سهى بشارة أيقونة لم تخفت شعلتها

دعاء خليفة
سهى بشارة أيقونة لم تخفت شعلتها
في زحمة الحياة المعاصرة وسرعة إيقاعها، قد تمرُّ وجوهٌ وشخصياتٌ كانت يومًا ما مناراتٍ تُضيء دروب النضال، دون أن يعرفها الجيل الجديد حقّ المعرفة. وربما كان ظهورها الأخير في تشييع زياد، تذكرةً لنا جميعًا، بأنّ هناك قصصًا لا ينبغي أن تُنسى، وبطولاتٍ تستحقّ أن تُروى للأجيال القادمة. من بين هذه القصص، تبرز قصة سهى بشارة، المرأة التي كانت وما زالت، أيقونةً للنضال والرفض في وجه الظلم.
لم تكن سهى مجرّد اسمٍ عابر في تاريخ لبنان الحديث، بل كانت شعلةً من الإقدام والتحدي. في ريعان شبابها، حين لم تتجاوز العشرين ربيعًا، وبعد أن احُتِلَّ جنوب لبنان وأقيم "جيش لبنان الجنوبي" بقيادة أنطوان لحد، اتخذت سهى قرارًا غيّر مجرى حياتها وحفر اسمها في سجلات المقاومة. لقد كانت مغامرةً عظيمة، لم يحدها خوف أو تردد.
استطاعت سهى بذكائها وفطنتها أن تتغلغل في محيط لحد، مُتقرّبةً من عائلته، بانيةً جسورًا من الصداقة مع زوجته، كل ذلك كان جزءًا من خطةٍ جريئة لتحقيق هدفها الأسمى.
وجاء اليوم الموعود، حملت سهى مسدسها، ودخلت على لحد، لتُطلق عليه طلقتين استقرتا في صدره، وشلّت ذراعه اليسرى. لم يمت لحد، لكنّ الفعل نفسه كان رسالةً مدوّية، صرخةً في وجه الاحتلال وعملائه، تقول إنّ إرادة المقاومة لا تُقهر.
دفعَت سهى ثمن شجاعتها هذه أحد عشر عامًا في سجون الاحتلال، سنواتٍ من القهر والحرمان، لكنّ روحها لم تُكسر، وإيمانها بقضيتها لم يتزعزع.
إنّ قصة سهى بشارة ليست مجرّد حدثٍ عابر في التاريخ، بل هي تجسيدٌ حيٌّ لمعنى التضحية والفداء، إنها دعوةٌ لنا لنتذكر أنّ الحرية لا تُهدى، بل تُنتزع، وأنّ الأوطان لا تُبنى إلا بسواعد أبنائها وبناتها الذين يرفضون الخضوع ويقاومون الظلم.
فلتظل سهى بشارة، بطلةً في ذاكرتنا ووجداننا، تُلهم الأجيال القادمة أن النضال من أجل الحق والعدل، هو الطريق الوحيد لنهضة الأوطان وكرامة شعوبها.
هل تعتقد أن قصص الأبطال مثل سهى بشارة يمكن أن تلهم الأجيال الجديدة اليوم لمواجهة التحديات المعاصرة؟
تصدير المحتوى ك PDF