مخيم المحطة تحت آلة الهدم من جديد
تحت مطرقة الهدم والإخلاء
عمّان: جمانة جمال
عانى المخيم قبل عدة سنوات من تهديد الترحيل عندما طالب أصحاب الأرض الأصليين " عائلة خورما" المُقام عليه المخيم باستعادة الأرض والتي انتهت بداية عام 2019 وتم تعويض العائلة عن الأرض.
وتعرض سكان مخيم المحطة على مدى أكثر من ثمانية عقود لعدد من عمليات الترحيل، ففي عام 1972 رحلت أمانة محافظة عمان عدد من سكان المخيم إلى حي المزارع لإقامة مشروع سقف السيل.
وفي عام 1976 تم ترحيل أصحاب البيوت المحاذية لمجرى السيل في مخيم المحطة إلى الهاشمي الشمالي في حي الزغاتيت حيث تم تسكينهم في 300 وحدة سكنية كانت قد بنيت على أرض بلغت مساحتها حوالي 23 دونمًا.
وفي عام 1979 رُحل المزيد من سكان المخيم إلى مناطق جسر النور وسفح الهاشمي الجنوبي على خلفية مشروع شق شارع الاستقلال.
وفي عام 1985 تم ترحيل عدد من سكان ما كان يعرف بمنطقة الباكستان إلى إسكان ماركا في أعقاب القرار الذي أصدرته أمانة عمان بتوسيع شارع الأمير عبد الله.
ويحتل مخيم المحطة حالياً المساحة المحصورة بين شارعي الجيش والأمير راشد يخترقه شارع ارفيفان المجالي بعرض 12 مترًا، وتقطن فيه 759 أسرة في 764 مسكناً.
ويحصل سُكان مخيم المحطة على خدمات المياه والكهرباء والصرف الصحي من بلدية عمان، ويدفع سكانه ضريبة مقابل استخدام الأبنية والأراضي والعقارات التي يشغلونها.
وأشار أحد سكان المخيم في مقابله سابقة لـ " المركز الفلسطيني للإعلام " إلى أن هناك أمرًا من الملك الراحل طلال بن عبد الله أن هذه الأرض للاجئين الفلسطينيين وعدم المساس بهم، وطالب أن يراجَع الديوان الملكي للوصول إلى الأمر الذي يعتقد أنه تم الاحتفاظ به.
ومخيم المحطة مخيما غير معترف فيه لدى دائرة الشؤون الفلسطينية ولا "الأونروا" كمخيم للاجئين الفلسطينيين من بين مخيماتها الـ 13 في الأردن.
تحذيرات الهدم والإخلاء.. وتعويض مجهول القيمة!
في وقت سابق، اتخذت أمانة عمّان قراراً أواخر الشهر الماضي بهدم 24 منزلاً و 19متجراً في مخيم المحطة من أجل تطوير المنطقة وإنهاء المخالفات الذي استمر أكثر من 50 عاماً. تم اتخاذ القرار بشكل فردي، دون تحديد قيمة التعويض أو الفئة المشمولة بالتعويض، ودون تأمين مكان مؤقت لسكان المنزل المهددين بالهدم.
وقال هاني الهندي، عضو لجنة الدفاع بالمخيم، إن توسيع الشارع جاءت لتناسب حركة المرور بعد أن تم تطوير مطار عمان المدني قبل الركاب والقادمين.
وطرحت الامانة أن ما سوف تقدمه من تعويض هو تبرع مالي لأصحاب الأبنية المخالفة والقائمة ضمن قطعة الأرض، مراعاة لخصوصية الموقع وأقدمية المخالفات على أن تكون قيمة التبرع مساوي لقيمة الأسعار المعتمدة لدى دائرة الاستملاك عند التعويض عن المنشأة المستملكة، و انذارات الهدم جاءت دون حديث واضح عن قيمة محددة للتعويض وكيفية صرفه، مبيناً الهندي أن التفاوض قائم عن قيمة التعويض والتي تُصر الأمانة دفعه حسب الضرر الواقع على أصحاب العقارات المهددة بالهدم، مقابل مطالبة أهالي المحطة أن يتم التعويض على قانون الاستملاك ضماناً لحقهم
وقامت أمانة عمان بتنفيذ هدم لإحدى عقارات المخيم بداية الشهر الحالي وقال الهندي أن ما تم هدمه الأيام الماضية هو بيت مهجور وكأنها رسالة لأهالي المخيم أن القرار نافذ لا رجعة عنه، وأعقب الهدم تشميع المحلات وقطع للكهرباء عن العديد من المحال التجارية ما لبثت أن أعيدت حتى يتم إخلائها من البضاعة.
وتعتبر المهلة النهائية لتنفيذ قرار الهدم نهاية الشهر الحالي وهي مدة قصيرة بالنسبة لأصحاب المحال والمنازل ليقف أهالي المخيم على حافة الهاوية لما يعانوه من أوضاع معيشية صعبة، إلى جانب إن ما تم إنذاره من محلات ومنازل مرخصة ويسكنها لاجئين فلسطينيين عكس ما أعلنت عن أمانة عمان أن أغلبيتها مهجورة أو مستأجرة أو غير مرخصة، كون المخيم موصول بشبكة الماء والكهرباء ويدفعون المسقفات والمحال مرخصة حسب القانون، ولكن اليوم بدأت عملية الهدم والإخلاء قبل انقضاء مهلة تبليغ الإخلاء.
وعلقت الأمانة لإحدى وسائل الإعلامية الأردنية أن المحال والبيوت المستهدفة في مخيم المحطة بنيت ضمن سعة الشارع " الفضلة " التابعة لأمانة عمان وليست مبنية على قطع أراض مملك للسكان
اختتم عايش حديثه بالقول: "نحن نؤيد القانون والتنظيم وضرورة منع المخالفات، لكن التوقيت في هذه الحالة يعد أمرًا بالغ الأهمية. وإذا كان لا بد من تطبيق القانون، كان ينبغي توفير بعض البدائل التي تساعد المتضررين في إيجاد حلول بديلة."
من جهة أخرى، أوضح المحامي مصطفى نصر الله في حديث خاص مع موسوعة المخيمات أن قانون الاستملاك هو قانون حديث يهدف إلى تعويض الأفراد المتضررين من عمليات الإزالة التي تقوم بها أمانة عمان ودائرة الأراضي، سواء كانوا مالكي العقارات أو مستأجرين. ويحدد مقدار التعويض بنسب معينة مسبقًا أو وفقًا لما يقرره الخبراء، وليس بناءً على حجم الضرر الذي يتعرض له صاحب العقار. وأكد أن التعويض يجب أن يتناسب مع حجم الضرر وفقًا للقانون المدني الأردني، مشيرًا إلى أن قانون الاستملاك يُعتبر قانونًا خاصًا بينما يُعتبر القانون المدني قانونًا عامًا، مما يجعله أكثر ملاءمة للمحكمة مقارنة بالقوانين الخاصة.
تداعيات الإخلاء وتحديات اقتصادية مُضاعفة
على لسان الخبير الاقتصادي حسام عايش في حديث خاص مع موسوعة اللاجئين وقال :" في ظل الظروف الاقتصادية الحالية السائدة في الأردن والمنطقة، أي قرار أو عمل يؤدي إلى تقليل قدرة الناس على الاستمرار في أعمالهم وأنشطتهم حتى لو كان هناك بعض المخالفات يمكن تأجيل تنفيذ العدالة بشأنها، لأن تنفيذها سيؤدي إلى إضرار على المستوى النشاط الاقتصادي العام ويسبب مشكلات في تكيف أصحاب هذه المحلات، كما سيؤثر على الخدمات في المنطقة التي يتم الإزالة فيها وبالتالي ظهور المزيد من المشكلات الاقتصادية والمعيشية للمتضررين مباشرة والمستفيدين من هذه الخدمات" .
المهلة لم تكن كافية في ظل الركود الاقتصادي وزيادة نسبة البطالة ومعدلات الفقر كما أن الحديث عن هدم وإخلاء يعني البحث عن مكان آخر ليواجه المستأجر بقانون المالكين والمستأجرين، ومن المفترض أن يكون هناك مهلة من الزمن للتكيف والتي قالت الامانة أنها أعطت أصحاب المحال وقت للإخلاء إلا أن الاستجابة لم تكن بالمستوى المطلوب، وأوضح عايش، أنه وبالرغم من عدم الاستجابة وفي ظل الظروف السائدة حاليا يفترض أن لا يكون هناك تشديد على مستوى القرارات بالنظر إلى أن المنطقة بكاملها، وعدم وضوح اليقين الاقتصادي والسياسي والأمني والمعيشي في المنطقة يجب تجنب إضافة مزيداً من الأعباء، وهذ لا يلغي فكرة التنظيم وفكرة أعمال للقانون والنظام ولكن لابد من وضع حلول تساهم في تخفيف التحديات التي يعيشها اللاجئين
وأضاف عايش جاءت الإنذارات لإعادة الحق لأصحابه حتى ولو كانت لجهة حكومية، ولكن نحن نتحدث عن فترة الظروف الاقتصادية فيها للناس ليست سهلة والأوضاع المعيشية والاقتصادية ليست بهذا اليسر وبهذه القرارات سيتم إخراج الناس من السوق ليواجهوا تحديات البطالة او إلى متلقين المعونة من صندوق المعونة الاجتماعية في حال تمكنوا من الحصول عليها أو سيتوجهون إلى سوق الاقتصاد غير الرسمي
اعتصامات لأهالي المخيم هل من مجيب؟
ومساء السبت 16/11/2024 اعتصم اهالي المحطة مطالبين بتأجيل قرار الهدم لغاية ستة شهور لإيجاد البدائل المناسبة، كما طالبوا بتعويض عادل مع بيان آلية صرفه قبل البدء بالهدم، وجاء رد الامانة صباح الاحد حسب شهود عيان بسحب ساعات الكهرباء تمهيدا للهدم نهاية الشهر الحالي.
أصوات المتضررين من الهدم والإخلاء
يوسف شاب يستأجر محل في سوق المخيم الذي يعتبر من أسواق عمان القديمة الذي تجاوز عمره 50 عاماً تحدث إلى موسوعة المخيمات: " وصلني إنذار بهدم المحل مع العديد من المحال التجارية واليوم استسلمنا للقرار لا نملك إلا البحث عن محل آخر".
وأوضح يوسف أنه مستأجر منذ عقود في سوق المحطة ومحله مرخص حسب القانون كما أن صاحب المحل ملتزم بدفع المسقفات (وهو نوع من أ نواع الضرائب التي أقرتها الحكومة على القطاع العقاري وبالتحديد على مالكي العقارات)، وهو ملتزم بدفع فواتير الكهرباء والماء، وهو غير مخالف الى جانب العديد من المحال المنذرة بالهدم.
ووصف يوسف حال المخيم بعد وصول الإنذارات قائلاً:" يعيش السوق حالة من الفوضى والكركبة نتيجة الانذارات المنتشرة بين المحال والمنازل، فهم لا يعرفون اين يذهبون ومادا يفعلون؟ في ظل الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد".
وكون يوسف متضرر من القرار فهو بحاجة الى تعويض كغيره من اصحاب المحلات والبيوت، لبدء رحلة البحث عن محل جديد دون تعويض واضح، تنتظر حجارة محله الحالي ان تهدم ومحل جديد بحاجة الى ما يقارب 5 الاف دينار او اكثر ليرى النور!