عن مخيم البقعة/ طبقياََ
عن مخيم البقعة/ طبقياََ
يحيى زكريا
عن مخيم البقعة/ طبقياََ.
لا شك، هناك روّاد أعمال بالمخيم، أولئك الذين نحتوا بالصخر، كي يكونوا ما هم عليه الآن، عدا عن انخراط أغلبهم المبكر ربما منذ الطفولة بالعمل التطوعي الخيري والنضالي لأجل فقراء المخيم ، وأيتامه ومحروميه.. كانوا جنوداً حقيقيِّين.
هناك مثلاً عائلات كالعزة، والشطرات، والعجاجرة، والمحاسرة، وآل سيف، والفايد، وهناك أولاد أبو زر، والحتّاوي، والصادوني، والرّاعي وغيرهم.. هؤلاء أصحاب اعمال تجارية ضئيلة جداً،، مقارنتها بأباطرة التجارة والأعمال في البلد، أولئك تجار اللُّقمة الحلال، عدا عن ثقتي بأن أعمالهم نظيفة لا تتعدى تقديم رغيف الخبز وعلبة الزيت والعدس والرز واللبس الحلال لأهالي المخيم والقرى المحيطة، لم ينهبوا البلد، ولم يتاجروا بقضاياه، ومستقبله/ مستقبلهم.
وهناك عدد كبير من الأكاديميين المغتربين أو ممن سكنوا خارج المخيم (أنا منهم) ولكنّهم ولكنّي نحتنا الصّخر أيضاً، وجُعنا، وعُرِّينا وعملنا في أكثر الأعمال الشاقة التي يمكن تخيلها كي نكون مثلما أحببنا أن نكون:
لم نظلم
لم نأكل حق أحد
لم نُنافس أحد على منصب أو جاه.
بل ظُلِمنا وكثيراً، كان يمكن أن نكون بحال أيسر من ذلك، ولكن الحمد لله (رضا).
بقي المخيم وجهتنا، بيوت أهالينا، ومحطّتنا الأكيدة نحو فلسطين حلمنا مثلما حلم أي عاشق للحرية.
باقي سُكّان المخيم وتعدادهم غير الرسمي يتجاوز الربع مليون، يمكن تصنيفهم من ناحية الأعمال:
الأغلبية هم فنيِّون حرفيِّون وعُمال مهرة متخصِّصيين في الأعمال الإنشائية والخدمات الفندفية وغيرها من الأعمال.
معلمّات ومعلمين.
عمال غير متخصِّصين
تُجار مفرق.. دكاكين بسطات خضار.. وتجارة خردة
عمال وعاملات مستشفيات، وعمال وطن.
هناك فئة موظفات وموظفي حكومة وممرضات وممرضين.
عاملات في مصانع الألبسة، والأغذية المنتشرة حول المخيم.
هناك أعداد هائلة من الخريجيين والخريجات او الذين لم يكملوا الدراسة عاطلين عن العمل.
لمن يتحسَّس هموم البشر، يمكن أن يقول :
البقعة (عاصمة الفقراء والمشرّدين)، (نعم) مشرّدين.. هل تعلمون لماذا؟
لأنهم طُِرِدوا من وطن، تم تهجيرهم قسراً من مُدنهم هناك على ساحل المتوسط، وسهول وجبال فلسطين، نعم مشرّدين لأن لهم قرى وحواضر وأراضي من أخصب بقاع الأرض.
سيعودون إليها، حاملين فضل بلاد اسمها الأردن، وأهل اسمهم أردنيِّين.
هذه البقعة سيِّداتي سادتي.
أنا غير مُتعصِّب للمخيَّم، ولكن أنحازُ عدلاً لقضاياه، مثلما أنحازُ لقضايا القرى حوله.. وللقضايا في وطن أنتمي له مثلما أنتمي لأوطان كثيرة مُستلبة وسليبة.
أنحازُ للفقراء والمسحوقين، أنحاز لظلم تاريخي وقع على تلك الكثافة الهائلة من البشر (أنا منهم).
المخيم ليس عار ولكنّه عورة التاريخ الحديث، لأنه نتاج إبادة جماعيّة منظّمة قامت بها الحركة الصهيونيّة معزَّزة من بريطانيا وأمريكا والغرب عموماً، بتواطؤ مِن أنظمة عربية طاغية لا زالت تعزز من حالة اللجوء والاحتلال.. آل سعود نموذجاً.
أنحازُ للمخيّم للمخيّمات في كل بقاع الأرض وليس البقعة حصراً.. أنحازُ للزَّعتري كمؤامرة ديمغرافية، أنحاز للذين ردموا عليهم المخيم في اليرموك، أنحازُ للسّجن القسري في عين الحلوة والبرج الشمالي، أنحازُ للأطفال في مخيمات القصف الدامي في غزة، أنحازُ للعراقيّين والعراقيّات في مخيمات السّبي في الأنبار والقائم، أنحازُ لخيم الغجر أيضاً في ضواحي المدن الأوروبية.. أنحازُ لمساكن الفقراء في نيبال، وكمبوديا وتشيلي وبوليفيا ونيجيريا والسّنغال..
أنحازُ لكل ذلك (كقضيّة إنسان)
* مخيم البقعة، شتاء ٢٠٢١
* الصور من المخيم.
#موسوعة#المخيمات #الفلسطينية