الفلسطينيون في المملكة المتحدة / بريطانيا
هناك مصادر قليلة عن الفلسطينيين في بريطانيا، بل في واقع الحال عن العرب عموماً، وليس هناك إلا قليل من الأبحاث مصدرها مجموعة من المحاضرات ألقيت في المؤتمر العربي الأول الذي انعقد في مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية في تشرين الأول من عام 1990، وفي تشرين الثاني من عام 1993 عقد المؤتمر الثاني. ثم عقد مؤتمر ثالث عن الموضوع نفسه ما يشير إلى تنامي الاهتمام والاعتراف بالحاجة إلى طرح موضوع العرب في بريطانيا، وهناك عمل أكثر تخصصاً أنجزه الأكاديمي البريطاني فرد هاليداي بعنوان “عرب في المنفى: المهاجرون اليمنيون في المدن البريطانية”.
إن مجتمع الشتات الفلسطيني في بريطانيا الذي يعمل بجهد من أجل الحفاظ على هويته الفلسطينية، وما أنجزه من خطوات على هذا الطريق في إيجاد الجمعيات والروابط والأندية الهادفة إلى دعم مجتمعهم في بريطانيا وحماية مصالحهم السياسية والاجتماعية في نطاق النظام السياسي البريطاني. وأهم هذه الجمعيات هي: النادي العربي، مركز العودة الفلسطيني، مجلس تعزيز التفاهم العربي ـ البريطاني، جمعية العون الطبي الفلسطيني، رابطة الجالية الفلسطينية.
والمهمة الأبرز لهذه الجمعيات هي حماية الهوية الفلسطينية بإقامة حفلات العشاء، وعروض الأزياء الفلكلورية، وحملات جمع الأموال والمحاضرات وعروض الأفلام.
وتعتبر مذل هذه الصلات الاجتماعية حيوية جداً من أجل استمرار الأواصر التي تشد مجتمع الشتات الفلسطيني في بريطانيا إلى الوطن فلسطين.
الهجرة والشتات ـ العودة
نشأت الهوية الفلسطينية بوصفها ظاهرة قومية في المنطقة العربية، ثم ما لبثت أن طورت سمات خاصة بها بعد النكبة عام 1948، وكرد فعل على الصهيونية. يقول رشيد الخالدي أن نشوء هذه “القومية” بفضل التعلق الديني لكل من المسلمين والمسيحيين بما يعتبرونه الأراضي المقدسة ومفهوم فلسطين ككيان إداري قائم في حد ذاته، والخوف من التجاوزات الخارجية، إضافة إلى التعلق بالوطنية المحلية.
•يميز الفلسطينيون أنفسهم عن بقية الشعوب العربية من خلال خسارتهم لترابهم الوطن، وذاكرتهم الجمعية لماضيهم وتاريخهم وتراثهم المشترك. إن جيل الشتات الفلسطيني إنما يشعرون بفلسطينيتهم من خلال التعلق من بعيد بأفكار عن وطن هادئ وجميل، وحالما يزورون فلسطين يجدون واقع غير ذلك، الأمر الذي يعبر عن تعقيد الهويات الفلسطينية وتعدديتها.
•يشكل “التمسك بالعودة” قوة هائلة تعمل على توحيد الفلسطينيين، والجميع لديه نية حقيقية في العودة، وكان من عواقب هذا صعوبة الاندماج التام في مجتمعاتهم المضيفة، وهذا في أغلب الاحتمالات ما يحصل أيضاً للأجيال اللاحقة.
أرقام مراوغة وهويات متداخلة
كتب القليل عن الفلسطينيين في بريطانيا، ويعود ذلك إلى نقص الإحصاءات الدقيقة عن أعداد العرب والفلسطينيين، وتكمن صعوبة المشكلة لطبيعة الإحصاء البريطاني، والتصنيف الأمني، وغياب المشاركة، وعدم المبالاة من جانب الجالية العربية والفلسطينية. وحسب إحصاء عام 1991 بلغ عدد العرب ممن ولدوا في البلدان العربية ويقيمون في بريطانيا حينها 101.886، لكن هذا العدد يتجاهل العرب الآخرين ممن ولدوا في بلدان أخرى، ولذلك فهذا الرقم دون الرقم الحقيقي. إضافة لكونه لا يشير إلى المولودين العرب في بريطانيا، وآخرين قدروا 500000. أما بالنسبة للفلسطينيين فإن هناك تقديرات غير مؤكدة تتراوح من 15000 ـ 20000 فلسطيني.
اندماج الفلسطينيين في المجتمع البريطاني
في كتابه “عرب في المنفى … المهاجرون اليمانيون في المدن البريطانية”، ينجح فرد هاليواى مؤلف الكتاب في تصوير شائعة بين المهاجرين اليمنيين تصلح لأن تطبق على سلوك أفراد الجالية الفلسطينية، وهي ظاهرة “الانغلاق الاجتماعي” التي تحد من اتصالهم ببقية العالم، ويعيش المهاجرون ضمن قرية ذات طابع مديني، تقتصر عليهم وحدهم مع قليل من الحاجة إلى التواصل الاجتماعي والرسمي مع البلد المضيف، وهذا ما يوضح انعدام حضور العرب في الشؤون البريطانية المحلية. هناك نجاحات فردية للفلسطينيين ومشاركتهم في الحياة العامة والسياسية في ازدياد، ويوجد عدد من الفلسطينيين البارزين في الوسط القانوني والأكاديمي والطبي، ويلاحظ أن أغلبية هؤلاء ممن وصلوا في مراحل مبكرة، وتلقوا علومهم في الجامعات البريطانية، ويوجد عدد من رجال الأعمال المهنيين الذين كوّنوا ثروتهم إما في دول الخليج، أو مناطق أخرى من أوروبا والعالم.
لقد اتخذت الجمعيات الفلسطينية والعربية خطوات إيجابية في العقود الثلاثة الأخيرة لكي تصبح أكثر ارتباطاً بالمجتمع البريطاني وأكثر فاعلية. ومع ذلك فإن البريطانيين من أصل فلسطيني بحاجة لأن يكونوا أكثر مبادرة ومشاركة في جميع أوجه حياة المجتمع البريطاني المحلي، وأن يمارسوا ضغوطاً على المؤسسات الإعلامية والسياسية، وضرورة امتلاكهم للإدارة السياسية التي تمكنهم من التأثير في التطورات التي تحصل داخل فلسطين، وأن الهوية المزدوجة الفلسطينية ـ البريطانية، ينبغي أن يكفل دوراً أكثر مرونة وحزماً وثقة بالنسبة للجيل الثالث القادم من الفلسطينيين في بريطانيا، الذين سيقومون بدور مسموع ومؤثر أكثر في المجتمع البريطاني.
الخلاصة
إن الفعل السياسي والاقتصادي والثقافي، إنما هو انعكاس للأحداث السياسية والتاريخية في الشرق الأوسط، ومع ذلك فإن محاولات القيام بدور مؤثر للمجتمع الفلسطيني في بريطانيا، من الصعب أن يزدهر إلا من خلال الجيل الثالث. ولأن فرصة السفر إلى فلسطين ممكنة ومتاحة من دون قيود، فإنهم سيكونون قادرين على الموائمة بين الهويتين الفلسطينية والبريطانية بطريقة تؤثر في العوامل السياسية في بريطانيا، بما يشجع توجه السياسات لما فيه مصلحتهم مثل الاستثمار الاقتصادي والتبادل التربوي والسياحة. وبذلك فمن المتوقع أن يكون بإمكان العائدين من الشتات إغناء المؤسسات المدنية والثقافية والاقتصادية في فلسطين من خلال تحفيز النمو وتعزيزه، وإنه لمن الحيوي أن يأتي حماة المجتمع المدني من الشتات من أوروبا وأمريكا لكي يكون هناك ضمان لازدهار مجتمع مدني سليم في فلسطين المستقلة.
المؤسسات والجمعيات
المؤسسات العربية والمشتركة
استوعب الفلسطينيون بسهولة ضمن الجالية العربية في بريطانيا ومؤسساتها بما فيها النادي العربي ومجلس تعزيز التفاهم العربي ـ البريطاني، لأن الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي عمل على توحيد العرب ضد إسرائيل. لقد تأسس النادي العربي من قبل العرب المقيمين في بريطانيا، الذين ارتأوا ضرورة حماية مجتمعهم والحفاظ على تراثهم من خلال إنشاء المدارس العربية وإقامة المعارض الثقافية … الخ. أما مجلس تعزيز التفاهم العربي ـ البريطاني فقد تأسس بمبادرة من سياسيين بريطانيين مؤيدين للقضية الفلسطينية، لممارسة الضغط السياسي على الحكومة لمصلحة الفلسطينيين. وتراجع الاهتمام من قبل المجلس بقضية فلسطين إلى الاهتمام بالعراق والخليج ولبنان، بسبب ونتيجة لعقد معاهدات السلام التي شكلت فاعلية النشاط الفلسطيني، وأثارت البلبلة بين صفوف المتضامنين مع الفلسطينيين.
رابطة الجالية الفلسطينية في المملكة المتحدة
تركز الرابطة في نشاطاتها على القضايا الفلسطينية، وتقدر الرابطة عدد الفلسطينيين بما يزيد عن 20000، وللرابطة أهداف رئيسة تتمثل في حماية الهوية الثقافية الفلسطينية والتعاون ما بين أبناء الجالية وتقديم الدعم للأهل في فلسطين والقيام بأنشطة التضامن المشتركة مع قضيتهم. وليس للمرابطة مقر، ولا زالت عاجزة عن تقديم المشورة والعون القانوني لأفراد الجالية خاصة بين الوافدين حديثاً من طالبي اللجوء.
جمعيات التضامن والعون
- تعتبر “جمعية العون الطبي الفلسطيني” من أهم جمعيات العون العربية المسجلة في بريطانيا.
- غايتها خدمة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وفلسطين.
- أسست من 6 من النشطاء نصفهم أطباء في أعقاب مجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982.
- الهدف دعم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني والمؤسسات الصحية الأخرى.
- تحظى هذه الجمعية بالدعم من الحكومة البريطانية وبالتمويل من الاتحاد الأوروبي.
لقد عاشت الدكتورة باولين كتنع، والممرضة سوزان رايت تجربة حصار برج البراجنة عام 1987، الذي استمر لمدة 134 يوماً، وأدى هذا إلى ازدياد الاهتمام الإعلامي بمحنة الفلسطينيين، وحذت حذوها الدكتورة “سوانج” التي شهدت مجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982، واندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987. وقد دونت تجربتها في العمل في لبنان وفلسطين في كتابها “من بيروت إلى القدس” (صدر عام 1994). إضافة إلى إرسال الإمدادات الطبية تعمل MAP على تنمية الموارد البشرية في لبنان والمناطق الفلسطينية. أما موضوع اللاجئين فإنها تسعى إلى الاستماع إلى حاجاتهم والاستجابة لها.
أما على صعيد الأنشطة السياسية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، فتعتبر حملة التضامن مع فلسطين PSC واحدة من أهم الجمعيات الأهلية للتضامن على الساحة البريطانية، وهي تأسست عام 1982 من بريطانيين وعرب، وترعى برامج تبادل تربوي بين الطلاب البريطانيون والفلسطينيون وهي منظمة مستقلة لا تبغي الربح ينتمي أعضاؤها إلى مختلف الأوساط الاجتماعية، وتقوم في السابع عشر من كل عام مسيرة شموع أمام مبنى رئاسة مجلس الوزراء، إحياءً لذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا، وتدعم بقوة حق طلاب قطاع غزة في التعليم وتتكفل برعاية المحاضرات، وتصدر رسالة إخبارية شهرية بعنوان “أخبار فلسطين” وتنظم اللقاءات على هامش مؤتمرات حزب العمال.
المصادر والتوثيق
المصادر:
1- موقع الجالية.(http://ajalia.com/article/1619)