من سينما الحمرا إلى يافاؤر وعودة إلى الهمبرا

من سينما الحمرا إلى يافاؤر وعودة إلى الهمبرا

من سينما الحمرا  إلى يافاؤر وعودة إلى الهمبرا

من سينما الحمرا  إلى "يافاؤر"  وعودة إلى "الهمبرا "

حطت بي الرحال هذا اليوم في شارع جمال باشا في يافا ، والذي يعرف هذه الأيام باسم "شديروت يروشلايم" . وفي مبنى سينما الحمرا تحديدًا ، ذلك المعلم الحضاري الهام من معالم يافا في ايام عزها .تحيط بالمبنى معالم أخرى كان لها تاريخ من تلك الحقبة : ملعب البصة وهو ملعب النادي الإسلامي يافا والذي يعرف اليوم باسم "استاد بلومفيلد" ، ومبنى بلدية يافا العربية الذي أقيم بأرض تابعة لعاصم بيك السعيد أحد رؤساء بلدية  يافا السابقين وهو يمر اليوم بعملية ترميم مكثفة (ينظر  إحدى الصور المرفقة ) . 

وبين الحمرا والبلدية كانت سينما فاروق الصيفية التي لم يبق منها إلا شاشة العرض (ينظر  إحدى الصور المرفقة ) . المكان ذو هيبة وقد راقبته من جهات عدة تحت وطأة حر قائط ورطب ، وقد ابت كل زاوية من زواياه إلا أن تتكلم وتتحدث رغم كل التغييرات التي مرت عليه من الخارج وبالأساس من الداخل. وللحقيقة أقول بأني زرته كثير ًا كزائر وكمرشد وقد تهيبت دائمًا الدخول خاصة عندما كان مجمّعًا لمصالح تجارية وفرعًا لأحد البنوك ، واكتفيت بالتأمل والشرح من الخارج . 

دخلت المبنى واستقبلني القائمون عليه اليوم من مجموعة السينتولوغيا(وهي مجموعة فكرية عالمية تتقارب مبادؤها مع الفكر الصوفي ) باحترام ومودة وسمعت منهم قصة استرجاع وترميم المبنى بنفس الروح والفكر الذي رآه مصمموه في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي . لقد تم استرجاع ذاكرة الفترة العربية بالكثير من الدقة والمصداقية وبترجمة عربية وهو أمر نادر الحصول في مواقع شبيهة في المدن الفلسطينية المنكوبة . 

مع العلم أنه تم استرجاع الفترة اللاحقة والمعروفة مجازًا بالفترة البلغارية (لأن الكثيرين من المهاجرين الجدد من أصل بلغاري سكنوا في المكان وحوله ) وخاصة الفترة التي عرف بها المكان باسم "يافاؤر" حيث عرضت فيها عروض مسرحية وموسيقية وغيرها . ولعل أمر تقاطع الذاكرات هنا أمر جدير بالتأمل والفحص والتمحيص وخاصة أمر بناء ذاكرة فنية على ذاكرة مثخنة بالجراح عانت التهميش والإقصاء فترة طويلة . 

القاعة الضخمة التي كانت تتسع لألف ومائة مقعد أزيلت بمعظمها وتضاءلت إلى قاعة يصل أقصى اتساعها لثلاثمائة وخمسين مقعدًا  حسب ما قيل لي(ينظر الصور المرفقة)  . اما المقاعد المخملية الحمراء والتي عمل على تنجيدها  وتركيبها المنجد اللبناني نقولا البرغوث ، فقد اختفت  ومثلها حصل مع رسومات الرسام المصري مختار الذي غطت رسوماته جدران المبنى وصالاته . 

بدأ هذا المشروع عام 1937 ، في فترة الثورة الفلسطينية الكبرى بمبادرة من رجال الأعمال والفن نذكر منهم محمد سعيد العدواني ورضوان الحلاق ومحمد زكي عبده ومحمد موسى الحسيني . وقد قام على تصميم البناء المهندس المعماري اللبناني إلياس المر وبإشراف من المهندس الفلسطيني جواد ابو الهدى الفاروقي  والمهندس اللبناني من أصل أرمني ماكازتحيان ، أما أمور الهندسة الكهربائية والعرض فقد تولاها المهندس اللبناني انطوان جدعون .

أما متعد البناء فقد كان المقاول السوري أديب خير  والمدير الثقافي للمبنى فقد كان المثقف ممدوح النابلسي . باختصار مشروع رائد مخطط له جيدًا يشعرك بالفخر والاعتزاز ، ذلك الفخر الممزوج بألم الفقدان وتأمل ما آلت إليه الأوضاع في أيامنا ولله في خلقه شؤون .  صور اليوم بعدسة محمد مصطفى كبها . والصور القديمة من موقع فلسطين في الذاكرة ومواقع أخرى .

البروفيسور مصطفى كبها



تصدير المحتوى ك PDF

صور عن من سينما الحمرا إلى يافاؤر وعودة إلى الهمبرا


مقاطع فيديو


إضافة محتوى