أريج عياش حكاية إبداع من ضياع الأفكار إلى نور الفخار

دعاء خليفة
أريج عياش حكاية إبداع من ضياع الأفكار إلى نور الفخار
في رحلة الحياة، يمرّ كل منا بفترات من البحث عن الذات، لكن قليلين هم من يستطيعون تحويل حيرتهم إلى إبداع حقيقي يلامس أرواح الآخرين. قصة أريج عياش، الشابة التي تخرجت من جامعة أونلاين خلال فترة كورونا، ليست مجرد حكاية عن شابّة وجدت شغفها، بل هي شهادة على قوة الفن في تحويل المشاعر السلبية إلى طاقة إيجابية.
بعد تخرجها بشهادة في العلوم الاجتماعية، وجدت أريج ابنة المخيم نفسها في مرحلة من الضياع، فالدراسة عن بعد حدّت من فرصها في تكوين صداقات، وشعورها بأنها لا تملك أي موهبة كان يثقل كاهلها. كانت هذه الفترة مليئة بمشاعر سلبية لم تجد لها مخرجًا، لكن القدر كان يخبئ لها شيئًا آخر. بالصدفة، شاهدت فيديو عن صناعة الفخار، فأضاءت في ذهنها فكرة: "لم لا أجرب هذا؟"، أحسّت أن هذه الحرفة قد تكون بوابتها للتعبير عن ما بداخلها والتخلص من تلك المشاعر.
بدأت رحلة البحث عن حرفة الفخار في عام 2021، واكتشفت أن هذه الصناعة أوشكت على الاندثار، وأن أدواتها ومصادر المعلومات عنها نادرة، لكن شغفها كان أقوى من هذه العقبات، بحثها قادها إلى أبو الياس في المينا، الذي أصبح معلمها ومصدر خبرتها لمدة ثلاثة أشهر، تعلمت منه أسرار الحرفة، وفي الوقت نفسه كانت تدخر المال لشراء معداتها الخاصة، وبدعم من والدها الذي بنى لها غرفة صغيرة على السطح انطلقت أريج في رحلتها الفنية.
لم يكن الفخار مجرد هواية بالنسبة لأريج، بل تحول إلى وسيلة للتعبير عن حبها لوطنها في عام 2024 بدأت مشروعها الخاص، وأخذت تصنع قطعًا فريدة تعكس هويتها وتراثها. صنعت جرات فخارية صغيرة مزينة بالتطريز الفلسطيني، وتوزعت في الأعراس وحفلات الحنة، لتصبح رمزًا يروي قصة الانتماء، كما قامت بتشكيل خريطة بلدها بأشكال وأحجام مختلفة، ورسمت وكتبت على الفخار لتخليد حكايات وتاريخ وطنها.
بعد أن أتقنت حرفتها وأثبتت نفسها، نقلت أريج عملها إلى مستوى آخر استأجرت محلًا أوسع بجانب المخيم وحوّلته إلى استوديو للفخار والأعمال اليدوية.
لم يكن الهدف من هذه الخطوة مجرد التوسع في العمل، بل توفير مساحة آمنة للآخرين، أصبح الاستوديو ملاذًا للأشخاص الذين يبحثون عن متنفس، حيث يمكنهم تجربة صناعة الفخار والتعبير عن أنفسهم وتفريغ طاقاتهم السلبية من خلال أيديهم.
قصة أريج هي رسالة أمل لكل من يشعر بالضياع، تذكيرًا بأن الإبداع كامن في كل منا، وينتظر فقط الشرارة المناسبة لينير طريقنا.
تصدير المحتوى ك PDF