تانيا نابلسي: ريشة من جذور الزيتون وروح من سنابل الصمود

تانيا نابلسي: ريشة من جذور الزيتون وروح من سنابل الصمود

تانيا نابلسي: ريشة من جذور الزيتون وروح من سنابل الصمود

دعاء خليفة

 

تانيا نابلسي: ريشة من جذور الزيتون وروح من سنابل الصمود

 

في عمق مخيم البداوي شمالي لبنان، حيث تتشابك قصص اللجوء بالصمود، تنبض روح فنية لا تعرف الكلل. هنا، تعيش الفنانة التشكيلية تانيا نابلسي، ابنة نابلس التي حوّلت ريشتها إلى لغة وجدانية عميقة تتجاوز حدود الجسد المرسوم لتلامس جوهر القضية الفلسطينية والهوية الإسلامية.

 

تانيا ليست مجرد خريجة فنون جميلة من الجامعة اللبنانية بل هي وريثة لحكاية شعب. فبعد أن نهلت من أصول الفن في معاهدها اختارت أن يكون إبداعها فناً تشكيلياً مقاوماً. هذا الاختصاص ليس مجرد تصنيف بل هو عهد بين الفنانة ووطنها السليب، هي ترسم لا لترفه العين فحسب بل لتوقظ القلب وتشدّ الذاكرة إلى الجذور إلى مدينة نابلس المحتلة التي يتدفق حبها في شرايينها.

 

في مشروعها الفني المستقل، "Tania’s Touch for Art"، يتحول الخشب والقماش والزجاج إلى منابر صامتة تنطق بالرمز، شعارها «روح الإسلام وجذور فلسطين على خشبة وقطعة قماش» يلخص فلسفتها، الفن لديها هو دمج مقدس بين الإيمان والوطن. نجد في أعمالها مزيجاً ساحراً الذي يمنحنا لمحة من روح المشهد. هي لا ترسم شجرة زيتون عادية بل ترسم جذوراً لا ترسم مسجداً بل ترسم روحاً إسلامية متجذرة في الأرض.

 

ما يميز تانيا هو التزامها الوجداني العميق، إبداعها ليس معزولاً عن الواقع؛ فالمشاركات في معارض مثل "حكي ألوان" و"فلسطين: فن وذاكرة" في طرابلس، وتحديداً جدارياتها في أحياء مخيم البداوي، تحوّلها من فنانة إلى شاهدة. هذه الجداريات ليست مجرد زخرفة، بل هي صك ملكية للهوية الفلسطينية على جدران اللجوء تنبض بالمقاومة لتعيد تعريف الجغرافيا المسلوبة.

 

إن الجانب الأكثر إلهاماً في مسيرة تانيا هو تضامنها العملي فالفن لديها ليس للبيع والشهرة بل للتحرير والدعم. تخصيصها لنسبة 30% من أرباح قطعها الفنية لدعم أهلنا في غزة يحوّل كل قطعة فنية تبدعها إلى رسالة تبرع إلى "سهم" من فن يساهم في صمود الشعب. لوحاتها المستلهمة من التراث الفلسطيني والتطريز هي إحياء للهوية برؤية معاصرة ترفض أن يغيب الماضي عن بصر الأجيال الجديدة.

 

 

تانيا بريشتها الوفية وعينها الثاقبة هي أكثر من فنانة تشكيلية، هي راوية فلسطينية تسرد حكايات الصمود والجذور وتحوّل كل مساحة فارغة سواء كانت قطعة خشب أو جدار مخيم إلى وثيقة بصرية حيّة تثبت حق العودة وتؤكد أن "نابلس" ليست مجرد مدينة في الذاكرة بل بوصلة حية في كل ضربة ريشة



تصدير المحتوى ك PDF

مقاطع فيديو


إضافة محتوى