براء تلاحمه: حين يتحوّل صوت المخيم إلى رسالة وطنية

براء تلاحمه: حين يتحوّل صوت المخيم إلى رسالة وطنية

براء تلاحمه: حين يتحوّل صوت المخيم إلى رسالة وطنية

في الزوايا الضيقة لمخيم الفوّار جنوب مدينة الخليل، حيث تمتزج الحياة اليومية بالكرامة والبساطة، نشأ صوت شبابي اختار الفن لا كوسيلة شهرة أو ترف، بل كوسيلة مقاومة وتعبير عن الوجود الفلسطيني، إنه الفنان براء تلاحمه، أحد أبرز وجوه الفن الشعبي الفلسطيني في العقد الأخير، والذي أثبت أن الغناء يمكن أن يكون سلاحًا موجهًا إلى كل من يحاول طمس الهوية والانتماء.

النشأة من رحم المخيم

وُلد براء تلاحمه وترعرع في مخيم الفوّار للاجئين، أحد أشهر المخيمات الفلسطينية التي أنشئت بعد نكبة 1948. المخيم ليس فقط مكانًا للسكن، بل مساحة روحية ومقاومة، حيث تحتفظ كل حارة فيه بقصة شهيد، وكل جدار يحمل رسائل الأسرى، وكل مناسبة شعبية تتحوّل إلى مهرجان يؤكد التشبث بالحياة.

في هذه البيئة المشحونة بالمعاناة والكرامة، بدأ براء رحلته مع الغناء، مستلهمًا من صوت الأرض، من نداءات الأمهات، ومن أغاني العودة والتراث، ما جعله يحمل على عاتقه مسؤولية كبرى: أن يكون لسان حال المخيم.

بين الهندسة المدنية والفن الشعبي

على خلاف ما قد يُظن، لم يكن الفن هو المسار الأكاديمي لبراء، بل درس الهندسة المدنية وتخرج مهندسًا، متقنًا للخرائط والبناء والمقايسات. إلا أن الفن كان يسكنه دومًا، إذ آمن أن الفن لا يتناقض مع العلم، بل يعززه. فاختار أن يوازن بين المهنة والحسّ الفني، ليؤسس شخصيته الثقافية على ركيزتين: المعرفة والموهبة.

 المسيرة الفنية: صوتٌ يشبه الأرض

بدأت مسيرته فعليًا في الأعراس والمناسبات الشعبية، حيث برز كواحد من أكثر الأصوات قدرة على إشعال الحماسة في صفوف الحضور. وسرعان ما انتقل من كونه مغني أفراح إلى رمزٍ شعبي يُستدعى في كل احتفال وطني.

أبرز سماته الفنية:

صوته العميق والحماسي المرتكز على إيقاع "الدحية".

حفاظه على القالب الشعبي الفلسطيني الأصيل، مع لمسات معاصرة في الأداء.

حضوره المسرحي الفطري وتفاعله القوي مع الجمهور.

انتقاؤه لكلمات تعبّر عن الواقع الفلسطيني، مما جعله قريبًا من الناس.

قضايا الوطن على المسرح

ما يُميز براء تلاحمه ليس فقط قدرته على الغناء، بل التزامه الوطني. لم يكن يومًا مغنيًا استعراضيًا يبحث عن الأضواء فحسب، بل استخدم صوته في التضامن مع قضايا وطنية كبرى:

غنى دعمًا للأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام، وظهر في أكثر من مناسبة وهو يهتف باسمهم ويحث الناس على عدم نسيانهم.

قدّم أغاني وطنية شعبية مؤثرة مثل: "لا تحزن معك الله" و"ريحة البارود"، والتي أصبحت من بين الأغاني الأكثر تداولًا في الفعاليات الوطنية.

في كل مناسبة، لم يكن فقط مغنيًا، بل شخصية تعبوية، تُذكر الناس بجذورهم، وتعيد للمناسبات معناها الوطني العميق.

الحضور الرقمي

لديه حضور نشط على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يشارك مقاطع من أعماله الفنية ومناسباته الاجتماعية. 

إنستغرام: @bara.talahmeh

فيسبوك: Bara Talahmeh  براء تلاحمه

براء تلاحمه ليس مجرد فنان شاب من مخيم فلسطيني، بل صوت القضية بلسان الفرح الشعبي. غنّى للحب، غنّى للأرض، غنّى للشهداء، وبقي صوته وفيًّا للأماكن التي خرج منها. يمثل جيلًا جديدًا من الفنانين الفلسطينيين الذين لا يبحثون عن النجومية على حساب الجوهر، بل يحفرون في قلوب الناس بمصداقيتهم، وبحفاظهم على نغمة الأرض.

في كل مرة يعتلي فيها براء المسرح، يكون أشبه بمن يصعد فوق سطح المخيم ليُعلن أن الحياة مستمرة، وأن الفن هو المقاومة الجميلة.



تصدير المحتوى ك PDF

صور عن براء تلاحمه: حين يتحوّل صوت المخيم إلى رسالة وطنية



إضافة محتوى