة الشهيد إبراهيم النابلسي: "بحياة عرضكم ما حدا يترك الباروده."
"رمزنا" هو شهادة حية على أن الإبداع يمكن أن يكون مقاومة، فمن خلال خيوط التطريز تحارب روان من أجل هويتها وأرضها، لقد ألهمت غيرها من الشباب وأصبحت قصتها مثالًا حيًا على أن الشغف والإيمان بالذات يمكن أن يحقق المعجزات،"رمزنا" ليس مجرد مشروع بل هو صوت يصدح بحب الوطن وقضية تتلألأ في كل غرزة لتذكرنا بأن الهوية لا تموت.
تصدير المحتوى ك PDF