المخيم أصل البداية وأصل الحكاية

المخيم أصل البداية وأصل الحكاية

المخيم أصل البداية وأصل الحكاية

المخيم أصل البداية وأصل الحكاية

بقلم / ريم العتيبي - لندن

في زوايا الأرض التي ضاقت بأحلام شعبٍ شُرِّد من بيته، نشأت المخيمات الفلسطينية لا كمجرد مساكن مؤقتة، بل كحكاياتٍ متجذرة في الذاكرة، وكأنها جدران من صبرٍ وحجارة من كرامة. المخيم لم يكن يوماً مجرد خيمة أو سقفٍ من الزنك المهترئ، بل كان أول حاضنة للهوية، وأول صرخة في وجه النسيان.

المخيم أصل البداية وأصل الحكاية. منه انطلقت الحروف الأولى لرواية اللجوء، ومنه بدأت المقاومة بأبسط صورها: بالحياة. المخيم هو الطفلة التي ولدت تحت سقفٍ من القماش ورفعت علم بلادها قبل أن تتعلم المشي، وهو الجد الذي جلس على باب الخيمة يحكي عن الزيتون، والمفتاح، والدار التي تنتظر في حيفا أو يافا أو المجدل.

في المخيم، لا تنطفئ جذوة العودة، بل تزداد وهجًا مع كل فجر. الجدران المتشققة تحفظ أسماء الشهداء، والحواري الضيقة تحفظ خطوات الأطفال الذين كبروا وهم يركضون في مساحة من الحلم أكبر من المكان. هناك، تُعلَّق خارطة فلسطين على كل جدار، لا للزينة، بل للعهد، وللشوق، وللوعد الذي لا يسقط بالتقادم.

رغم الفقر والضيق، يبقى المخيم غنيًا بالحكايات. حكاية أمٍّ خبأت مفتاح بيتها في منديلها لأكثر من سبعين عامًا، حكاية شاب حمل الكوفية كإرث، لا كموضة، وحكاية جيلٍ كامل تعلم كيف يبني وطناً من الحنين.

في المخيم تعلم الفلسطيني أن يكون أكبر من محنته، وأقوى من جراحه. فالمخيم ليس مأوى، بل ذاكرة حية، وبوصلة لا تنحرف. هو الدرس الأول في الصمود، وفي الحنين، وفي التمسك بالجذور مهما اشتدت العواصف.

المخيم أصل البداية وأصل الحكاية، فلا تظنوه مجرد مكان... بل هو الوطن حين غاب، والأمل حين ضاق الأفق، والوعد الذي لا يزال في قلوب الملايين: أننا عائدون.

 




تصدير المحتوى ك PDF

إضافة محتوى