عمر محمد جمعة.. حين تتحول الكلمة إلى وطن

عمر محمد جمعة.. حين تتحول الكلمة إلى وطن
جنين القاضي
في ذاكرة اللاجئ، مساحاتٌ لا يطالها الغياب، وملامح لا يمحوها النسيان، بل تتجدد مع كل صباح، من سهل الحولة ومن قريته "الدوّارة" في قضاء صفد انطلقت حكاية لم تكتمل على الأرض، لكنها نُسجت خيوطها في وجدان رجلٍ اسمه عمر محمد جمعة، وترعرعت في مخيم جرمانا في سوريا، الذي لم يكن مجرد مكان للإقامة بل فضاءً للوعي والانتماء. لم يعِشْ جمالَ قريته على أرضها لكنه عاشها بكل تفاصيلها في الكلمات، فصارت فلسطين تسكنه كما تسكن الروحُ جسدَها.
هو ليس مجرد كاتب أو إعلامي بل حارس للذاكرة، قضى عقودًا من عمره في الصحافة كحارس للكلمة يضبط إيقاعها ويُزيّنها بالمعنى. كل مقال كتبه في جريدة البعث أو مجلة جهينة، وكل حوار أجراه، لم يكن مجرد عمل، بل كان صلاةً في محراب الانتماء وجسرًا يربط الشتات بالأصل. لقد أدرك مبكرًا أن القلم هو السلاح الذي لا يصدأ، وأن الكلمة هي البصمة التي لا تُمحى.
ولم يكتفِ عمر جمعة بحمل قضيته وحده بل أضاء الطريق لغيره مدّ يده للأجيال الشابة في المخيمات ليُعلمهم كيف يُحوّلون الشوق إلى قصة، والألم إلى قصيدة. ورشاته التدريبية التي يقدمها لهم ليست مجرد دروسٌ في الكتابة، بل هي دروسٌ في الوفاء والانتماء، هو يؤمن أن كل قلم شاب قادر على إعادة كتابة التاريخ، وكل حرف يخرج من قلوبهم هو خطوة نحو العودة.
هكذا يثبت عمر أن الأوطان لا تُسكن بالأقدام فحسب، بل تُسكن بالأرواح والقلوب، في زمن يحاول فيه النسيان أن يطوي صفحاتنا، يأتي قلمه ليُضيء دروب الذاكرة، ويُجدّد الوعد الذي قطعه جيلٌ كامل إن فلسطين وإن غابت عن الأعين لم تغب يومًا عن الوجدان، وأن اللقاء قادم
تصدير المحتوى ك PDF